مسؤولون أميركيون: الجزائر اعتقلت بدون ضجة دحمان الأصولي المطلوب في مؤامرة الألفية

الولايات المتحدة وكندا وضعت مكافأة 5 ملايين دولار للإرشاد عنه ومصدر دبلوماسي يشكك في معلومات واشنطن

TT

واشنطن: جوديث ميلر * كشف المسؤولون الاميركيون ان اصوليا جزائريا تلاحقه واشنطن بتهمة التخطيط لهجمات ارهابية في الولايات المتحدة خلال فترة احتفالات الالفية في ديسمبر (كانون الاول) من العام الماضي اعتقل بدون ضجة في الجزائر. وذكر المسؤولون ان عبد المجيد دحمان الجزائري (33 سنة) الذي تبحث عنه السلطات الاميركية والكندية منذ عام تقريبا اعتقل في الجزائر قبل اقل من شهرين. وكانت الولايات المتحدة وكندا قد عرضتا في ابريل (نيسان) الماضي مبلغ خمسة ملايين دولار نظير معلومات تؤدي الى اعتقاله ومحاكمته.

وفي عريضة اتهام صدرت في يناير (كانون الثاني) الماضي اتهم المدعون في مكتب المدعي العام في سياتل دحمان بأنه شريك لاحمد رسام، وهو جزائري آخر متهم ايضا بالتخطيط لـ«اعمال ارهابية» في الولايات المتحدة. وقد تم الكشف عن المؤامرة في 14 ديسمبر من العام الماضي، عندما اعتقل حرس الحدود في بورت انجيلس بولاية واشنطن رسام وهو يحاول عبور الحدود الكندية في سيارة محملة بمتفجرات واربع صواعق. وحسب المسؤولين الاميركيين فإن دحمان ورسام اقاما في حجرة بفندق في فانكوفر، بكندا خلال الشهر السابق على قيام رسام بمحاولة عبور الحدود، ربما لصنع المتفجرات معا. وذكر المسؤولون انهم على اعتقاد بان العديد من اعضاء المجموعة الجزائرية كانوا اعضاء في الجماعة الاسلامية المسلحة التي قتلت الالاف من الجزائريين في النزاع الدائر منذ عام 1992.

وقال المسؤولون ان الشرطة الجزائرية استجوبت دحمان ليس فقط بخصوص نشاطه مع رسام قبل احتفالات الالفية في كندا والولايات المتحدة، ولكن بخصوص علاقاته المحتملة بشبكة اسامة بن لادن ـ الذي اتهمته الولايات المتحدة بتدبير عمليتي نسف السفارتين الاميركيتين في كل من نيروبي ودار السلام اللتين اوقعتا اكثر من 200 قتيل ـ او على الاقل معلوماته عن الشبكة. ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان جماعة بن لادن كان لها دخل بمساعدة رسام وشركائه في محاولتهم الارهابية في الولايات المتحدة ومؤامرة اخرى في الاردن. ولكن المسؤولين قالوا ان المعلومات التي تم الحصول عليها حتى الان بخصوص دور بن لادن المحتمل في العمليات الاميركية غير حاسمة.

ووفقا للمسؤولين في الادارة الاميركية، فإن دحمان لم يقدم اية معلومات سواء بخصوص عمليات الالفية في الولايات المتحدة او علاقاته او معلوماته عن جماعة بن لادن. ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية التعليق على ما اذا كانت الولايات المتحدة قد طلبت او ستطلب تسليم دحمان. كما رفض المسؤولون القانونيون تأكيد وضعه القانوني.

وفي الوقت ذاته فمن المقرر ان تبدأ محاكمة رسام في مارس (اذار) المقبل في لوس انجليس. وسيحاكم كل من عبد الغني مشكيني ومختار هواري وهما من شركائه في القضية في نيويورك في اواخر العام المقبل بتهمة التآمر وتأييد جماعة ارهابية واخفاء علاقاتهما برسام. الجدير بالذكر ان المحققين الاميركيين يشعرون بالاحباط بسبب عدم قدرتهم على معرفة ابعاد المؤامرة الجزائرية في الولايات المتحدة وماهية الاهداف التي كانوا ينوون نسفها، وموعد تنفيذها. فقد ذكر المسؤولون والمحققون الاميركيون انهم بعد عام من التحقيقات لا يزالون غير متأكدين من عدد القنابل التي كان ينوي رسام وشركاؤه تفجيرها او تحركاتهم في الولايات المتحدة.

