رامسفيلد في حوار تنشره «الشرق الأوسط»: العالم تغير بعد 11 سبتمبر وتركيزنا منصب على تجنب الخسائر في حرب الإرهاب

وزير الدفاع الأميركي: الرئيس بوش يستمع لكل شخص

TT

يوصف وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد بأنه واحد من «الصقور» في إدارة الرئيس جورج بوش. وقد أصبح يلعب دوراً محورياً، ليس في السياسة الدفاعية لإدارة بوش فحسب، وإنما في السياسة الخارجية كذلك، نظراً للإطار الذي دخلته سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم منذ اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي. وفي هذا الحوار الذي تنشره «الشرق الأوسط» وحذفت منه بعض المقتطفات لاعتبارات سياسية وأمنية، يلقي رامسفيلد الضوء على ما حققته الحملة الأميركية ضد الإرهاب وعلى مدى «تغير العالم» بعد 11 سبتمبر، وفق تعبيره.

* مضى عام ونصف العام على ادائكم القسم لتولي منصبكم الحالي، ثم جاءت الاحداث والمأساة غير المتوقعة والنجاح غير المحدود ايضا. عندما جلست معكم آخر مرة على هذه الطاولة وصفتم أي يوم هنا وكأنه يعادل يومين. وكما علقتم، فإن العام شهد لحظات حاسمة، مثل احداث 11 سبتمبر الماضي. ولكن ما هي في وجهة نظركم الشخصية اكثر الايام اهمية منذ عودتكم الى هذه الوزارة؟

ـ بالتأكيد الايام التي تلت مباشرة هجمات 11 سبتمبر وانا اشاهد الرئيس (جورج بوش) يستمع ويطرح الاسئلة ويدلي بالتعليقات ويتوصل الى قرارات قوية كان هناك تردد حولها منذ 12 و13 و14 سبتمبر. فمجموعة القرارات التي اتخذها كانت لافتة للنظر. هناك عدد من الناس القادرين على اصدار قرارات جيدة، لكنهم يتخذون هذه القرارات بطرق مختلفة. فربما تصاحب عملية التوصل الى القرارات تقلبات في شعور الشخص ومواقفه الى ان يتم التوصل الى القرار في نهاية الامر. كما ان البعض يتراجع عن قراراته بعد اتخاذها.

الرئيس بوش تعامل مع هذا الجانب بصورة مباشرة وبعمق في التفكير وحنكة. فهو يستمع باهتمام لكل شخص ويصل الى احكام حقيقية متعلقة بالموضوع. اعتقد ان من حظ الولايات المتحدة ان يكون في قيادتها شخص يتمتع بهذا النوع من القدرات التنفيذية والقيادية.

* ما هو رأيكم في القرارات التي تتخذ من داخل وزارة الدفاع (البنتاغون)؟ فبوسعي وانا جالس هنا ان اشير الى توجيهات خطط الدفاع والجدل حول الحملة العسكرية والقضايا الاخرى المشابهة.

ـ ثمة مؤشرات ايجابية مثل توجيهات خطط الدفاع والموقف النووي والدفاع الصاروخي والوكالة الفضائية. اعتقد ان العمل بنظام تخصيص وتوزيع الميزانية مؤشر ايجابي في حد ذاته. توصلت الوزارة الى سلسلة من القرارات المتعلقة ببرامج محددة. فالمبادرات وخطة القيادة الموحدة سيكون لها اثر كبير بمرور الزمن، كما اعتقد ان التركيز على التحول وقيادة الامن الداخلي والقيادة الشمالية كلها جوانب ايجابية. كان من المفترض ان يخضع القرار الاستراتيجي لنقاش وجدل واسعين على المستوى القومي، ولكن هذا لم يكن يحدث. طرأت اشياء اخرى واصبحت حقائق ونفذت، ولكن على اساس نقاش محدود نسبيا جرى خارج الوزارة. لا اعتراض على ذلك. في الظروف العادية كان من المفترض ان تخضع هذه القضايا الى قدر كبير من النقاش وجرى ذلك بالفعل في حقب سابقة. العلاقات الاستراتيجية الجديدة التي ظللنا نعمل عليها، التحسينات المتعلقة بنوعية الحياة (التي تعتبر) من القضايا المهمة، التركيز على نظام الادارة بالنسبة لدافعي الضرائب (التي تعتبر) مسألة مهمة .. هذه بعض الأشياء التي يمكن ان اوردها.

