أميركا تنشر رادارات متطورة مربوطة بالأقمار الصناعية في قطر لرصد صواريخ سكود العراقية مبكرا

النظام الدفاعي الجديد أكثر تقدما من «باتريوت» التي استخدمت في حرب الخليج

TT

أمرت القيادة العسكرية الأميركية بنصب جهاز رادار متطور في معسكر السيلية في قطر لحماية القوات الأميركية والقوات الحليفة لها في منطقة الخليج من أي هجوم صاروخي عراقي عليها، حسبما قال بعض المسؤولين العسكريين.

ويُعرف نظام هذا الرادار بـ«المحطة الأرضية التكتيكية المشتركة» وهو جهاز عسكري متحرك قادر على تحذير قادة الوحدات العسكرية من انطلاق صاروخ معاد عن طريق استخدام معلومات تأتي من أقمار صناعية موجودة في الفضاء. كذلك تحوَّل هذه المعلومات في نفس الوقت إلى أنظمة الدفاع الصاروخية مثل «باتريوت» التي تم نشرها في المنطقة للمساعدة على اعتراض الصواريخ الآتية من الطرف الخصم.

ويأتي نشر هذه الرادارات خارج الحدود الأميركية في موقعين اثنين آخرين وهذان هما ألمانيا وكوريا الجنوبية، وتشكل تقدما متميزا عن أنظمة التحذير التي استُخدمت في حرب الخليج سنة .1991 وكانت الخسارة الكبرى في الأرواح للولايات المتحدة قد جاءت نتيجة إطلاق صاروخ سكود عراقي تمكن من ضرب ثكنات بمدينة الظهران في السعودية، وأدت إلى مقتل 28 عسكريا أميركيا وجرحت 98 آخر.

وقال المسؤولون الأميركيون إن القوة العسكرية العراقية أصبحت اليوم أصغر وأضعف مما كانت عليه في حرب الخليج السابقة لكن العراق ما زال في حوزته مستودع من صواريخ سكود ويمكن أن تعبأ رؤوسها بأسلحة كيماوية أو بيولوجية وهذا ما يجعلها خطرا قائما للقوات الأميركية وحليفاتها في المنطقة مثل إسرائيل.

وقال قادة الوحدات العسكرية هنا وفي قواعد أميركية أخرى إن هذا الرادار الأرضي مع أنظمة دفاعية جوية أخرى يعطيان وقتا أكبر لتحذير القوات من هجوم صاروخي معاد وهذا ما يمكنهم من شن هجوم معاكس أسرع وأكثر دقة ضده. وقال الكولونيل فرانك موليناري قائد القوات الأميركية في هذه القاعدة التي ستكون مقرا لقيادة أي حرب تقع ضد العراق: «إنها تعطينا تحذيرا مبكرا وتغطي مساحة كبيرة جدا».

وتم نصب هذا الرادار في معسكر السيليّة قبل عدة أشهر لكن وصف خصائصه لم يأت إلا في الفترة الأخيرة هنا وفي الولايات المتحدة، وهو يعد واحدا من الأجهزة التي طُورت منذ سنة 1991 لكشف وتدمير صواريخ سكود حتى بعد أن تكون قد أطلِقت.

وكان نظام «باتريوت» الذي استخدم قبل عقد واحد والذي كان نظاما دفاعيا ضد الطائرات قد تم تطويره ليواجه صواريخ سكود العراقية لكنه لم يحقق آنذاك نجاحا كبيرا. وعلى عكس نظام صواريخ «باتريوت» الأقدم والتي تنفجر بالقرب من أهدافها صُمم نظام «باك ـ 3» لضرب هدفها مبكرا، كذلك يتميز هذا النظام بقدرة أفضل على المناورات ولديه قدرات أفضل على تتبع الهدف وتوجيه صواريخه.

كذلك قامت إسرائيل بنشر نظام دفاعي تنفيذي اسمه «أرو» وهي مستعدة لاستخدامه لحماية تل أبيب والمدن الرئيسية الأخرى من صواريخ سكود العراقية. وكان العراق قد استعمل في حرب الخليج السابقة منصات إطلاق متحركة لإطلاق صواريخ سكود تختفي بعد إطلاقها في كهوف ومجارير المياه. وقامت الولايات المتحدة بـ 2500 مهمة لتعقب قاذفات الصواريخ العراقية لكنها فشلت في تدميرها. ويخطط قادة الوحدات العسكرية الأميركية الآن إلى نشر طائرات «بريديتور» و«غلوبال هاوك» التجسسية التي تستطيع أن تقوم بدورياتها طيلة ساعات اليوم بدون توقف، كذلك هناك طائرات التجسس «أي ـ 8 سي» لتعقب حركات قاذفات الصواريخ وتوجيه القنابل إلى أهدافها بسرعة أكبر بعد تحسين أجهزة الاتصالات فيها.

