الإدارة الأميركية أعدت قائمة بأسماء 2000 مسؤول من النخبة العراقية قسمتهم إلى ثلاث فئات لمحاكمتهم أو التعاون معهم:

الفئة الأولى تضم عددا صغيرا للنواة الصلبة حول صدام والثانية المسؤولين الكبار مجهولي الولاءات والثالثة الذين يعارضون النظام سرا أو تؤهلهم مهاراتهم للقيام بأدوار في تسيير الأمور بعد سقوط الرئيس العراقي

TT

قال مسؤولون كبار في الادارة الاميركية ان الولايات المتحدة حددت اسماء اكثر من 2000 من النخبة العراقية، سيعتقل بعضهم كمجرمي حرب بينما تحاول القوات المسلحة الاميركية إقناع بعضهم الآخر بالعمل ضد صدام حسين. وقال المسؤولون ان قاعدة المعلومات التي لم يعلن عن وجودها من قبل، تقسم القيادة العراقية الى ثلاث فئات: النواة الصلبة من حلفاء الرئيس العراقي صدام حسين، والمسؤولين العراقيين الكبار المجهولي الولاءات والذين ربما يكونون راغبين في التعاون مع القوات الاميركية. وفئة ثالثة تتكون من اولئك الذين يعارضون النظام سرا او تؤهلهم مهاراتهم ومعارفهم المهنية والفنية للقيام بادوار أساسية في تسيير الأمور بعد سقوط صدام حسين.

وربما كان الرئيس بوش يتحدث عن بعض هذه الفئات، عندما قال للصحافيين: «ان على جنرالات العراق ان يفهموا بوضوح انهم اذا اعتدوا على ارواح الابرياء، او حطموا البنيات التحتية، فانهم سيحاكمون كمجرمي حرب ولكن ليس كل كبار المسؤولين في نظام صدام حسين يواجهون احتمالات المعاملة القاسية. وقد صرح احد كبار المسؤولين بادارة بوش اذا منعوا استخدام اسلحة الدمار الشامل أو اذا استسلموا بقواتهم دون قتال، فان هذا سيخفف عليهم اية عقوبات من المفروض ان توقع عليهم.

وقد جمعت الاسماء في هذه القائمة عدة وكالات وشعب حكومية اميركية، بما فيها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه)، وزارة الدفاع (البنتاغون)، ووزارة العدل. واقر بعض كبار المسؤولين ان تحديد هوية قيادات بلاد معادية، ليس من الامور المستحدثة. ولكنهم قالوا ان هذا عمل لا مثيل له من حيث الحجم، ولا يمكن ان يقارن بالعمل الذي قامت به الاستخبارات الاميركية لتحديد قيادات طالبان ابان الحرب بافغانستان، ولا بالمجهودات التي بذلت من اجل تحليل القيادات السياسية والعسكرية في بلغراد خلال حرب كسوفو.

وتعتبر تحذيرات الرئيس بوش، مضافا اليها تصريحات المسؤولين على كل مستويات الادارة، جزء من جهد اميركي منسق يرمي الى زعزعة سلطة الرئيس صدام حسين واشاعة الفرقة بين المقربين اليه، وربما اجباره في النهاية على قبول فكرة الذهاب الى المنفى. وقد أثار وزير الدفاع الاميركي، دونالد رامسفيلد، خيار نفى الرئيس العراقي، من جديد في خطاب له بواشنطن، كما تحدثت عنه مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس يوم الاثنين الماضي في البيت الابيض. ويعتقد المسؤولون ان المناقشة العلنية لقاعدة المعلومات يمكن ان تدفع القادة العراقيين الذين لا ينتمون الى الدائرة الداخلية لصدام حسين بالتفكير في التعاون مع القوات الاميركية. وقال احد كبار مسؤولي الادارة من الامور الجلية اننا نرغب في ان يكون اولئك الذين يرون لهم مصلحة في بقاء النظام، أقلية ضئيلة الى أبعد مدى.

وبعد ان رفض كثير من المسؤولين مناقشة قاعدة المعلومات في البداية، عادوا فأكدوا وجودها بعد ان انتشرت اشاعات وسط الاجهزة الامنية ان الرئيس العراقي نفسه على علم بوجود القائمة، او انه خمن وجودها على اقل تقدير. وكان صدام حسين قد ابلغ عددا كبيرا من قادته انهم يعتبرون مجرمي حرب من قبل الولايات المتحدة، وان فرصتهم الوحيدة للبقاء هي الوقوف الى جانبه حتى النهاية. ولكن احد كبار مسؤولي الادارة قال يوم امس ان الفئة الاولى اي النواة الصلبة حول صدام " تتكون من عدد صغير نسبيا».

