دول التعاون تدين رسالة اعتذار صدام وما احتوته من تحريض على الكويت وتعتبرها انتهاكا للقرارات الدولية والعربية

TT

اختتمت قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعمالها في الدوحة امس، وأصدرت بياناً مطولاً غطى مواقف دول المجلس ازاء القضايا الاقليمية والعربية الراهنة، فضلا عن مسائل التعاون المشترك بين دول المجلس.

وقد احتلت المسألة العراقية وتداعياتها المختلفة الحيز الأكبر من البيان الختامي، وكان ابرز ما جاء على هذا الصعيد ادانة الرسالة التي وجهها الرئيس العراقي صدام حسين للشعب الكويتي في 7 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

واعتبر البيان ما جاء في رسالة الرئيس العراقي «مزاعم وافتراءات ضد دولة الكويت وقيادتها وحكومتها وشعبها، وأنها تمثل انتهاكا من العراق للقرارات الدولية والعربية التي سبق للعراق ان قبلها رسمياً والتي تتعلق بضرورة احترام أمن واستقرار واستقلال وسيادة دولة الكويت بحدودها المعترف بها دولياً».

وأضاف البيان ان الرسالة «احتوت تحريضا للشعب الكويتي على قيادته وحكومته، ودعماً للأعمال الارهابية التي وقعت على دولة الكويت والتي استنكرها المجتمع الدولي بأسره مما يؤكد تراجع العراق عن تعهده بالالتزام بما ورد في قرارات مجلس الامن وقرارات مجلس التعاون والقرارات العربية بشأن نبذ الارهاب وعدم تقديم دعم له أو التحريض على القيام به، كما تضمنت تهديد دولة الكويت والدول الاعضاء في مجلس التعاون وتدخلاً في شؤونها الداخلية».

ومضى البيان الختامي في ادانته قائلاً: «ان المجلس إذ يدين مثل هذه الادعاءات والافتراءات التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، فانه يدعو الحكومة العراقية الى ضرورة الالتزام الكامل بكافة القرارات الدولية والعربية ذات الصلة وخاصة ما يتصل منها بالافراج عن الأسرى والمحتجزين الكويتيين وغيرهم من رعايا الدول الأخرى واعادة كافة الممتلكات الكويتية لا سيما ما يتعلق منها بالأرشيف الوطني والوثائق والسجلات الرسمية لدولة الكويت. كما يطالب المجلس الحكومة العراقية بالكف عن هذه الممارسات التي من شأنها ابقاء المنطقة ضمن دائرة التوتر وعدم الاستقرار ومدعاة الى المزيد من المعاناة للشعب العراقي الشقيق».

وقال مراقبون ان النص المتعلق بالكويت جاء اقوى من النصوص التي تضمنتها البيانات الختامية السابقة لدول مجلس التعاون التي كانت بدأت باستخدام مصطلح الحالة بين العراق والكويت.

وتطرق البيان الختامي للتطورات الخاصة بالعراق فجدد تمسكه بقرار القمة العربية في بيروت الخاص بالعراق. وعبر المجلس عن ترحيبه بقبول العراق، غير المشروط، لقرار مجلس الأمن رقم 1441 القاضي بعودة المفتشين الدوليين الى العراق لاستئناف مهامهم المتعلقة بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية، وحث العراق على التعاون الايجابي مع المفتشين الدوليين، كما دعا المفتشين الدوليين في الوقت ذاته الى ادراك اهمية المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتقهم وان يراعوا في اداء مهامهم الحياد والموضوعية المهنية.

وأكد البيان مواقف دول مجلس التعاون من ضرورة احترام استقلال العراق ووحدة اراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.

كما دعا المجلس الاعلى المجتمع الدولي الى المزيد من العمل وبذل كل ما من شأنه مساعدة الجانبين العراقي والمفتشين الدوليين على انهاء المهمة في اسرع وقت ممكن وبما يؤمن رفع الحصار عن العراق وانهاء معاناة شعبه، وعودة العراق الى المجتمع الدولي.

وتناول المجلس تطورات وتداعيات مسيرة السلام في الشرق الأوسط والتدهور في الاراضي الفلسطينية. واعتبر ان ذلك ناتج عن «مواصلة قوات الاحتلال الاسرائيلي لممارساتها العدوانية ضد ابناء الشعب الفلسطيني وقيادته داعيا الى انهاء الاحتلال للاراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».

وقد تجنب البيان ذكر الولايات المتحدة عندما طالب المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وصولاً الى تمكين الفلسطينيين من اجراء الانتخابات التشريعية والاصلاحات المطلوبة تمهيدا لاستئناف المفاوضات.

وتضمن البيان الختامي اشارة الى قضية الجزر الاماراتية الثلاث حيث اعرب عن تطلع مجلس التعاون الى «ان تثمر الاتصالات والزيارات المتبادلة بين دولة الامارات وايران عن خطوات ايجابية ملموسة تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطوير التعاون بين دول المجلس وجمهورية ايران الاسلامية وترسيخ الامن والاستقرار في المنطقة».

