المباحث الأميركية تعثر على صور طائرات تصدم مباني في كومبيوتر طالب دكتوراه سعودي معتقل

الحصين متهم بتمويل 300 ألف دولار لمنظمات متطرفة وإدارة موقع يشجع الهجمات الانتحارية

TT

اكتشف مكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) صورا لبرجي مركز التجارة العالمي قبل وبعد تدميرهما داخل كومبيوتر يستعمله سعودي يحضِّر لشهادة الدكتوراه اعتقل في ايداهو الشهر الماضي.

واتُّهم سامي عمر الحصين، 34 سنة، بجمع وتوزيع الأموال من خلال مواقع على شبكة «الانترنت» تعود لمنظمات أصولية متطرفة. وطلب محامي الادعاء العام في بويس أول من أمس ابقاء الحصين رهن الحجز، مشيرا الى ان الصور عُثر عليها بعد اعتقال الحصين في 11 تهمة تتعلق بالاحتيال للحصول على تأشيرة دخول وإعطاء بيانات كاذبة.

وشهد أحد عملاء مكتب المباحث الفيدرالي بأنه اكتشف آلاف الصور بضمنها تلك التي تصور طائرات ترتطم بمبان وتحطم طائرات ومبنى البنتاغون وناطحة السحاب الشهيرة «إمباير ستيت بلدينغ» في قرص الكومبيوتر الصلب الذي كان الحصين يستعمله بانتظام في مختبر جامعة ايداهو التي يدرس فيها علم الكومبيوتر.

وقال مايكل غنيكوف من الـ«إف. بي. آي»: «لا أستطيع أن أخمن كم عدد الصور عن مركز التجارة العالمي». وشهد غنيكوف في المحكمة بأن الحصين تمكن من الوصول عبر الكومبيوتر إلى بعض المعلومات السرية.

وتأتي الإجراءات القضائية التي بدأت اول من امس والتي ستستمر اليوم لتقدم لمحة صغيرة من التحقيق المكثف والواسع الذي تقوم به وكالة المباحث الفيدرالية لتقصي أي وجود لشبكات إرهابية في الولايات المتحدة تستعمل الإنترنت لجمع الأموال وكسب مجندين جدد.

لكن محامي الدفاع ديفيد كيفن قال إن اتهامات الادعاء في المحكمة هدفها كان خلق «أجواء إثارة». وأضاف: «إنكم لن تسمعوا في المحاكمة إدعاء يقول إن سامي التقى بأسامة بن لادن».

وتقول التهمة الموجهة للحصين إنه قدم خدمات كومبيوترية ونصائح لمواقع «الإنترنت» التي «تؤيد استخدام العنف ضد الولايات المتحدة»، وبين هذه المواقع هناك واحد يديره «التجمع الإسلامي لأميركا الشمالية» ومقره في ميشيغان. وتقول الحكومة إن هذه المنظمة طرحت فتاوى تناصر العنف على لسان رجال دين متطرفين لهم علاقة بأسامة بن لادن في عام 2001، وتبيح هذه الفتاوى ارتكاب قتل الأبرياء أثناء القيام بالهجمات.

وتصر الحكومة على أن الحصين يدير موقعا إنترنتيا له علاقة بالتجمع الإسلامي لأميركا الشمالية، وهذا الموقع يشجع بشكل صريح الهجمات الانتحارية واستعمال الطائرات المدنية المخصصة لنقل الركاب كأسلحة. واستشهد بيان الاتهام بنص كان موجودا على موقع الحصين الانترنتي يقول: «يجب أن يقتل المجاهد نفسه إذا كان على علم بأن ذلك سيؤول إلى قتل عدد كبير من الأعداء. ففي المرحلة الحالية يمكن أن يتم ذلك بوسائل عصرية مثل استخدام القنابل أو إسقاط طائرة ما على موقع مهم سيسبِّب إلحاق خسائر كبيرة بالعدو».

ووفق أمر قضائي يسمح بإجراء التفتيش، تم الكشف قبل ثلاثة أيام عن موقع التجمع الإسلامي لأميركا الشمالية وعليه ظهرت فتوى من شخص متطرف يوم 19 يونيو (حزيران) 2001 تبرر وتؤيد الهجمات الانتحارية. وقامت هذه المنظمة يوم 16 أغسطس (آب) 2001 على موقع في كندا بنشر «دعوة للجهاد» حيث جاء فيها: «سيستقبلك الأخوة المجاهدون بأذرع مفتوحة وخلال أسبوعين ستُمنح تدريبا عسكريا ثم تُرسل إلى الخطوط الأمامية».

