وزراء الخارجية العرب يجـمعون في القاهـرة على رفض ضرب العراق وتهديد سورية ولبنان

موسى يطالب بدعم الفلسطينيين ويحمل حركة قرنق مسؤولية فشل مفاوضات السودان

TT

أجمع وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم في القاهرة امس على رفض التهديدات الأميركية لضرب العراق، والتهديدات الضمنية الموجهة الى دول أخرى مثل سورية ولبنان، وأكدوا على ضرورة الخروج بموقف موحد تجاه القضايا المتفجرة في المنطقة، وطرحها في المحافل الدولية وخلال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشار الوزراء في كلماتهم في الجلسة الافتتاحية لاجتماع الدورة 118لمجلس الجامعة العربية التي بدأت فعالياتها أمس، الى أن استمرار الاجتياح الاسرائيلي المدمر للأراضي الفلسطينية واعادة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس واستمرار احتلال الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية، تحديات لا يمكن الوقوف أمامها مكتوفي الأيدي.

وووقف الوزراء دقيقة حداد على أرواح شهداء الانتفاضة الفلسطينيين، ودعوا في الجلسة الافتتاحية التي استغرقت ساعة بمشاركة وفد أميركي يتكون من خمس شخصيات من أصل عربي، إلى اعادة تقييم الموقف العربي وأسلوب التحرك السياسي في ضوء التهديدات الموجهة الى الدول العربية. واستحوذت قضيتا العراق والسودان على الجانب الاكبر من اهتمامات الوزراء الى جانب القضية الرئيسية الاخرى وهي القضية الفلسطينية. واتفق معظم الوزراء في كلماتهم التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية على خطورة التهديدات المحدقة بالامة العربية والامن القومي العربي وطالبوا ببلورة موقف عربي موحد ازاءها.

وطالب وزيرالدولة للشؤون الخارجية الكويتي محمد صباح السالم الصباح، الذي رأست بلاده الدورة السابقة، المجتمع الدولي بالعمل على تحقيق السلام والاستقرار وتوفير الامن لكافة شعوب العالم بلا استثناء. وقال ان المرحلة المقبلة في مسيرة العمل العربي تتطلب التضافر والتضامن والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية وبعضها البعض، مؤكدا أن هذا التعاون هو السبيل الوحيد لمواجهة التهديدات.

ومن جانبه أكد وزير الخارجية اللبناني محمود حمود رفض بلاده لأي تهديدات خارجية ضد العراق، وطالب بموقف عربي واضح وحاسم ازاء هذه التهديدات في ظل الالتزام بالقرارات الصادرة عن قمة بيروت العربية الاخيرة. وقال الوزير اللبناني الذي تولى رئاسة الدورة الحالية لاجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، ان «التهديدات التي تواجه الدول العربية لن تنال من اصرارنا على العمل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، واننا قادرون بوحدة الموقف على مواجهتها».

ودعا حمود نظراءه العرب الى الخروج بموقف عربي موحد في المحافل الدولية وخلال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ بعد أسبوع في نيويورك. وأكد ان استمرار الاجتياح الاسرائيلي المدمر للأراضي الفلسطينية واعادة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس واستمرار احتلال الجولان العربي السوري ومزارع شبعا اللبنانية «انما هي تحديات لا يمكن ولا يجب ولا يجوز الوقوف امامها مكتوفي الايدي»، مشيراً إلى أن اسرائيل لم تسمح بأي جهد دولي يهدف الى اعادة احياء مسيرة السلام وهي تراهن الآن على فرض أمر واقع جديد كما تحاول فرض حلول أمنية بالقوة متجاهلة الحقوق والثوابت وارادة المجتمع الدولي.

ودعا الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى تحرك سريع لتفادي توجيه ضربة عسكرية للعراق، وقال في خطابه في الجلسة الافتتاحية «ان اصرارنا واصرار المجتمع الدولي معنا ينصب على التحرك السريع لتفادي ضربة عسكرية ضد العراق والعمل مع القوى الفاعلة في العالم على تشجيع مواصلة الحوار القائم بين العراق والامم المتحدة وتنفيذ قرارات مجلس الامن وتسوية المشاكل العالقة وعلى رأسها موضوع عودة المفتشين» لنزع الاسلحة الى العراق. واكد موسى ان «الحكومة الاسرائيلية والمؤسسة العسكرية سدت كل الآفاق امام المبادرات والمحاولات السلمية العربية والدولية واصبحت تضع العراقيل تلو الاخرى امام اي مؤشر للخروج من دائرة العنف». وطلب من الدول الاعضاء مواصلة تقديم المساعدة المالية للفلسطينيين البالغة قيمتها 330 مليون دولار والتي تقررت اثناء القمة العربية الاخيرة التي عقدت في بيروت نهاية مارس (اذار) الماضي.

وحول الازمة في السودان، اعرب موسى عن اسفه لتوقف المفاوضات بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين، محملا الجيش الشعبي لتحرير السودان مسؤولية ذلك. ودعا الى «تحقيق المصالحة الوطنية والمحافظة على وحدة السودان». وقال ان «المفاوضات تعرضت لوقفة مؤخرا بسبب هجوم الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق على توريت، وهو ما يؤكد ضرورة الوقف الكامل لاطلاق النار والعودة الى الاوضاع التي كانت قائمة في تاريخ توقيع بروتوكول السلام» في العشرين من يوليو (تموز) في ماشاكوس (كينيا).

