المستوطنون يهددون بارتكاب مذبحة أخرى في الخليل

الحكومة خصصت مبلغ ملياري دولار على المستوطنات في العقد الأخير

TT

في الوقت الذي تقوم فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي بعمليات انتقامية شرسة في مدينة الخليل وفي محاولة لزيادة هذه العمليات شراسة، هدد ناطق بلسان المستوطنين في المدينة بارتكاب مجزرة اخرى فيها على غرار مجزرة الحرم الابراهيمي في فبراير (شباط) 1994 التي نفذها باروخ غولدشتاين (قتل في المجزرة) وراح ضحيتها ما لا يقل عن 29 فلسطينيا.

وجاء هذا التهديد في اعقاب العملية الفدائية قرب الحرم في البلدة القديمة وسط الخليل، مساء الاثنين الماضي، التي قتل فيها جندي اسرائيلي وجرح تسعة آخرون. ومنذ ذلك اليوم تقوم قوات الاحتلال بعمليات مداهمة وتفتيش من بيت لبيت وتعزل المدينة عن قرى وبلدات القضاء وتفرض عليها حظر تجول شاملا وهدم البيوت واحتلال عشرات البيوت الاخرى وتقوم بعملية تنكيل بشعة في المواطنين. لكن المستوطنين اليهود في المدينة وفي مستوطنة كريات اربع القريبة لا يكتفون بكل هذا، بل يمارسون الضغط على الجيش والحكومة لتنفيذ المزيد. ويستغلون العملية للمطالبة بزيادة الميزانيات لكي يوسعوا الاستيطان، ويشنون حملة تحريض على المحكمة العليا في اسرائيل حتى تبطل قرارها، المانع هدم حوالي 40 بيتا فلسطينيا ممتدة على الطريق من الحرم الابراهيمي الى مستوطنة كريات اربع، بدعوى ان المسلحين الفلسطينيين يستخدمونها لمهاجمة المستوطنين وقوات جيش الاحتلال.

وقام مجلس عموم المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة برفع دعوى الى المحكمة العليا يطالب فيها بالسماح للجيش بهدم تلك البيوت. ويستندون في دعواهم الى الادعاء بان هذه البيوت تشكل عنصرا حاسما في تهديد ارواح اليهود في المكان.

ودعا المستوطنون في الخليل، امس، اليهود في اسرائيل الى تنظيم مظاهرات صاخبة وبأية اساليب احتجاج يرونها مناسبة، ضد ما اسموه «المذبحة التي ينفذها الارهابيون الفلسطينيون ضد جنود جيش الدفاع الاسرائيلي، وعجز الحكومة عن حمايتهم»! وتثير حملة المستوطنين هذه ردود فعل متباينة في صفوف الاسرائيليين، تتميز بالاساس بالانتقادات اللاذعة. اذ ان العديدين يتهمون المستوطنين بالتسبب في هذا التوتر وبالمسؤولية عن الخسائر الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة. وتشير عدة مقالات في الصحف الاسرائيلية الى ان المستوطنين يحاولون التغطية على دورهم في توريط اسرائيل بهذه الحرب، بواسطة الزعم بانهم يدافعون عن الجيش.

ولكن هناك ايضا من يدافع عن المستوطنين، وحتى في حزب العمل الاسرائيلي المعارض، ترتفع اصوات تصب في مصلحة الدعاية الاستيطانية. ومن المفروض ان يعقد المجلس المركزي لهذا الحزب جلسة، اليوم، لمناقشة برنامجه السياسي. ويقود رئيس الحزب السابق، بنيامين بن اليعزر، حملة ضد رئيس الحزب الحالي، عمرام متسناع، على خلفية الموقف من المستوطنات. وسيحاول بن اليعزر اجبار متسناع على التراجع عن مطلبه باخلاء الخليل من مستوطنين وعن مطلبه بانسحاب اسرائيلي فوري من قطاع غزة وازالة المستوطنات منه بالكامل وازالة المستوطنات المبعثرة في المناطق الفلسطينية المأهولة بالسكان. وسيحاول بن اليعزر اقناع مركز حزبه بان يعيد تأكيد البرنامج السياسي الذي كان أقره مؤتمر الحزب في يوليو (تموز) الماضي، وفيه تبنى خطة السلام التي طرحها الرئيس الاميركي السابق، بيل كلينتون، في كامب ديفيد عام 2000.

* مليارا دولار

* من جهة ثانية، نشرت معلومات جديدة عن الموارد المالية الحكومية المقدمة للمستوطنات في المناطق العربية المحتلة منذ عام 1967 (هضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة). ويتضح منها ان الميزانية المخصصة لهذه المستوطنات بلغت في العقد الاخير (1999 ـ 2001) 10.3 مليار شيكل (اكثر من ملياري دولار)، منها 5.8 مليار (حوالي 60 %) خصصت للبناء.

وتبلغ هذه المخصصات، بالمعدل، ضعفي المخصصات المشابهة التي ترصدها الحكومة الاسرائيلية للبلدات والمدن داخل الخط الاخضر. وهذا الحساب لا يشمل ما يخصصه الجيش لهذه المستوطنات من ميزانية تحت باب الامن ولا يشمل الدعم الذي تحصل عليه المستوطنات من الخارج.

وحتى في الميزانيات العادية التي تقررها الحكومة لكل بلدة في اطار ميزانية السلطات المحلية، والمفروض ان تتميز بالمساواة، فان ما يحصل عليه المواطن الاسرائيلي العادي يبلغ حوالي ثلاثة ارباع ما يحصل عليه المستوطن في المناطق المحتلة. فالحكومة ترصد مبلغ 4924 شيكلا بالمعدل للفرد الواحد (1020 دولارا)، بينما ترصد للمستوطنين مبلغ 6189 شيكلا (1313 دولارا) للفرد بالمعدل. وفي حين تبلغ المساهمة الحكومية في هذه الميزانيات نسبة 38 % من ميزانية السلطات المحلية عموما في اسرائيل، فان هذه النسبة تصل الى 68 % من الميزانية العامة في المستوطنات.