ولم يسلط رسام او الجزائريون الآخرون الذين وجهت لهم التهم في سياتل او نيويورك الضوء على مثل هذه الموضوعات الدقيقة عن نوعية المساعدات التي تلقوها من جماعة بن لادن، ومقرها في افغانستان. وكان المسؤولون الاميركيون والكنديون قد كشفوا ما يعتقد انها روابط بين الجزائريين المتهمين بالاعداد للعمليات الارهابية في الولايات المتحدة وبن لادن. ففي يناير الماضي على سبيل المثال، اعتقلت السطات الموريتانية بناء على طلب الولايات المتحدة محمدو ولد صلاحي وهو صهر احد مساعدي بن لادن. ويشتبه المسؤولون في ان صلاحي سافر الى كندا لتوجيه رسام وجماعته الجزائرية في كندا في جهودهم لدخول الولايات المتحدة لتنفيذ الاعمال الارهابية. الا انه تم الافراج عن صلاحي واختفى بعدما قرر المسؤولون الاميركيون انهم يفتقرون الى الادلة الكافية لاتهامه او طلب تسلمه.

وينوه المسؤولون الى انهم لا يملكون الى الآن دليلا محددا على ان بن لادن هو الذي دبر تفجير السفارتين الاميركيتين. غير ان المحققين يقولون بانهم كشفوا عن ارتباطات عديدة بين المتهمين بحادثتي التفجير وشبكة بن لادن. وكشف هؤلاء، مثلا، ان احد الرجال المتهمين بمؤامرة تنفيذ عمليات تفجير خلال احتفالات رأس السنة الماضية كان يسكن مع رجل آخر على علاقة بجمعية خيرية اسلامية، يقول المدعون العامون انه كان لها دور في تفجير السفارتين الاميركيتين في افريقيا. ويؤكد المسؤولون في اميركا وبعض دول الشرق الاوسط على قناعتهم بان احد القادة العسكريين المهمين لابن لادن، والمكنى «ابو زبيدة»، ساعد في تنسيق شن هجمات ارهابية تستهدف سياحا غربيين واسرائيليين في الاردن اواخر ديسمبر الماضي. كما عبروا عن قناعتهم بان هذا القائد العسكري كان على اتصال بالجماعة الجزائرية، وبعض افرادها متهمون بالتخطيط لتنفيذ تفجيرات ضد اهداف غير محددة في الولايات المتحدة. بيد انه من غير الواضح حتى الآن ما اذا كان ابو زبيدة لعب دورا نشطا في تلك التخطيطات ام لا، حسبما افاد المسؤولون.

وفي يناير الماضي، ادانت هيئة محلفين فيدرالية في سياتل دحمان بتهمة دخول الولايات المتحدة بشكل غير قانوني والتآمر من بين امور اخرى «لتدمير او تخريب منشآت وملكيات او اية املاك حقيقية او شخصية». واوضح المسؤولون انه ورغم عبور كل من رسام ودحمان الولايات المتحدة من كندا، الا انهما سافرا اليها على حدة.

من جهتها نفت مصادر قضائية جزائرية علمها بخبر اعتقال دحمان، وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ان «اعتقال الأشخاص المتورطين في قضايا إرهابية عادة ما يتم في سرية تامة توخيا للتوصل إلى نتائج مضمونة خلال عملية التحقيق». كما أوضح محام معروف بدفاعه عن ناشطين اصوليين متهمين بالتورط في قضايا العنف المسلح، أن «مثل هذه الاعتقالات يصعب العلم بها، إذا لم يكن أهالي المعتقل على علم بذلك، وعادة ما تطول مدة احتجازهم في مراكز أمنية قبل تقديمهم إلى العدالة قصد محاكمتهم». واستبعد مصدر دبلوماسي أن يكون خبر اعتقال دحمان صحيحا، لأنه «لا يعقل أن يلجأ شخص متورط أو متهم بالانتماء إلى الجماعات المسلحة بدخول الجزائر وهو يعلم تماما أن أمره سينكشف أو هو مطالب من طرف مصالح الأمن في بلده اللهم إلا أن يكون ضمن التائبين الذين استفادوا من تدابير قانون الوئام المدني». وقال الدبلوماسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الأميركيين باعلانهم عن اعتقال دحمان «يريدون أن يقولوا لنا إن الكرة أصبحت الآن في ملعبكم، بعد أن تعمدوا منذ سنوات تجاهل مطالب الحكومة الجزائرية لمساعدتها على القضاء على هذه الآفة. ولم يتحركوا حتى أصبحت مصالحهم وأراضيهم مهددة، بعد ذلك «صاروا يلومون الآخرين مثلما حصل مع السلطات اليمنية بعد التفجير الذي تعرضت له المدمرة الأميركية قبل أشهر، ونجدهم الآن يحاولون التدخل في شؤون هذه البلدان ويطلبون حضور عمليات التحقيق لأنهم لا يثقون في هذه الحكومات.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»