وتحمل الطائرات الحربية حاليا قنابل وصواريخ تسيَّر بدقة أكبر من السابق بأشعة الليزر. وربما سيتم نشر قوات العمليات الخاصة في غرب العراق في الساعات الأولى من أي حرب ممكنة لتدمير منصات الصواريخ التي تهدد إسرائيل. وضمن الجهود المبذولة لمعرفة الكيفية التي تعمل وفقها صواريخ سكود أطلقت القوة الجوية الأميركية صاروخين (كانت قد اشترتها بشكل سري من دولة سابقة في حلف وارسو) صوب المحيط الهادئ من قاعدة فاندنبرغ بكاليفورنيا. وقامت أجهزة تحسس الصواريخ والسفن والطائرات القريبة منهما بقياس المسارات المنحنية لهما.

وأثناء حرب الخليج الثانية أطلق العراق ما يقرب من 90 صاروخا على إسرائيل والسعودية وبلدان الخليج الأخرى. ويعتقد مسؤولو الاستخبارات الأميركيون أن العراق ما زال يملك عشرات من صواريخ سكود، وهذا يتضمن صواريخ «الحسين» المعدلة عن صواريخ سكود والقادرة على قطع مدى يبلغ 390 ميلا، ثم هناك النسخة المكيفة الأخرى التي تسمى بصواريخ «العباس» التي يبلغ مداها 540 ميلا. كذلك ظل العراق ينشر صواريخ ذات مدى أقصر مثل صاروخي «الصمود» و«أبابيل» اللذين يصل مداهما إلى 100 ميل. وقال المحللون الأميركيون إن كلا الصاروخين يتجاوزان مسافة المائة وخمسين كيلومترا- حوالي 93 ميلا- التي فرضتها الأمم المتحدة على الصواريخ العراقية بعد حرب الخليج الثانية. وقال مسؤولو الاستخبارات الأميركيون إنهم يتوقعون أن يقوم العراق بوضع هذه الصواريخ ذات المدى القصير في نقاط قريبة من القوات الأميركية الموجودة في الكويت وربما تلك الموجودة في تركيا. وقال مسؤول استخباراتي: «إننا قلقون من أن تُستعمل هذه الصواريخ في الشمال والجنوب».

وكانت القيادة الوسطى الأميركية تسعى منذ فترة طويلة إلى نشر هذه الرادارات الأرضية في منطقة الخليج. ولدى القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا، التي تقع ضمن مسؤولياتها أجزاء من أفريقيا والشرق الأوسط بضمنها إسرائيل، وتمتلك أجهزة رادار في شتوتغارت بألمانيا وبالإمكان إرسالها إلى أي بلد في منطقة الشرق الأوسط. كذلك لقيادة المحيط الهادئ العسكرية أجهزة رادار مماثلة موجودة في مدية أوسان بكوريا الجنوبية.

وهذا النظام الراداري تصنعه شركة «نورثورب غرومان» وهو يتكون من مجموعة رادارات موضوعة في حاوية كبيرة ويمكن سحبها بشاحنة. ونظرا لصغره يكفي لنقله أن تُستخدم طائرة شحن واحدة من طراز سي ـ 141 وتحتاج إلى طاقم صغير لتشغيله، كذلك لا يتطلب شده وفكه جهودا كبيرة، حسبما قال المسؤولون الأميركيون.

وخلال حرب الخليج في 1991 حذرت أجهزة الإنذار المنصوبة في الأقمار الصناعية والتي كانت تتابع الصواريخ العراقية المسؤولين في قيادة الدفاع الفضائي لأميركا الشمالية بولاية كولورادو، التي كانت تتصل هاتفيا بقادة الوحدات العسكرية الأميركية في الخليج لتحذيرهم من الخطر، حسبما قال ضابط عسكري كبير. وأضاف الجنرال المتقاعد جوزيف غاريت الذي كان قائدا لبطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ «باتريوت» أن هذا الجهاز الصغير «قادر على تسلم مباشر للمعلومات المرسلة من الأقمار الصناعية بدلا من الاعتماد على تحويلات بطيئة استعملناها في حرب الخليج».

ويمنح هذا الرادار الأرضي الجديد صورة ذات نوعية عالية وهذا ما يسمح للمسؤولين العسكريين بتحديد نقطة إطلاق الصاروخ ووقته، وموقع النقطة التي سيصل إليها والوقت الذي سيستغرقه كي يصل إلى هدفه، وتحديد مساره المنحني. وقال قادة الوحدات الأمامية إنه بربط هذا الرادار ببطاريات صواريخ «باتريوت» المضادة للصواريخ سيكون لدى الدفاعات الجوية شعور أقوى بالأمن ضد أي هجوم صاروخي معاد. وقال الكولونيل باتريك شو قائد الجناح الجوي رقم 386 في قاعدة علي السالم الكويتية والتي تبعد عن جنوب الحدود العراقية بـ 39 ميلا: «لدينا الآن مجموعة جيدة من الأنظمة».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»