من جهته حذر وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في الجلسة المغلقة التي عقدت عقب الجلسة الافتتاحية من ان التهديدات التي تتعرض لها عدد من البلدان العربية خاصة العراق والسودان وسورية ولبنان ومصر والسعودية، تهديدات حقيقية، واتهم العرب بأنهم لا يتعاملون بجدية مع هذه التهديدات، وقال ان الآخرين يستخفون بالعقول العربية والمصداقية والقدرات العربية، مطالبا بأن يطرحوا «اشارات استفهام حول الاستخفاف بهم». وطالب الشرع العرب بالتخطيط للمستقبل قائلا «اننا كلنا في الجامعة العربية ضد ضرب العراق وما يحدث في الأراضي الفلسطينية، وان ما يحدث حاليا أخطر مما كان يحدث قبل ثلاثة أشهر»، وأشار الى ان الفضائيات العربية «لم تعد تنقل ما يجري في الأرض المحتلة على وجه الدقة». وانتقد الشرع موقف المجتمع الدولي لصمته إزاء مقتل الفلسطينيين ويملأ العالم ضجيجا حين يقتل اسرائيلي.

وقال الوزير السوري ان هناك غموضا شديدا حول مصير المبادرة العربية للسلام، وان «الولايات المتحدة بدلا من أن تعمم المبادرة وتعمقها صعدت لهجتها ضد بعض الدول العربية. وهذا شيء غريب في تاريخ العلاقات الدولية»، وأوضح ان «اسرائيل لم تحلم طوال تاريخها بأن تأخذ مثلما أخذته من هذه المبادرة العربية والسلام، ومع ذلك رفضتها». وأضاف انه «عندما يتقدم الآخرون مثل الدنمارك وغيرها بمبادرات للسلام لا يأخذون المبادرة العربية بصورة جدية»، وطالب الشرع بموقف عربي يخدم المصالح العربية والأمن القومي العربي.

من ناحية اخرى اكد عمرو موسى بعد لقائه وزير الخارجية العراقي الدكتور ناجي صبري الحديثي، على ضرورة اعطاء فرصة للعراق والامم المتحدة للتفاهم والتوصل الى اتفاق. وجدد التأكيد على الموقف العربي الواضح في رفضه للقيام بأي اعمال عسكرية ضد العراق، وقال ان اليمن تقدم بمشروع قرار في هذا الشأن وسيتم التداول بشأنه خلال اعمال مجلس وزراء الخارجية العرب، مشيرا الى ان مشروع هذا القرار كان محل نقاش مع وزير خارجية العراق خلال لقائهما.

ومن جهته اكد وزير خارجية العراق ثقة بلاده في الجهد الذي تبذله الامانة العامة المتعاملة مع الملف العراقي، مشيرا الى ان العراق حريص على ان تتم مناقشة كل التهديدات التي يلوح بها ضد عدد من الدول العربية بما في ذلك العراق.

وكان موضوع التهديدات التي تواجه الدول العربية محل مشاورات اجراها الامين العام مساء اول من امس ايضا مع وزير الدولة البحريني للشؤون الخارجية الدكتور محمد عبد الغفار، وقال الوزير البحريني للصحافيين انه استعرض مع الامين العام سبل تحقيق التضامن العربي للحيلولة دون تعرض امن واستقرار المنطقة العربية لاية مخاطر، مشيرا الى ان مواجهة المخاطر التي تحدق بالامة العربية ليست فقط مخاطر سياسية وانما هناك مشاكل لها ابعاد اقتصادية ويجب التعامل معها بنفس القدر من الاهتمام.

* لقطات

* يشارك أربعة أميركيين من أصل عربي في اجتماع الدورة 118 لمجلس الجامعة العربية المنعقد حاليا بالقاهرة وهم جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الاميركي والدكتور زياد عسيلي رئيس اللجنة العربية الاميركية لمكافحة التمييز العنصري وكل من ناصر بيدون واحمد غباني ممثلين عن غرفة التجارة العربية الاميركية، كما يمثل غباني في نفس الوقت اللجنة العربية الاميركية لمساعدة المهاجرين وغير المهاجرين العرب.

* لم يتخلف عن الاجتماع سوى وزيري خارجية المغرب وجيبوتي، حيث مثل الاولى كاتب الدولة الاول للشؤون الخارجية الطيب الفاس، ومثل الثانية مندوبها الدائم لدى الجامعة.

* 5 مرشحين يتنافسون على ثلاثة مناصب بدرجة امين عام مساعد للجامعة العربية الاول للشؤون السياسية والدولية والثاني للشؤون الادارية والمالية والثالث للأمن القومي، ومن بين المتنافسين مصريان هما السفيران سيف اليزل المرشح للمالية والادارية وعلي ماهر سفير مصر السابق في باريس والمرشح للشؤون السياسية الدولية وهو المنصب الذي تتمسك به سورية، اما المرشحون الاخرون فهم من اليمن وسورية والكويت.

* في تصريحات للصحافيين عقب لقائه وزير الخارجية المصري احمد ماهر مساء اول من امس، نفى وزير الخارجية الاردني ما أثير بشأن اتفاق بين الاردن واسرائيل على مشروع ربط للمياه بينهما أو ان ذلك يعكس تعاونا بين عمان وتل ابيب، واوضح ان الامر لا يتجاوز ربط مياه البحر الاحمر بالبحر الميت عبر انبوب لتجنب وقوع كارثة بيئية.