متآمرو 11 سبتمبر كانوا يخاطبون عطا بـ«الرئيس» وكل رحلات الاستكشاف شملت التوقف في لاس فيغاس

حنجور أول من وصل إلى أميركا والحازمي أبلغ الشرطة بتعرضه لمحاولة سرقة و«مجموعة العضلات» قدمت على دفعات

TT

كشف تقرير لمكتب المباحث الفيدرالي الأميركي (اف. بي. آي) عن مؤامرة 11 سبتمبر أمس ان محمد عطا كان يعرف بين الخاطفين باسم «الرئيس» وانه كان يلتقي شهريا مع مساعد له قبل الهجمات. كما كشف التقرير كيف نسق واحد من الخاطفين مجموعة «العضلات» التي سيطرت على الركاب.

وقال التقرير ان خالد المحضار الخاطف الذي ارتطم بطائرته في البنتاغون ولاحقته وكالة الاستخبارات المركزية «سي. آي. ايه» في الشهور التي سبقت الحادث، نظم وصول مجموعة الخاطفين للولايات المتحدة الذين ساهموا في السيطرة على الرحلات ودفعوا بالركاب في بعض الحالات الى مؤخرة الطائرة.

وكشفت التقرير وهو عبارة عن بيان مكتوب قدمه في شهر يونيو (حزيران) الماضي مدير مكتب المباحث الفيدرالي روبرت مولر في اجتماع مغلق، ان خاطفا اخر هو نواف الحازمي، كان يعيش علنا في الولايات المتحدة قبل الهجمات لدرجة انه اتصل بالشرطة عندما اصبح ضحية لمحاولة سرقة في فيرفاكس بولاية فرجينيا في اول مايو (أيار) 2001، ولكنه لم يواصل الاجراءات.

وتجدر الاشارة الى ان الكشف عن بيان مولر من قبل لجنة الكونغرس المشتركة التي تحقق في هجمات 11 سبتمبر جاء بعد يوم من دفاع المسؤولين اللذين كانا مسؤولين عن مكافحة الارهاب في وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث في 11 سبتمبر عن اداء وكالتيهما، اللتين تعرضتا لانتقادات خلال جلسات الاستماع التي عقدتها لجان الاستخبارات واستمرت لمدة اسبوعين. وذكر كل من ديل واتسون، الذي سيتقاعد في الشهر الحالي كرئيس لوحدة مكافحة الارهاب في مكتب المباحث، وكوفر بلاك الذي كان يرأس حتى فترة اخيرة مركز مكافحة الارهاب في وكالة الاستخبارات المركزية، ان الميزانية الاضافية التي تلقياها لمكافحة الارهاب في التسعينات لم تكن كافية لمواجهة التهديدات.

وقال بلاك انه قبل 11 سبتمبر كان يعمل في مركز مكافحة الارهاب مجموعة محدودة من الموظفين لا يزيد عددهم عن عدد اعضاء ثلاث سرايا مشاة. واضاف «ثلاث سرايا مشاة يمكنها تغطية جبهة من عدة كيلومترات. بينما مركزنا يتحمل مسؤوليات عالمية لكل التهديدات الارهابية».

وقال مولر في بيانه انه بعد واحد من اكثر التحقيقات تركيزا لمكتب المباحث، لم تتمكن المباحث من تحديد اي شخص في الولايات المتحدة فيما عدا الخاطفين انفسهم الذين كان لديه معلومات مسبقة عنهم.

وافاد مولر «كان الخاطفون، وهم هنا، يعملون بدون اية شكوك، ولم يفعلوا ما يمكن ان يلفت انتباه اجهزة تطبيق القانون، ولم يفعلوا ما يمكن ان يعرضهم للمراقبة الداخلية. وطبقا لما نعرفه، لم يتصلوا بأي متعاطف معروف مع الارهابيين في الولايات المتحدة. ولم يرتكبوا جرائم، فيما عدا مخالفات مرورية بسيطة. وكانوا يتصرفون ويلبسون مثل الاميركيين، ويتسوقون ويتناولون طعامهم في اماكن مثل وول مارت وبيتزا هات».

وتجدر الاشارة الى ان شهادة مولر بخصوص المحضار والحازمي هامة لأنها تكشف تفاصيل جديدة عن الدور الذي لعبه الخاطفان وتلاحقهما اجهزة الاستخبارات قبل الهجمات. وقد ركزت تحقيقات الكونغرس على تعامل كل من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي مع المعلومات الخاصة بكل من المحضار والحازمي في الثمانية عشر شهرا التي سبقت الهجوم.

وكشف مولر في بيانه المكتوب عن تلك المعلومات ايضا:

* اشارت رسالة عبر الهاتف الجوال من زياد جراح الى عطا باسم «الرئيس»، وهو ما يؤكد وجهة نظر السلطات بأنه زعيم المؤامرة.

* خلال صيف 2001، التقى بعض الخاطفين من بينهم عطا ونواف الحازمي، وجها لوجه في لقاءات شهرية منتظمة، ذكر مولر انها تهدف الى مناقشة وضع العملية والاستعدادات الاخيرة للهجمات.

* في حركة منسقة في الايام التي سبقت الهجمات انتقل الخاطفون من اماكن مختلفة في الولايات المتحدة الى نقاط الانطلاق المختلفة، وبدأ البعض منهم في التجمع في 5 سبتمبر (أيلول) 2001 والبعض الاخر في 8 سبتمبر.

