إسرائيل: المتهم بمحاولة خطف طائرة العال تعلم الطيران عبر الإنترنت

إجماع بين أفراد أسرة توفيق فقرا وأصدقائه ومعارفه حتى من اليهود حول عدم تصديق رواية محاولة الاختطاف

TT

«لدينا قناعة كاملة ان توفيق فقرا خطط بشكل دقيق لخطف الطائرة الاسرائيلية التابعة لشركة العال، وسبق ان تعلم الطيران عبر الانترنت. مما يعني انه اراد فعلا تكرار تجربة 11 سبتمبر في واشنطن ونيويورك، ومداهمة الطائرة في عمارات عالية في تل ابيب، خصوصا البرجين الشاهقين التابعين لشركة عزرائيل»، هذا ما قاله احد كبار المحققين في القضية امس.

وفقرا هو احد فلسطينيي عام 1948 الذي ادعت سلطات الامن الاسرائيلية بأنه حاول اختطاف طائرة العال التي اقلعت من مطار اللد من طراز مورفي رحلتها نحو اسطنبول وادعى احد رجال الامن في الطائرة انه اشتبه بتحركاته منذ البداية فراح يراقبه. وشاهده فجأة ينقض على مضيفة الطيران محاولا طعنها بالسكين، لكي تفتح باب غرفة القيادة ويسيطر على الطائرة مطلع الاسبوع. لكن رجال الامن انقضوا علىه واعتقلوه قبل ان يتمكن من هدفه.

واعلن عدد من شهود العيان، بمن فيهم رجال امن، انهم لا يصدقون هذه الرواية. واكدوا ان فقرا لم يستخدم السكين الذي حمله ولهذا فانه حسب رأيهم لم يحاول خطف الطائرة. وكل ما هناك انه دخل في شجار مع المضيفة وان هذه اشتكته الى رجال الامن.

ويقول بعض الذين يعرفونه ان فقرا يصاب بالإغماء عندما يشعر بالغضب الشديد، فقد ذكر علاء ابو عمر (23 عاما)، وهو صديق لتوفيق وزميل دراسة له، انه رآه يغمى عليه حوالي اربع مرات مؤكدا انه لا يستطيع تحمل الضغوط او المفاجآت.

ومعروف عن توفيق وسط زملائه في الجامعة انه بعيد عن التطرف واقرب الى شخص غريب الاطوار، كما معروف عنه ايضا انه شخص حساس وغير عادي ومتوتر وانه يتوق الى اعتراف الآخرين واهتمامهم به. اما آلون غاير، عميد شؤون الطلاب بالكلية التي يدرس بها فقرا، فقد ذكر انه عندما سمع عن محاولة خطف الطائرة ضحك لمدة عشر دقائق، واشار الى ان فقرا كان باستمرار يسعى الى الحصول على اهتمام، لكنه لا يمكن ان يقدم على خطف طائرة. لكن المسؤولين ينظرون الى الحادثة بجدية ويقولون ان فقرا تردد على حمام الطائرة بصورة متكررة وعلى الدرجة الاولى، واوضحوا كذلك انه هاجم مضيفة وركل باب قمرة القيادة قبل حوالي عشر دقائق على هبوط الطائرة، قبل ان يسيطر عليه احد عناصر الامن في الطائرة والعثور معه على مطواة جيب طول نصلها بوصة ونصف، لكنه لم يشهرها خلال الهجوم المزعوم. وكان رعنان غيسين، المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي، قد صرح بأن المحققين الاسرائيليين لم يستجوبوا بعد توفيق فقرا، بيد ان جهاز الامن التركي الذي اعتقل فقرا ادعى انه اعترف بانه كان يقصد خطف الطائرة. وقال غيسين ان النتائج الاولية تؤكد ما قاله اصدقاء فقرا واسرته بأنه ليس على علاقة مع أي مجموعات متشددة. لا يستطيع اصدقاء فقرا وافراد الاسرة الربط بين فقرا، وبين احتمال ان يكون هناك شخص آخر ربما يكون قد حاول اختطاف الطائرة. ويقول صالح فقرا، 46 عاما، والد توفيق، للصحافيين انه حاول الاتصال به هاتفيا لكنه وجد هاتف توفيق لدى شخص آخر افاد بأنه اشتراه منه. يضاف الى ذلك ان توفيق، الذي توقف في الآونة الاخيرة عن الدراسة بسبب صعوبات مالية، لم يبلغ والديه او أي شخص آخر بأنه يعتزم القيام بأول رحلة له خارج اسرائيل.

