ضباط كبار في جيش الاحتياط الإسرائيلي يطلقون حملة ضد سياسة رئيس الوزراء

TT

تبلورت في اسرائيل حركة سلام جديدة تدعى «مجموعة الدفيئة»، تضم عددا من كبار الضباط السابقين في الجيش والشرطة وغيرهما من اجهزة الامن، قالت ان هدفها توحيد كل حركات السلام غير الحزبية في اطار نضالي واحد ضد سياسة حكومة رئيس الوزراء ارييل شارون الحربجية والضغط الجماهيري الكبير والعميق من اجل اعادة احياء مسيرة السلام مع الفلسطينيين والعرب أجمعين.

والدم المميز لهذه المجموعة، فضلا عن كونهم عسكريين سابقين وبعضهم خلع بزته العسكرية فقط قبل بضعة اشهر، انهم ليسوا معدودين على قوى اليسار بأي حال من الاحوال، بل ان الانطباع السائد عن معظمهم انهم يمينيون ومعادون للعرب، مثل الجنرال اليك رون، الذي ما زال، رسميا، ضابطا كبيرا في الشرطة، وعرف عنه انه كان من الضباط الشرسين في المناطق الفلسطينية المحتلة، ونقل من الجيش الى الشرطة في فترة حكم رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق بنيامين نتنياهو المتطرف وتسلم قيادة اللواء الشمالي للشرطة، وهو اللواء الذي يضم حوالي 70 في المائة من المواطنين العرب في اسرائيل (فلسطينيي 48)، مما فهم انه عملية تخويف لهم. وبالفعل، تحت قيادة إليك رون، اطلقت الشرطة الرصاص على المتظاهرين العرب المحتجين على مجزرة الاقصى قبل سنتين فقتل 13 شابا منهم وأصيب المئات. ويمثل رون حاليا امام لجنة تحقيق قضائية بسبب دوره في هذه الجريمة.

لذلك، فان وجوده ضمن هذه المجموعة يعتبر غريبا جدا. لكن المقربين منه يقولون ان انعطافا كبيرا حصل في مفاهيمه تجاه الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، خصوصا ان زوجته تعتبر من ابرز نشطاء السلام في البلاد. وهو ليس الوحيد من هذه النوعية، كما اشرنا سابقا. ومثله عدد آخر من كبار الضباط المعروفين بتاريخهم الحافل في قمع الفلسطينيين.

فهناك ضابطان كبيران قادمان من الوحدة العسكرية القتالية المشهورة «وحدة رئاسة هيئة الاركان»، التي نفذت الاغتيالات الكبرى ضد قادة فلسطينيين مثل خليل الوزير (ابو جهاد) في تونس، وغسان كنفاني في بيروت وغيرهما، وهما: موكي بيتس وغبري غورن. وهناك ثلاثة ضباط كبار من المخابرات العامة (الشاباك) هم: عاموس غورن ويوسي حين وحنان فيتلاس. وهناك ضباط كبار في جيش الاحتياط امثال العميد غيورا عنبار والعقيدين يوفال دبير واوري زكاي.

ويقوم برنامج السلام الذي تطرحه المجموعة على المبادئ التالية: ازالة الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية والعربية المتواصل منذ عام 1967 والانسحاب الى الحدود التي سبقت هذا الاحتلال مع تعديلات طفيفة برضى الطرفين، واخلاء المستوطنات اليهودية، واقامة دولة فلسطينية مستقلة، والسعي لاقامة علاقات حسن جوار بين الدولتين، وتعاون اقتصادي وثقافي للتخفيف من حدة العداء والقضاء على العنف.

ويقول عاموس غورن ان حركات السلام في اسرائيل كثيرة جدا. لكنها تضيع طاقاتها هباء. فاذا توحدت في نشاطات مركزية، كلها كحركة واحدة، يمكنها ان تغير الاجواء في اسرائيل.

ويبلغ عدد افراد هذه المجموعة اليوم حوالي 80 شخصا، معظمهم خدموا سنين طويلة في الاجهزة الامنية، ويلتقون في ظهيرة الجمعة من كل اسبوع، منذ حوالي سبعة اشهر، لكنهم قرروا اطلاق حملة التوحيد ضد شارون فقط في الاسبوع الماضي. وامتنعوا حتى الآن عن التوجه الى الصحافة للنشر عن نشاطاتهم. ولكن قبل اسبوعين قرروا التظاهر امام مكتب وزير الدفاع في تل ابيب احتجاجا على احتلال مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وهدم معظم مبانيه واعادة الحصار عليه. ويؤكدون: «نحن لسنا موهومين ازاء عرفات. فهو لا يثير اعجابنا. ويفضل لنا ان يكون رئيس الشعب الفلسطيني انسانا آخر. ولكن لا نعتقد ان اسرائيل مسؤولة عن تغييره. فطالما يريده شعبه علينا ان نتعامل معه».

ويقول رموز هذه الحركة انه عندما سمع الوزير بنيامين بن اليعزر عن هذه الحركة ابلغ شارون، واتصل فورا بأناس مقربين منهم طالبا الغاء المظاهرة. ويضيفون «عندما عرفنا ان تحركنا مهم وان اثره على الحكومة وعلى المؤسسة العسكرية بالغ، قررنا استغلال الوضع. واشترطنا الغاء المظاهرة بعقد جلسة مع الوزير لنتحاور معه في الاوضاع الحالية، لكنه رفض. فهو يعرف ان البضاعة التي يبيعها في السوق، لا يستطيع بيعها لنا. فنحن نعرف الجيش اكثر منه. ونعرف المصلحة العسكرية والامنية لاسرائيل ليس اقل منه. ولا يستطيع الادعاء امامنا بأشياء يقولها للصحافة او للدبلوماسيين الغربيين»، كما قال غيورا عنبار. ولهذا قرروا الاستمرار في المظاهرة، لكنها لم تلق الرواج الاعلامي المناسب، «ويبدو ان الصحافيين الميدانيين لم يعرفوا من نحن. حسبوا اننا مجرد حركة سلام اخرى. فالتقطوا صورة للمظاهرة وغادروا».