اكد مسؤولو الادارة وجود القائمة وتقسيمها الى فئات ثلاث. ويبدو ان البيت الابيض يضع الرئيس صدام حسين في فئة تضمه وحده. وتشتمل الفئة الاولى على كبار ضباط الجيش والامن والقادة السياسيين، فضلا عن اعضاء اسرة صدام حسين «والمرتبطين به بوشائج لا انفصام لها» وخاصة اولئك الذين نفذوا اكثر جرائم النظام دموية. وقال احد المسؤولين الاميركيين: كثيرون من هؤلاء الافراد ستوجه لهم تهم بارتكاب جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية، وربما تكون لهم صلات بمجموعات او عمليات ارهابية، او ربما يكونون قد قاوموا الحملة الاميركية عمليا.

ولكن المسؤولين يرفضون تحديد الاعداد التي وضعوها في كل فئة، بينما قال احدهم ان الذين وضعوا في الفئة الاولى قليلون نسبيا، «كما انهم فقدوا فرصتهم الاخيرة لنيل اية مزايا نتيجة لاستسلامهم. ولن تكون هناك فرصة للعفو عما سلف في الدقائق الاخيرة».

أما الفئة الثانية والتي تتكون من العسكريين وعناصر الامن والمخابرات وموظفي الدولة، والذين تربطهم علاقات بالبرامج الحساسة للرئيس صدام، مع غموض مواقفهم تجاه الحكومة التي ستخلف النظام، فان الحكم عليهم سيتوقف على مواقفهم اثناء الحرب التي سيأمر الرئيس بوش بشنها. وقال مسؤول كبير: الحكم على اعضاء هذه المجموعة الكبيرة سيتوقف على الطريقة التي يتصرفون بها عندما تصبح الحرب أمرا ضروريا.

الفئة الثالثة كبيرة هي الاخرى، وتشمل اولئك الذين يعارضون النظام سرا، او الخبراء الاقتصاديين والماليين الذين ستنشأ اليهم الحاجة في ادارة الحكومة القادمة.

وكان الرئيس بوش ومسؤولو ادارته قالوا منذ زمن بعيد ان صدام حسين والدائرة الضيقة المحيطة به، سيكونون مسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب العراقي، والتي تتراوح بين جرائم اركتبتها عناصر الامن ضد افراد وبين جرائم جماعية نتجت عن استخدام اسلحة الدمار الشامل. ولكن تكوين القوائم التي تضم أفرادا يمكن اتهامهم بارتكاب جرائم الحرب، يوحي بان التخطيط لاقامة المحاكم التي ستعرض عليها هذه الجرائم، قد وصل الى مراحل اكثر تقدما مما كان يعتقد الكثيرون. ومن المحتمل ان تدير هذه المحاكم الولايات المتحدة نفسها وربما تحولها الى المحكمة الدولية كما يمكن ان تنظر أمام القضاء العراقي الذي سيقام بعد نهاية النظام.

وصرح مسؤول كبير في ادارة بوش انه ليس من المتوقع ان تتورط الحكومة الاميركية، منفردة او مع حلفائها، في محاكمات كبرى لجرائم الحرب. قال مسؤول كبير لا تفكر في محاكمات نورمبورغ. فكر فقط في محاكمات طوكيو لجرائم الحرب». والتي حوكم امامها الجنرال هيديكي وحفنة ضئيلة من كبار مساعديه، وذلك بعد استسلام اليابان. ويمكن تشجيع العراقيين على تكوين «لجان للحقيقة والمصالحة» شبيهة بتلك التي تكونت في جنوب افريقيا بعد انهيار نظام التفرقة العنصرية او تلك التي كونت في اوروبا الشرقية بعد سقوط النظام الشيوعي.

وصرح مسؤول كبير بوزارة الدفاع، ان الاطلاع على القائمة سيكون محصورا بين اكبر المسؤولين بالادارة، فضلا عن ضباط السي آي ايه وقوات العمليات الخاصة التي ما تزال تعمل داخل العراق والتي من المنتظر ان توكل لها مهمة مطاردة صدام حسين ومعاونيه والمقربين منه.

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»