لجنة استشارية من خبراء بترول عراقيين تقترح خصخصة قطاع النفط في عهد ما بعد صدام

TT

قالت لجنة استشارية تتكون من خبراء نفطيين عراقيين إن الصناعة النفطية العراقية التي تمتلكها الدولة ستستفيد أكثر من الخصخصة، وفكرة من هذا النوع تُعتبر استفزازية في منطقة خرجت شركات النفط الأجنبية من ملكية حقولها النفطية قبل ثلاثة عقود.

لكن هذه اللجنة الاستشارية، التي تتكون من أكثر من عشرة خبراء والتي تقدم استشاراتها لوزارة الخارجية الأميركية حول كيفية إعادة بناء العراق بعد إسقاط صدام حسين، تعتقد بقوة أن عملية الخصخصة يجب القيام بها بعد أن تكون الإدارة العسكرية الأميركية التي ستدير شؤون العراق قد أكملت عملها، وتسلمت حكومة عراقية ذات سيادة كاملة الحكم، حسب ما قاله أعضاء هذه ا للجنة.

واقترحت اللجنة أيضا أن على الحكومة العراقية المؤقتة ألا تعقد اتفاقيات استكشاف وتطوير طويلة الأمد مع الشركات الأجنبية الدولية.

وستكون الفعاليات القصيرة الأمد محدودة فقط لإصلاح وتجديد البنية التحتية التي تعاني حاليا من فقر بالصيانة وهذه ستتم خلال السنة الأولى أو السنتين الأوليين بعد إسقاط نظام صدام حسين ومع قيام العراقيين باتخاذ كل القرارات في هذا الميدان.

وقال أحد خبراء النفط العراقيين من هذه اللجنة إن هذه الفعاليات سيقوم «بها عراقيون، عراقيون تكنوقراط. أنا لا أعتقد أن على الولايات المتحدة أن تقرر سياسية العراق النفطية... سيُنظر إلى الولايات المتحدة بشكل سيئ جدا إذا حاولت استغلال الوضع في هذا المجال».

ويشكل أعضاء اللجنة لجنة عمل اسمها «المجموعة العاملة للنفط والطاقة» وهي جزء من مشروع تابع لوزارة الخارجية يطلق عليه اسم «مستقبل العراق»، ويعمل في المشروع أكثر من 200 عراقي منفي أكثرهم ي حاليا في الولايات المتحدة.

لكن لجنة النفط العراقية لم تطرح اقتراحاتها الأخيرة بعد، والإدارة الأميركية لن تكون ملزمة بما تصل إليه من استنتاجات. مع ذلك فإن ما تفكر هذه المجموعة العاملة به سيكون على الأكثر ذا تأثير على سياسة الولايات المتحدة تجاه عراق ما بعد الحرب.

وسيزود عمل هذه اللجنة مخططا واضحا لإمكانيات وحدود مشاركة الخارج في تطوير احتياطات نفط العراق الذي يحتل الموقع الثاني بعد السعودية على المستوى العالمي من حيث الاحتياطات. وإذا كانت الحرب ستحقق قدرا من الأرباح للشركات الأجنبية في الأعمال الهندسية والإنشاء وخدمات الحقول النفطية فإن على هذه الشركات التي ستسعى للحصول على عقود استكشاف مربحة جدا أن تنتظر.

وقال أحد المشاركين في عمل هذه اللجنة إن «تطوير حقول نفط جديدة يتطلب وقتا طويلا ويحتاج إلى أن يُدرس بعناية. وأي محاولة للاستعجال في هذا المجال لن يكون منطقيا... أنت لا تستطيع ان تبدأ أي عقود طويلة الأمد خلال مرحلة انتقالية».

وعرِضت الفوائد المحتملةمن الخصخصة على المجموعة الاستشارية خلال جلسة مغلقة شارك فيها فاضل الجلبي، المسؤول السابق بمنظمة اوبك ووزارة النفط العراقية والرئيس الحالي لـ«مركز دراسات الطاقة العالمية» بلندن. وقال الجلبي ان حجم النفط العراقي يتطلب مشاركة جهات اخرى الى جانب القطاع العام في مجالات التطوير وتوسيع القدرات الانتاجية، وأشار الى ان هذا التوجه سيساعد على توفير المزيد من الاموال وتوفير تكنولوجيا وفعالية وإدارة افضل وفرص في الاسواق العالمية. كما اشار جلبي الى ان خصخصة جزء من قطاع النفط العراقي سيجتذب استثمارات خارجية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات بغرض تجديد وتوسيع البنية التحتية المهزوزة للنفط العراقي دون الاضطرار الى تخلي الحكومة عن سيطرتها على هذا القطاع الاقتصادي المهم. واعرب الجلبي عن رغبته في ان يشهد قطاع النفط العراقي تجربة مماثلة لتجربة النرويج في هذا المجال، اذ باعت الحكومة النرويجية نسبة 20 بالمائة من شركة النفط الوطنية «ستات أويل» لمستثمرين لقاء 3 مليارات دولار. كما اوضح ايضا ان العراق قد يحتاج الى 5 مليارات لاستعادة مستوى الانتاج الذي كان سائدا قبل غزو صدام حسين للكويت عام 1990، أي حوالي 3.5 مليون برميل يوميا. ويقدر المبلغ اللازم لتوسيع طاقة العراق الانتاجية من النفط بحوالي 30 مليار دولار لكي يصبح العراق قادرا على انتاج 6 ملايين برميل يوميا. وكانت مجموعة العمل قد اشارت خلال اجتماعها السابق يوم 11 فبراير (شباط) الحالي الى ان غالبية الاعضاء اعربوا عن اعتقادهم في ان خصخصة قطاع النفط العراقي جزئيا ستعود بالفائدة على العراق ولكن ليس بعد الحرب مباشرة. وقال اعضاء المجموعة ان ذلك اذا حدث فإنه لا بد ان يكون خلال مراحل على ان يجري في البداية تخصيص مرافق مثل محطات الخدمة ثم تخصيص النشاطات الانتاجية، مثل عمليات التنقيب وتطوير الحقول، في وقت لاحق اذا صادق على ذلك برلمان منتخب. ومن جانبه قال صباح المختار، رئيس رابطة المحامين العرب في لندن والمستشار القانوني السابق لشركة النفط الوطنية العراقية، ان العراق ربما يقبل خطة الخصخصة اذا حُوِّلت الموارد الى شركات يملكها عراقيون، وأشار في هذا السياق الى تجربة روسيا في هذا الجانب، بيد انه نبه كذلك الى ان الموقف سيكون مختلفا اذا بيعت احتياطات العراق الى مصالح اجنبية.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الاوسط»