إريتريا تنفي تورطها في المعارك شرق السودان والقذافي يشكل لجنة من عسكريين ومدنيين للتحقيق في الاتهامات

TT

نفت اريتريا رسميا الاتهامات التي وجهتها اليها الحكومة السودانية حول تورطها في المعارك التي وقعت في اليومين الماضيين في شرق السودان، وأعربت عن استعدادها لاستقبال لجنة تحقيق للتأكد من هذا الامر. ونقلت وكالة الانباء الليبية (جانا) عن الرئيس الاريتري اسياس افورقي قوله في اتصال مع الزعيم الليبي معمر القذافي، ان «هذه المعلومات غير صحيحة واريتريا لا علاقة لها بما حصل في السودان».

وحسب الوكالة فان السودان طلب من العقيد القذافي التدخل لدى اريتريا بصفته رئيس مجموعة دول الساحل والصحراء (كوميسا) التي تضم 18 دولة افريقية من بينها السودان واريتريا، كما عبر الرئيس الاريتري من جهة ثانية عن «استعداد بلاده للموافقة على استقبال لجنة تحقيق» سبق ان قرر الزعيم الليبي تشكيلها. وكانت الخرطوم اتهمت اول من امس اسمرة بانها تقف وراء الهجوم الذي قامت به قوات تحالف المعارضة في شرق السودان.

وأعلن وزير الوحدة الافريقية علي التريكي ان بلاده شكلت لجنة «عسكرية مدنية»، لاجراء تحقيق حول اتهامات السودان لاريتريا بالسماح لقوات المعارضة بقيادة العقيد جون قرنق بشن هجوم من أراضيها. وقال التريكي في بيان صحافي ان اللجنة المعنية «باشرت على الفور مهمتها وانه تم ابلاغ الحكومة السودانية بهذه الاجراءات».

وقال يرمين جبرمسكل المستشار بمكتب رئيس اريتريا «انه كذب مطلق. انه امر معتاد. كلما شنت المعارضة (السودانية) عملا عسكريا تتهم حكومة الخرطوم الدول المجاورة بمساعدة المعارضة». وقال يرمين ان اريتريا تشارك في جهود اقرار السلام في السودان ولن تساعد القوات المعارضة. وأضاف «نشارك بشكل نشط في عملية السلام. المتمردون يقاتلون في كل مكان. لا يمكننا التأثير على المعارضة».

من جهته قال ياسر عرمان نائب الناطق باسم المعارضة السودانية لـ«الشرق الاوسط» ان وجود المعارضة السودانية في اريتريا هو وجود دبلوماسي وسياسي، مشيرا الى وجود مكاتب للحركة الشعبية لتحرير السودان من القاهرة شمالا الى كيب تاون بجنوب افريقيا، ومن باريس الى واشنطن. وقال «لا غرابة ان يكون لنا حضور في كل دول الجوار، لا سيما ان هذه الدول صاحبة مبادرات في الحل السلمي في السودان». واشار عرمان الى ان ان الاتهامات التي يوجهها النظام السوداني الى اريتريا «مكررة وعديمة الجدوى»، واضاف «من قبل اتهم النظام بلدان مثل مصر وتنزانيا وجنوب افريقيا». وقال ان الحرب الحالية بدأت قبل استقلال اريتريا واستمرت بعدها. واوضح ان اريتريا لا تجاور توريت او جنوب النيل الازرق، وقال «هناك مناطق لا تجاور أي بلد خارجي مثل جبال النوبة». وأكد عرمان ان الازمة سودانية الجذور «وعلى النظام ان يتجه للحل السلمي لا سيما انه النظام الذي اوى من قبل منظمات وشخصيات مصنفة في خانة الارهاب». وواصلت الحكومة السودانية من جانبها اتهاماتها لاريتريا بالاشتراك في العمليات التي تجري في الشرق، وحذرتها من مغبة استمراراها في دعم الحركة، وتوعدتها «بالشكوى لدى مجلس الأمن والاتحاد الافريقي والجامعة العربية». وقال مصطفي عثمان اسماعيل وزير الخارجية في مؤتمر صحافي امس ان «العدوان الاريتري على السودان ليس غريبا، فالناطق الرسمي (للحركة) يعلن عن عملياته التدميرية من اسمرة والمعسكرات التي يتدرب فيها المتمردون داخل اريتريا، واذاعة المعارضة ورغم النكران تنطلق من هناك، والهجوم على طول 180 كلم في وقت واحد وعلى ثماني جبهات وبأسلحة لم نعهدها لدى المتمردين، دلالة واضحة على المشاركة». وأوضح الوزير ان «الحكومة السودانية ابلغت الحكومة الاريترية عبر رسالة من الرئيس عمر البشير لأفورقي بأن ما يجري ليس في مصلحة البلدين ورغم ذلك استمرت العمليات يومي الخميس والجمعة وحتى الآن». وحذر مصطفي اسماعيل اريتريا قائلا ان «السكوت على هذا الفعل فيه مساس بمقدرات الشعب السوداني، وبما ان اريتريا قررت ان تشن عدوانا علي السودان فإن الحكومة سترد سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا». وكشف الوزير النقاب عن اتصالات اجراها البشير مع الرئيسين المصري حسني مبارك والليبي معمر القذافي لإطلاعهما على تفاصيل الوضع في الشرق، كما اتصل بنظرائه في مصر واليمن واثيوبيا وقطر لإطلاعهم على الوضع. وردا على اسئلة الصحافيين اكد الوزير ان «القوات المسلحة تأخذ بزمام المبادرة في كل الجبهات وانها لن تقبل بغير النصر فيها كلها». وقال «لقد أكد لي وزير الدفاع ان الوضع مطمئن في كافة الجبهات». وعبر الوزير عن اسفه لأن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها حكومته لتحسين العلاقات مع اريتريا «لم تنجح». وقال ان «النظام هناك اتخذ من السودان عدوا ومستهدفا لذلك فشلت معالجة كل الملفات العالقة معه». ووسط هذه الاجواء المشحونة بالتوتر تتجه الحكومة في الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان لتوقيع مذكرة لوقف الاعتداءات اثناء مفاوضات السلام التي ستبدأ اعتبارا من 14 أكتوبر (تشرين الاول) الجاري في ضاحية ماشاكوس بكينيا. وأعلن ياسر عرمان أن الحركة الشعبية على استعداد للعودة الى طاولة المفاوضات وتوقيع مذكرة تفاهم للدخول في فترة طمأنينة اثناء التفاوض خالية من العمل العسكري «وليس وقفا لاطلاق النار، الذي هو بحكم طبيعته وترتيبه في الاجندة يأتي بعد الاتفاق على كل القضايا السياسية ويحتاج الى عملية معقدة من صيغة للفصل بين القوات وانتهاء بالمراقبين». واضاف «نحن على استعداد للعمل على انجاح المفاوضات والوصول الى حلول مرضية تحقق الاجماع الوطني بين القوى السياسية المختلفة». واكد عرمان في المقابل ان قوات المعارضة ما زالت محتفظة بكل المناطق التي استولت عليها ومن بينها همشكوريب.