من جانبهم قال محامو الادعاء الألمان إن مكالمات هاتفية تم إجراؤها مع هذا الشخص المتطرف ورجال دين آخرين من شقة في هامبورغ كان يسكنها محمد عطا وبعض المشاركين في هجمات 11 سبتبمر (ايلول) 2001.

وحسب هذه الشهادة الخطية فإن التجمع الإسلامي لأميركا الشمالية قد «اتصل مع جمعية خيرية مزعومة» تدعى بـ «جمعية البر الدولية» ومديرها إنعام أرناؤوط.

وأدين أرناؤوط في الشهر الماضي لقيامه بتهمة الاحتيال في جمع التبرعات وإرسالها إلى أفراد متورطين في أعمال العنف.

وقالت شهادة خطية في المحكمة إن عم الحصين حوّل له مبلغ 100 ألف دولار سنة 1998 وهو بدوره حول معظم هذا المبلغ للتجمع الإسلامي لأميركا الشمالية (آي إيه إن إيه). وسافر العم لفترة قصيرة إلى الولايات المتحدة حيث زار نيويورك ومكاتب التجمع في آن أربو حسبما قالت الشهادة الخطية. وفي الأيام التي سبقت هجمات 11 سبتمبر بقي هو وزوجته في «نفس الفندق الذي سكن فيه ثلاثة من المشاركين في الهجمات الانتحارية بمنطقة هرندون التابعة لولاية فيلادلفيا، وهؤلاء كانوا على متن الطائرة المختطفة التي رقم رحلتها 77 والتي تحطمت فوق البنتاغون».

وعند اعتقاله من قبل محققي مكتب المباحث الفيدرالي تظاهر العم بالإصابة بالصرع، وهذا ما دفع مسؤولي الـ «إف بي آي» الى اخذه إلى مستشفى، لكن الأطباء لم يجدوا أي إصابة به، «ثم عاد الزوجان إلى السعودية».

من جانب آخر اكد المتحدث الرسمي باسم السفارة السعودية نائل الجبير ان السفارة لم تتبرع بأي مبلغ لهذا التجمع الاسلامي.

ووجِّهت للحصين تهمة تلقي مبلغ 300 ألف دولار وتحويلها إلى «التجمع الإسلامي لأميركا الشمالية» وإلى منظمات وأفراد آخرين، وبعض هؤلاء يقيمون في الأردن والسعودية ومصر وكندا وباكستان.

وقال محامو الادعاء العام إن التجمع الاسلامي مرتبط بجماعة أخرى في مدينة سايراكيوس اسمها «المساعدة والمحتاج» وهذه قامت بإرسال أموال إلى بغداد. ووجهت في الشهر الماضي تهم ضد أربعة أشخاص لهم علاقة بهذه المنظمة بالتواطؤ وخرق قانون «الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية» الذي جعل من أي تحويل مالي للحكومة العراقية يقوم به أي شخص يقيم في الولايات المتحدة عملا غير شرعي إذا لم يحصل على موافقة رسمية، وهذا القانون ساري المفعول طالما أن العقوبات الدولية مفروضة ضد العراق.

ويدرس الحصين في الولايات المتحدة منذ سنة 1994 حيث ظلت السفارة السعودية تدفع تكاليف دراسته ومعيشته. وكان قد تلقى مكافأة أكاديمية من السفارة السعودية قيمتها 5 آلاف دولار. وتم قطع المساعدة عنه منذ شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي لعدم إكماله لدراسته للحصول على درجة الدكتوراه خلال الفترة المخصصة لإنجازها، حسبما قال الجبير يوم الثلاثاء الماضي.

وتقول لائحة الاتهام ان الحصين بعد إكماله الدراسة في تكساس وأنديانا، بدأ بدراسة الدكتوراه في علم الكومبيوتر سنة 1999، مع تركيز خاص على حقل تقنيات أمن الكومبيوتر وطرق اختراقه.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»