وفي ما يتعلق بمكافحة الارهاب، اكد مجلس التعاون الخليجي، مجددا، «ادانته للارهاب بمختلف اشكاله وصوره، وايا كان مصدره او مبرراته وفي اي مكان، منوها في الوقت ذاته بموقف دول المجلس الثابت والواحد حيال التمييز بين الارهاب وبين حق الشعوب في النضال والكفاح المشروع لمقاومة الاحتلال، مؤكدا حرص دول المجلس على تقوية وتعزيز الجهود الدولية لمحاربة ظاهرة الارهاب ومكافتحتها ومعالجة مسبباتها ودوافعها في اطار الشرعية الدولية التي اقرتها الأمم المتحدة».

وتناول البيان الختامي للقمة عدداً من قضايا التعاون والعمل الخليجي المشترك وكان ابرز ما ورد في البيان على هذا الصعيد ترحيب المجلس بدعوة امير دولة قطر الى ضرورة الارتقاء بمؤسسات التعليم بدول المجلس واعطائها المزيد من الاستقلالية لاطلاق طاقات الابداع مع التأكيد على حاجة النظم التربوية الى تطبيق مناهج حديثة واعتماد معايير دولية لتقويم مخرجات التعليم مع المحافظة على الهوية العربية والاسلامية والتمسك بقيم العدالة والتسامح والتعاون. كما قرر المجلس تكليف الامانة العامة بالعمل لتحقيق هذه الاهداف.

وقرر المجلس احالة اقتراح قطر بانشاء انبوب لتصدير النفط من دول المجلس عبر سلطنة عمان الى بحر العرب، الى لجنة التعاون البترولي لاعداد جدوى المشروع من الناحية الاقتصادية.

وبارك البيان الختامي قيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس اعتباراً من الأول من يناير المقبل واعتمد القادة ما اتفقت عليه لجنة التعاون المالي والاقتصادي من خطوات في هذه الشأن والمكلفة بالاشراف ومتابعة اجراءات وخطوات تنفيذ الاتحاد الجمركي لدول المجلس، ومعالجة الصعوبات والعقبات التي قد تنجم خلال تطبيق الاتحاد الجمركي بما يضمن تحقيق الاهداف المرجوة من اقامته، وخاصة تسهيل انسياب حركة السلع بين دول المجلس وزيادة حجم التجارة البينية وازالة المعوقات الجمركية وغير الجمركية التي تحد من حركة التجارة بينها. كما أقر المجلس توسيع قائمة الاعفاءات من التعرفة الجمركية لدول المجلس لتكون منسجمة وسهلة التطبيق مع بداية قيام الاتحاد الجمركي.

ووجه المجلس باستكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة في اقرب وقت ممكن على الا يتعدى ذلك عام 2007، وأكد على تطبيق المساواة التامة بين مواطني دول المجلس في مزاولة جميع الانشطة الاقتصادية ضمن برنامج زمني محدد.

وبهدف الوصول الى سياسة بترولية متجانسة ومواقف مشتركة حول المستجدات المرتبطة بالطاقة، اقر المجلس وثيقة الاستراتيجية البترولية لدول مجلس التعاون. كما تم اقرار خطة الطوارئ الاقليمية للمنتجات البترولية لدول المجلس التي تهدف الى تحديد آليات التحرك الجماعي بين الدول الاعضاء للتعامل الامثل مع حالات الطوارئ التي قد تتعرض لها احدى الدول الاعضاء نتيجة نقص او انقطاع كامل لامداداتها المحلية من المنتجات البترولية.

ووافق القادة على ان يكون للهيئة الاستشارية التابعة لمجلس التعاون مقر دائم في العاصمة العمانية مسقط.

وفي ما يتعلق بانضمام الجمهورية اليمنية الى بعض المنظمات المتخصصة بدول المجلس، اطلع المجلس الاعلى على الخطوات التي انجزت في مجال تنفيذ قراره الصادر في دورته الثانية والعشرين حول توثيق عرى التعاون والتنسيق في اطار العمل الجماعي لمجلس التعاون، وتعزيز العلاقات مع الجمهورية اليمنية.

وفي مجال الشؤون القانونية، اعتمد المجلس الاعلى وثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للتسجيل العقاري العيني لدول مجلس التعاون كقانون استرشادي لمدة اربع سنوات، بهدف توحيد وتقريب انظمة دول المجلس المتعلقة بتسجيل العقار.

وفي الجانب العسكري، واطلع المجلس الاعلى على سير التعاون والتنسيق العسكري في مجالاته المختلفة، واعرب عن ارتياحه لما تم من خطوات وما انجز من دراسات، خاصة ما يتعلق باستكمال الخطوات التنظيمية والاجرائية لاتفاقية الدفاع المشترك.

وفي مجال التعاون الامني، استعرض المجلس مسار التعاون والتنسيق الامني بين دول المجلس في ضوء القرارات الصادرة في هذا الشأن وعبر عن ارتياحه لما تحقق فيها من انجازات.