نيويورك فشلت في تقديم اقتراحات ومشروعات لمواجهة احتمال هجمات إرهابية محتملة

TT

عندما تعهدت وكالة ادارة الطوارئ الفيدرالية بتخصيص مبلغ 8.8 مليار دولار لمساعدة مدينة نيويورك في عمليات إعادة البناء عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، حددت ايضاً مبلغ 418 مليون دولار للولاية لتمويل مشاريع بغرض تعزيز استعداد منطقة نيويورك لمواجهة أي هجمات ارهابية مستقبلا.

بيد ان الولاية لم تسلم وكالة الطوارئ خلال فترة الـ 16 شهرا التي اعقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) أي مشروع لدراسته رغم انها تسلمت مقترحات عديدة من وكالات خاصة واخرى تابعة لولاية نيويورك ومدينة نيويورك في حاجة ماسة لعدد من الترتيبات الاحترازية مثل تعزيز الجسور وتجهيز المستشفيات المحلية بالامكانيات اللازمة لمقابلة أي خطة طوارئ محتملة في حال وقوع هجوم ارهابي بيولوجي.

وفي واقع الامر، فإن الولاية فشلت في تسليم أي مقترح بهذا الشأن رغم تحديد موعدين نهائيين لذلك، بل انها طلبت تمديدين للفترة بلغت جملتهما ستة اشهر، فيما قال مسؤولو وكالة الطوارئ ان مثل هذه الطلبات كانت امرا نادر الحدوث في كوارث اخرى.

وفشلت نيويورك حتى الآن في الاستفادة من ملايين الدولارات في وقت الذي تعاني فيه الولاية والمدينة من ازمات مالية اثار قلق العديد من المسؤولين المنتخبين على الصعيد المحلي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء، اذ يشعر هؤلاء بقلق ازاء احتمال ان يلحق التأخير والتردد ضررا بقدرة الولاية على المطالبة بأي تمويل لمشاريعها مستقبلا. ويعتقد مساعد نائب جمهوري بالكونغرس عن نيويورك ان الولاية في حاجة الى التحرك في هذا الجانب حتى يشعر السكان بالاطمئنان ازاء مباشرة العمل لعلاج مواطن الضعف والخلل، كما اضاف ان سكان الولاية يشعرون بالاحباط ازاء عجزها عن فعل شيء.

ويشعر بعض المشرعين بالغضب بسبب ما يعتبرونه عدم رغبة من جانب ادارة حاكم نيويورك جورج باتاكي، حتى في مجرد الإشارة الى المشاريع التي من المحتمل ان تقدمها للدراسة توطئة لتنفيذها. وقال السناتور تشارلز تشومر، الذي شبه الولاية بـ «ابو الهول»، معلقا ان لا احد يعرف السبب في إحجام الجهات المعنية عن الإنفاق.

ومن جانبهم، يعزو مسؤولو الولاية التأخير الى تعقيد عملية تحديد افضل السبل للحماية في مواجهة ارهابيين قادرين على شن هجمات متنوعة ومتطورة. واشار المسؤولون ايضا الى ان اجراءات النظر في المقترحات المقدمة، التي تصل تكلفتها الى حوالي ستة مليارات دولار، تستغرق وقتا طويلا. وأوضحت مولي فولينغتون، المتحدثة باسم حاكم نيويورك، ان مشاريع بمثل هذه الضخامة يجب عدم التعامل معها بصورة متعجلة، مضيفة ان الهجمات الارهابية التي استهدفت الولايات المتحدة كانت كارثة لم يسبق لها مثيل، وبالتالي فإن الطلبات ذات الصلة بدرء مثل هذه الهجمات مستقبلا وتأمين المنشآت لا تخضع للاجراءات المتبعة في النظر في طلبات تمويل المشاريع العادية.

اما فيما يتعلق بالسرية التي تحيط بهذه المشاريع، فقد اوضحت مولي فولينغتون ان الكثير من المتقدمين لا يرغبون في ان يكشف عن مشاريعهم بصورة علنية بسبب «حساسية طبيعة هذه المشاريع»، على حد وصفها.

ومن مجموع مبلغ 21.4 مليار دولار تعهدت الحكومة الفيدرالية بتقديمه غداة هجمات 11 سبتمبر بغرض المساعدة في عمليات إعادة البناء، فانه تعين ان يأتي فقط مبلغ 8.8 مليار دولار من قبل ادارة الطوارئ الفيدرالية، علما بأن مبلغ 366 مليون دولار فقط جرى إنفاقها او تخصيصها رسميا للإنفاق في مجال محدد حتى الشهر الماضي.

ومن ضمن الميزانيات التي تقرر تخصيصها لإغراض محددة مبلغ 418 مليون دولار تحت بند «برنامج منح تخفيف المخاطر» التابع لوكالة الطوارئ.

وجدير بالذكر ان الاموال المخصصة لتخفيف الاضرار والمخاطر في كوارث سابقة كانت تستخدم عادة في إعادة تقوية وتعزيز المباني في مناطق الزلازل او في الترحيل ونقل المنازل في المناطق المهددة بالفيضانات. وكان يحسب تقدير التكلفة عادة على اساس حساب جملة الخسائر التي تتسبب فيها الكارثة على ان يطلب من وكالة ادارة الطوارئ الفيدرالية مصادقة ودفع 15 في المائة اضافية من جملة التكلفة. وفيما تتكفل الوكالة بدفع 75 في المائة من ميزانية تخفيف الاضرار، تقدم السلطات المحلية الـ 25 في المائة الاخرى.

ولا شك ان هجمات 11 سبتمبر لا تعتبر كارثة عادية، اذ ستتضمن ميزانية تخفيف الاضرار الناجمة عنها جوانب مثل تركيب نوافذ وأبواب في ناطحات السحاب مقاومة للانفجارات وحماية امدادات وقود الطوارئ.

وجدير بالذكر ان باتاكي تعهد غداة هجمات 11 سبتمبر بأن يحث وكالة ادارة الطوارئ وادارة الرئيس جورج بوش على زيادة الميزانية المخصصة لتخفيف الاخطار، مما يعني احتمال زيادة في مبلغ الـ 8.8 مليار المحدد سلفا، بيد ان مسؤولين في الولاية قالوا انهم لم يتلقوا استجابة تذكر حتى الآن.

ومن جانبهم كثف مسؤولون فيدراليون وآخرون في سلطات مدينة نيويورك انتقاداتهم، وقالوا ان موقف الولاية ظل يتسم بالتردد والسلبية. ويعتقد هؤلاء ان التأخير لا يعني فقط جعل الولاية اكثر عرضة للمخاطر بل ينسف فرص مساعي الضغط بصورة فاعلة للمطالبة بالمزيد من التمويل المتعلق بهجمات 11 سبتمبر للإنفاق على ضباط الشرطة وفرق الإطفاء وفي جبهة الامن المحلي.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»