واشنطن ولندن تتجاوزان خلافاتهما حول مشروع القرار الجديد بشأن العراق وتنقلان المعركة الدبلوماسية من مجلس الأمن إلى باريس وموسكو

TT

أكدت وزارة الخارجية البريطانية ان بريطانيا والولايات المتحدة اتفقتا على نص لمشروع قرار دولي جديد يطلب من العراق نزع أسلحته، واضافت ان لندن تطلب اجراء «عمليات تفتيش قاسية». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية مساء اول من امس «بعد عدة ايام من المناقشات، اتفقنا مع الولايات المتحدة على عناصر لمشروع قرار ونجري الآن محادثات مع شركاء آخرين في مجلس الامن الدولي» بهذا الخصوص. واضاف «كما سبق وقلنا، لا بد من اجراء عمليات تفتيش قاسية وتوضيح ذلك في نص يعتمده مجلس الامن، سيساعد المفتشين الدوليين».

وامتنع المتحدث عن الرد على سؤال لمعرفة ما اذا كان مشروع القرار يتضمن استخدام القوة العسكرية في حال رفض العراق الانصياع الى عمليات التفتيش عن الاسلحة. وأكد وزير الخارجية الاميركي كولن باول امس خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي ان واشنطن ولندن اتفقتا حول «عناصر» قرار جديد تريدان استصداره عن مجلس الامن الدولي بشأن نزع السلاح العراقي، وانهما ستقدمان نصا واضحا لمشروع القرار للاعضاء الاخرين في مجلس الامن. وتتفق لندن مع واشنطن على ضرورة تهديد العراق بعمل عسكري في حال رفض الانصياع الى قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالتخلي عن اسلحته للدمار الشامل.

الى ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية غربية أن السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة جيرمي غرينستوك عندما اجتمع مع الأعضاء الـ 10 غير الدائمين في مجلس الأمن في نهاية الأسبوع الماضي قال لهم «إذا اردتم تجنب شن حرب ضد العراق ما عليكم إلا أن تقبلوا بقرار يوجه إنذارا حقيقيا لنظام صدام حسين». وذكرت نفس المصادر التي رفضت ذكر اسمها أن ثمة إجماعا على ضرورة أن تنفذ الحكومة العراقية كل قرارات مجلس الأمن وأن قرار بغداد في القبول بعودة المفتشين قد يمنح الفرصة لامتحان نظام صدام حسين في مدى جدية القرار الذي اتخذه بالعودة غير المشروطة لمفتشي الأمم المتحدة. واضافت: ان الولايات المتحدة سعت إلى صيغة مشروع قرار يطمح أولا إلى تغيير مهمات مفتشي الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش على برامج العراق العسكرية (انموفيك ) لتزيد على المهمات التي حددها قرار مجلس الأمن الشامل 1284 التي تتمثل بالسماح غير المشروط وغير المحدد في تفتيش كل المواقع والأماكن التي تريد اللجنة تفتيشها. لكن الوفد الأميركي وجد نفسه في مواجهة مع نظيره البريطاني حول صيغة نص مشروع القرار الجديد الذي يحتوي على شقين، حسب قول مصدر دبلوماسي بريطاني، يتمثل الجزء الأول من مشروع القرار بتعزيز مهمات مفتشي الأمم المتحدة ويتمثل الجزء الثاني بتحذير العراق من العواقب الوخيمة الذي يعني توجيه ضربة عسكرية ضد العراق في حالة انتهاكه لمهمات مفتشي الأمم المتحدة. ويقول المصدر البريطاني إن الصعوبة قد تجلت في صياغة الشق الثاني من نص مشروع القرار التي تتعلق بالتهديد في توجيه ضربة عسكرية ضد العراق والتي تعني في وجهة النظر الأميركية التفويض بإطاحة نظام صدام حسين. وأفادت المصادر بأن المعركة حول نص مشروع القرار الجديد قد انتقلت إلى عواصم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، خصوصا في موسكو وباريس ولندن. وتضيف نفس المصادر، هذا ما يفسر قرار وزارة الخارجية الأميركية بإيفاد مارك غروسمان المسؤول الرفيع في الوزارة إلى موسكو وباريس بشأن التفاوض حول لغة نص مشروع القرار الجديد قبل تقديمه إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وقد اعترف وزير الخارجية الأميركي كولن باول في شهادته أمام الكونغرس بصعوبة المفاوضات التي تخوضها الولايات المتحدة مع بقية الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وقد نجحت فرنسا في إقناع الصين بضرورة التحرك في مرحلتين من خلال صدور قرارين، الأول يتعلق بضمان عودة المفتشين من دون تغيير مهمات لجنة مفتشي (انموفيك). والثاني الذي يهدد باستخدام القوة العسكرية والذي قد يصدر في حالة قدم رئيس اللجنة السفير هانز بليكس أو مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريرا إلى مجلس الأمن يؤكد أي واحد منهما حصول انتهاك أو تجاوز لمهمات مفتشي الأمم المتحدة. وإزاء الموقف البريطاني والأميركي من جهة والموقف الفرنسي والصيني من جهة أخرى تغرد موسكو باتجاه آخر وتؤكد عدم الحاجة الى صدور أي قرار جديد من مجلس الأمن وقد عبر بوضوح عن هذا الموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلا: «نحن نفضل حلا سريعا بشأن الحالة في العراق على أساس قرارات مجلس الأمن الحالية وعلى أساس قواعد ومبادئ القانون الدولي». الى ذلك، انتقد ايجور ايفانوف وزير الخارجية الروسية ما صدر عن القيادة البريطانية من تصريحات تتهم فيها العراق بامتلاكه لاسلحة الدمار الشامل. وقال ان الخبراء وحدهم الذين يستطيعون الحكم. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تناول المسألة العراقية في مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي جاك شيراك من منظور ضرورة حشد الجهود الدولية من اجل التوصل الى حل سلمي يتسق مع قرارات الامم المتحدة. وقالت المصادر الروسية ان الرئيسين تناولا ايضا بعض جوانب الاوضاع في الشرق الأوسط. واشارت المصادر الى ان العاصمة الروسية تنتظر غروسمان، لكن موسكو ملتزمة بما قاله الرئيس فلاديمير بوتين في اثناء تسلم اوراق اعتماد عدد من السفراء الجدد ومنهم السفير العراقي، حول ضرورة سرعة تجسيد قرارات القيادة العراقية حول استئناف نشاط المفتشين الدوليين. واشار بوتين الى ان ذلك سيسمح بتوفير الاجابات على قلق المجتمع الدولي.