قادة الجيش الإسرائيلي مقتنعون بأن الانتفاضة لن تنتهي إلا بحل سياسي

TT

اقتنعت قيادة الجيش الاسرائيلي والأجهزة الأمنية الاخرى، بأن الانتفاضة الفلسطينية لن تنتهي بالأساليب العسكرية وحدها، وبأنه لا بد من العودة الى المسار السياسي التفاوضي من اجل الوصول الى تسوية.

فقد تسرب لوسائل الاعلام العبرية، امس ان قيادة الجيش افصحت عن هذا الموقف الجديد خلال مناقشات سرية جرت اخيرا في الطاقم الامني ـ السياسي المشترك الذي يدير العمليات الحربية. واستمع الى هذا الرأي رئيس الوزراء، ارييل شارون، ولم يعلق عليه بكلمة واحدة. لكن مساعديه اشاروا الى ان حديثه في الاسبوعين الاخيرين عن الدولة الفلسطينية القائمة هو تعبير عن اقتناعه باستنتاجات الجيش الجديدة.

يذكر ان قيادة الجيش كانت في الماضي ترى ان الانتفاضة ستستغرق وقتاً يصل الى 3 سنوات، بدعوى ان الفلسطينيين قد استعدوا لها جيدا وخططوا لاستمرارها كل هذه الفترة. ولكنها الآن ترى انه لا نهاية للانتفاضة، وانها ستستمر ولن تتوقف في المستقبل المنظور، حيث ان القوى التي تمارس عمليات المقاومة داخل المناطق المحتلة او التي تصدر العمليات الى المدن الاسرائيلية هي من تلك الشريحة التي لا تؤمن بتسوية سياسية في المنطقة، وتستغل الوضع الحالي، الذي يبدو فيه امل السلام بعيد المنال، من اجل الترويج لطريقتها. وهذه الفئة تنجح في خلق رأي عام فلسطيني مساند لها، من جراء الوضع الاقتصادي المتدهور والوضع الامني القاسي (يقصدون العمليات العسكرية والاجراءات الاحتلالية الشرسة ). ولهذا، فلن يوقفها الآن الا انبعاث الامل بالسلام مجددا.

وعليه، تنصح قيادة الجيش الحكومة الاسرائيلية، بالتفتيش عن وسيلة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.

وأثار نشر هذه التوصية، امس، هلع وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، الذي قاد الجيش طيلة فترة الانتفاضة حتى يوليو (تموز) الماضي، من موقعه كرئيس لأركان الجيش. وحمل في حينه الرأي القديم، بأن بالامكان قمع الانتفاضة بالقوة. وخرج، امس، بتصريحات حادة ضد هذا التوجه. وقال: «سنحارب الارهاب بكل قوة. ولن تكون هناك عودة الى المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين، الا اذا اوقفوا العمليات التفجيرية بشكل مطلق وقاموا بتغيير قيادتهم، خصوصا ياسر عرفات الذي يقود شعبه الى نفق مظلم».

وازاء هذا التخاطب السلبي بين وزير الدفاع وقيادة الجيش، حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، احتواء الموقف. فراح يشيد بهما معا على «نجاحهما الباهر في مكافحة الارهاب ومنع العمليات وتصفية الارهابيين او اعتقالهم قبل النجاح في الوصول الى اسرائيل».

يذكر ان قوات الاحتلال الاسرائيلي اعادت سيطرتها على جميع المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، ان لم يكن ذلك احلالاً كاملاً فهو حصار شامل، وتحاصر قطاع غزة بحراً وبراً. وتقتحم المدن او الاحياء كما تشاء ومتى تشاء، اما بحجة «مكافحة الارهاب» او بحجة «الرد على عمليات فلسطينية». وألغت اسرائيل اتفاق «بيت لحم اولاً..»، الذي اطلق في اغسطس (آب) الماضي، اذ عادت لاحتلال بيت لحم والخليل، في اعقاب العملية الفلسطينية العسكرية الناجحة قرب الخليل (وقتل فيها 12 مسلحا اسرائيليا) وعملية القدس (قتل فيها 11 مدنيا).

وكان سلاح البحرية الاسرائيلي قد فرض امس وبناء على اوامر من وزير الدفاع حصارا شاملا على شواطئ قطاع غزة، كما فرض عليه حصارا بريا عقب تفجير قارب الصيد المفخخ قرب الزورق الحربي الاسرائيلي «دبور» في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة الماضية والذي قتل فيه فدائيان من عناصر الجهاد الاسلامي وجرح اربعة جنود اسرائيليين. وقالت التحقيقات الاولى ان القارب كان متوجها نحو شاطئ اسدود لينفذ عملية تفجيرية في المدينة، ولم يكن يقصد الانفجار قرب الزورق البحري.