وقال والد توفيق انه لم يكن يدري انه مسافر الى تركيا، لكنه اشار الى ان ذلك امر طبيعي وانه «اب ديمقراطي» وان ابنه يبلغ من العمر 23 عاما ومسموح له بالسفر. اما فيما يتعلق بالادعاءات ضد ابنه، فيقول والد توفيق «كلها اكاذيب».

رغم الدلالة التي يحملها اسم اسرة توفيق «فقراء»، فإن والده عضو في المجلس البلدي المحلي، وارسل عددا من ابنائه الثماني واكبرهم توفيق، للدراسة في المرحلة بعد الثانوية. والتحق توفيق بكلية سابر في النقب قبل اربع سنوات وكان معتدل الآراء.

فقد قال لصحيفة محلية خلال لقاء اجري معه العام الماضي بعد ان فشل في المنافسة على رئاسة اتحاد الطلبة في الكلية، انه «لا يشعر بأنه مواطن من الدرجة الثانية»، واضاف انه يقبل بيهودية دولة اسرائيل.

ورغم ذلك، فإن توفيق كان يشكو بانتظام من ان الفلسطينيين يتعرضون للمضايقات من حراس الكلية. وقال مسؤولون في الإدارة ان فقرا، الذي كان يدرس الرعاية الاجتماعية قبل ان يتحول الى دراسة الادارة العامة، رفع شكاوى متكررة حول كل شيء ابتداء من الطعام حتى عدم وجود حفل سنوي خاص بالطلاب الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بمائة من جملة 4500 طالب. ويقول احد الاداريين ان توفيق عرف بأنه هستيري بعض الشيء، ويؤكد اصدقاؤه الفلسطينيون ذلك. كما يعرف بأنه كثير الحديث ووسط الفتيات بأنه ميال الى الغزل.

لم يتعلم توفيق قيادة السيارة ولا حتى قيادة الدراجة، ويقول اصدقاؤه ان ذلك يعود الى حالته الصحية، اذ اجريت له عمليات في القلب. ويتذكر صديق له ان توفيق اغمي عليه عندما ابلغ العام الماضي بأنه لم يحصل على درجات كافية تسمح له بالترشح لرئاسة اتحاد الطلاب.

ويبدو ان فشله في ذلك هو كان واحدا من عدة احباطات حالت دون تحقيقه الشهرة في الحرم الجامعي اذ حاول توفيق كذلك ان يصبح متحدثا باسم الطلاب البدو، لكنه رفض من قبلهم ويتحدث اصدقاؤه عن طموحاته العالية في ان يصبح زعيما للفلسطينيين. ويؤكد صديق له انه كان يردد هذه الاشياء ولكن بدون غضب او انفعال. ابلغ توفيق خلال الآونة الاخيرة اصدقاءه بأنه لن يسجل للفصل الدراسي الجديد لأنه يمر بصعوبات مالية ثم انتقل بعد ذلك الى قرية رحات حيث عمل في دار لرعاية المسنين، كما انه زار الكلية قبل اسبوعين وقال بعض الاصدقاء الذين قابلوه في الزيارة الاخيرة انه لم يبد عليه أي ضغوط او إجهاد. لذا، فإنهم لا يعرفون ما اذا حدث شيء خلال الفترة التي التقوه فيها آخر مرة وليل الاحد الماضي عندما صعد على متن طائرة العال المتوجهة الى تركيا. يقول صديقه سمير قدري، 22 عاما، انه يعرف توفيق فقرا على مدى ثلاث سنوات وانه لا يتخيل انه يمكن ان يختطف طائرة ووصفه بأنه كان الاضعف وسط المجموعة. اما ريفيتال داهان، وهي واحدة ضمن الكثير من اصدقائه اليهود، فقد ذكرت انها لا تستطيع ان تتخيل ما حدث، واضافت قائلة انه ربما اراد ان يحقق شهرة من الحادثة، لكنها استبعدت ان يكون ما فعله بدافع قتل الناس.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»