* هناك سؤال محدد حول الحملة ضد الإرهاب، ادرك انها على قدر كبير من الاهمية لتحقيق هدفكم في إجراء التحولات المطلوبة ووضع وتخطيط الميزانية.. ماذا كان سيحدث في حال فشل هذا النظام؟

ـ كان التركيز منصبا على تجنب الخسارة اكثر من الانتصار. وبمرور الزمن سيكون واحدا من سلسلة التغيرات البرامجية التي احدثناها والتي سنستمر في تبنيها خلال السنوات المقبلة. اعتقد ان تصديق الكونغرس كان خطوة مهمة، اذ رفضه بأي طريقة بواسطة الكونغرس ربما كان بمثابة عامل سلبي، كما ان المخاطر ربما كانت اكثر من المكاسب في حالة الرفض. ولكن التوقيت جاء مناسبا. الحياة لا بد ان تستمر. اذا خسرنا كنا سنستمر ولكن ربما حدثت بعض العراقيل اذا جاء القرار بالرفض.

* منذ توليكم حقيبة الدفاع، دخلت عبارة «الخطر غير المتوازي» اللغة الشعبية على نحو لم يحدث من قبل.

ـ لا اميل الى هذه العبارة واتمنى لو ان لدي عبارة بديلة. اتمنى لو انني اعرف طريقة افضل للتعبير عن «اسلحة الدمار الشامل». اذا توفر لدي الوقت سأجلس وافكر حولها.

* اذا تحدثنا عن تنظيم «القاعدة» وغيره من الشبكات، فان هذه تعتبر عدوا له قادته وله ميزانياته وقيادته، وبوسع هذه الشبكات إلحاق اضرار بالغة، اذ هي اشبه بالدول التي تملك جيوشا، لكنها ليست دولا وليس لها مقار رئيسية، لكنها عدو فعلي. ما تفعله في هذا المبنى وما يفعله العسكريون هنا شيء حقيقي ومفهوم. ما هي الاشياء التي تعتقد ان على وزارة الدفاع والعسكريين تعلمها كي يصبحوا اكثر قدرة على قتال عدو فعلي مثل هذا العدو؟

ـ اول شيء يجب فعله، كما هو الحال دائما، هو الاعتراف بالحقيقة. فبمجرد الاعتراف بها بالاضافة الى جوانب اخرى يجب فعلها لاغراض الردع والدفاع، يجب ان نضع في الاعتبار ان هذه الاشياء لم تنته بعد. يجب ان نبدأ في تطوير قدرة التعايش في العالم الذي وصفته. يمكن ان نفعل ذلك من خلال الاعتراف بأن العالم قد تغير مع ضرورة فهم هذه المتغيرات والنحو الذي يمكن ان تؤثر فيه هذه المتغيرات بصورة سلبية على الدولة ثم توفير القيادة في هذه الحالة والتوصل الى الفهم المطلوب للوضع واجراء التنظيم والتدريب والتجهيز اللازم للعيش في هذا العالم.

هناك الكثير من المضامين التي صاحبت هذه المتغيرات من ضمنها الحاجة الى سرعة الحركة، والمؤسسات الكبيرة لا تتمتع بهذه السرعة بل تتسم بالبطء والثقل. ربما تكون هذه المؤسسات قوية لكنها ليست بالسرعة المطلوبة. من سمات العالم الذي وصفته انه يتغير يوميا ويراقب سلوكك ويتعدل ويتغير وفقا لذلك بتكلفة قليلة نسبيا وفي وقت اقل نسبيا ايضا. تغييرنا اتسم بالبطء والتكلفة العالية، فيما متغيراتهم يمكن ان تكون اقل تكلفة واكثر سرعة وتحدث خلال فترة زمنية اقصر، لكنها خفية. هناك جانب ايجابي بالاضافة الى الجانب الايجابي الواضح لدى المهاجم ضد المدافع.

* هناك اشخاص في الادارة الاميركية تعرفهم على مدى سنوات طويلة، مثل نائب الرئيس.

ـ نعم.

* ما هو تأثير ذلك على ادائك لوظيفتك؟ فنائب الرئيس صديق قديم.

ـ ان ذلك يساعد كثيرا.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»