* اتصل الخاطفون مع بعضهم البعض كثيرا بإستخدام 133 بطاقة للاتصال الهاتفي المدفوعة من اكشاك الهاتف العمومي، والهاتف الجوال وغيرها من خطوط الهاتف.

* مول الخاطفون نشاطاتهم باستخدام حسابات مصرفية في المصارف الاميركية وبطاقات الائتمان، كما احتفظ البعض بحسابات مصرفية مشتركة مع خاطفين اخرين او شاركوا في شراء تذاكر الطائرات.

* اول من دخل الولايات المتحدة من الخاطفين كان هاني حنجور، الطيار الذي قاد الطائرة رقم 77 التابعة لشركة اميركان ايرلاينز، والذي وصل الى نيويورك في 3 اكتوبر عام 1991 من السعودية.

* حاول رمزي بن الشيبة، وهو يمني القي القبض عليه في باكستان وتم تسليمه الى السلطات الاميركية، تسجيل اسمه في مركز للتدرب على الطيران في فنيس بولاية فلوريدا وفي اغسطس (آب) 2000 حول 2200 دولار الى المدرسة.

* عندما انتهى الخاطفون من التدرب على الطيران، قاموا بسلسلة من رحلات الطيران الاستكشافية في الدرجة الاولى في رحلات عبر الولايات المتحدة من الساحل الشرقي الى كاليفورنيا.

* شملت كل رحلة استكشاف التوقف في لاس فيغاس خلال رحلة العودة، ذكر بعض المسؤولين انها كانت تهدف للراحة. وقال مولر ان السلطات لم تكن متأكدة من هدف التوقف في لاس فيغاس.

* وصل الخاطفون غير الطيارين كل اثنين على حدة خلال فترة قصيرة نسبية في عام 2001. ووصل اول اثنين في 23 ابريل (نيسان) واخرهما في 29 يونيو (حزيران) من العام الماضي.

وفي يناير (كانون الثاني) 2000 اكتشفت وكالة الاستخبارات المركزية ان المحضار شارك في اجتماع للنشطاء المشتبه في عضويتهم لـ«القاعدة» في ماليزيا، وكان مسافرا بصحبة الحازمي. وفي يناير من العام الماضي، توصلت الوكالة الى نتيجة مؤداها انهما من اعضاء القاعدة، ولكن الوكالة لم تسأل عنهما الا في اواخر اغسطس من العام الماضي عندما وضعا على قائمة المراقبة التابعة لوزارة الخارجية لمنع دخولهما للبلاد. ولكنهما كانا في الولايات المتحدة بالفعل.

وذكر بلاك للجنة المشتركة أمس ان الوكالة اخطأت بعدم طلب وضع الرجلين في قائمة المراقبة في وقت مبكر.

ويكشف تقرير مولر ان مكتب المباحث علم الكثير عن باقي الخاطفين والدعم المالي الذي تلقوه من نشطاء للقاعدة في الخارج. وكشف ان المحققين صمموا على ان خالد الشيخ محمد، الذي يعتقد انه رئيس عمليات القاعدة كان واحدا من عدة اشخاص الذين قدموا دعما ماليا مباشرا او غير مباشر للخاطفين. وتكشف سجلات بطاقات فيزا الصادرة باسماء وهمية يعتقد ان خالد الشيخ كان يستخدمها، عن واحد من اكثر الادلة الدامغة على علاقة قادة القاعدة بالخاطفين.

وقال مولر ان المؤامرة «تم اعدادها وتمويلها في الخارج خلال عدة سنوات» وان عطا الزعيم المشتبه في المجموعة، اجرى اتصالات بخصوص مدارس التدريب على الطيران في الولايات المتحدة في مارس (آذار) 2000، عندما بعث برسالة الكترونية من المانيا الى العديد من مدارس تدريب الطيران في الولايات المتحدة. وقال مولر انه تم اختيار الخاطفين بهدف عدم لفت الانتباه.

وادلى جورج تينيت مدير وكالة «سي. آي. ايه» بمعلومات عما هو معروف وهو الجزء الذي نظم في الخارج من المؤامرة في نفس اليوم الذي تحدث فيه المسؤولون في المكتب والوكالة.

واستكملت جلسات الاستماع التي عقدت أمس الاسبوع الثاني من الشهادات التي تعقدها اللجنة المشتركة للكونغرس، وقدمت الفرصة للمسؤولين الكبار في مكتب المباحث ووكالة الاستخبارات للرد على النتائج الاولية للتحقيق المشترك.

وقد ذكر كل من بلاك وواتسون انه من الصعب الحكم على الطريقة التي تعاملا بها مع الارهاب قبل 11 سبتمبر بالمستويات المفروضة عقب الهجمات.

واعرب واتسون عن اعتقاده بعدم وجود ارادة سياسية في البلاد قبل 11 سبتمبر، من اجل حرب شاملة ضد الارهاب من النوع الذي تشنه البلاد منذ الهجمات. وقال ان المعركة الدفاعية لمكتب المباحث يستحيل تحقيق الانتصار فيها. وافاد «نحن مثل حارس المرمى. يمكننا منع 99 هدفا، ولا أحد يتحدث عن ذلك. والامر الوحيد الذي يحب الجميع التحدث عنه هو الهدف الذي يصيب المرمى».

واقترح بلاك انه تبينت لوكالة الاستخبارات قبل 11 سبتمبر ان الاعمال العسكرية في افغانستان هي الطريقة الوحيدة للقضاء على القاعدة، الا ان البلاد لم تكن مستعدة لذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»