الخرطوم: اعتقال 6 من قادة تجمع المعارضة واتهامهم ببحث احتمال انقلاب مع دبلوماسي أميركي

TT

اعتقلت سلطات الأمن في السودان اعضاء سكرتارية (أمانة) التجمع الوطني الديمقراطي المعارض بالداخل وعددهم 6 اشخاص اثناء اجتماع كانت تعقده مع المسؤول السياسي بالسفارة الاميركية بالخرطوم وهو الدبلوماسي الأعلى رتبة الآن في السفارة. واصدرت السلطات الأمنية بيانا في وقت متأخر من مساء اول من امس جاء فيه «ان السلطات الأمنية تمكنت من ضبط مجموعة من قيادات التجمع الديمقراطي في اجتماع بحضور المسؤول السياسي بالسفارة الاميركية يخطط فيه لانتفاضة داخلية يدعمها عمل مسلح. وأضاف البيان انه تم ضبط المجموعة وبحوزتها محاضر الاجتماع وخطتهم المشار اليها والتي يعملون من خلالها على مناصرة حركة التمرد (المعارضة الجنوبية) وتسريب المعلومات اليها لضرب واحتلال المدن وتخريب المنشآت بمساندة ودعم اميركا التي لا يرضيها استقرار البلاد. تخطط عناصر التجمع لذلك بينما تمد الحكومة يدها بيضاء داعية الى الوفاق الوطني بين كل القوى السياسية بوضع السلاح ونبذ الخلافات والعمل المشترك لبناء الوطن ونمائه». واضاف البيان «عمدت تلك القوى بعمالتها على ترويع المواطنين وتقتيلهم مثل ما حصل في كسلا وغيرها من المدن، وتخطط الآن لعمل مضاد تقسمت فيه الادوار للقيام بعمليات تخريبية جديدة بمساندة حركة التمرد ولكن هيهات ستظل الاجهزة الأمنية عينا ساهرة حارسة لمكتسبات البلاد وأمنها ووحدة ترابها وسيجد كل من عمل على تفتيت وحدة البلاد والنيل من مكتسبات المواطنين الجزاء الرادع».

والاشخاص الذين تم اعتقالهم هم علي احمد السيد ممثل الحزب الاتحادي في التجمع والناطق الرسمي باسمه، وجوزيف اوكيلو ممثل يوساب (تجمع الاحزاب الجنوبية) والأمين العام للتجمع، والتجاني مصطفى ممثل الاحزاب الصغيرة في التجمع،لا ومحمد محجوب ممثل الحزب الشيوعي، ومحمد وداعة الله ممثل حزب البعث (المنشق على الحزب المؤيد لبغداد)، واستانس جيمي جيمي سكرتير اوكيلو.

ووزعت السلطات مع البيان على الصحف صورة لبطاقة المسؤول الاميركي الذي اعتقل لبعض الوقت ثم اطلق سراحه الى جانب وقائع الاجتماع. ونشرت بعض الصحف نص وقائع الاجتماع مكتوبا بخط يد احد المشاركين وكان على شكل نقاط وكتب في رأس الوثيقة الاولى ما يلي:

* المبادرات.

ثم تلى ذلك النقاط التالية:

* موقف حزب الأمة من الانتفاضة.

* الموقف داخل الاتحادي الديمقراطي.

* موقف حزب الأمة من الحكومة، الى اي مدى يستعدون للانضمام اليها.

* ماذا بعد الانتخابات.

* احتمال وقوع انقلاب عسكري.

* هل لكم اتصالات بحزب الأمة، وماذا سيكون موقفه اذا لم يدخل السلطة.

* الفساد ما مداه.

* وحدة التجمع كيف تستمر وهو مكون من احزاب لها برامج مختلفة.

* بعد سقوط الحكومة هل سيتشتت التجمع.

* ما هي وأين هي الأغلبية الصامتة.

* هل الوضع الاقتصادي في تحسن.

كما عرضت وثيقة اخرى مكتوب في اعلاها المسؤول عن الملف السياسي كانت على شكل نقاط ايضا على النحو التالي: 1 ـ الجو السياسي العام 2 ـ نشاط التجمع 3 ـ علاقة التجمع بالخارج 4 ـ دعم التجمع، مشكلة الاتصال، صورة من الطلب الذي قدم في أسمرة. 5 ـ تقديم دعم للجنوب مستمر 6 ـ الخيارات، تقدم خيار الانتفاضة 7 ـ تقسيم ادوار مع وحدة التجمع، نحن في موقف دقيق، خلال ستة اشهر تستمر السياسة بعد ذلك لا ندري ماذا سيكون شكل السياسة الاميركية، تصوركم لعمل الحركة الشعبية لتحرير السودان في الداخل، العلاقة بين الانتفاضة والحل السلمي، ما هو موقف التجمع من الوحدة والانفصال.

ويتضح من هاتين الوثيقتين انها اسئلة كان يطرحها الدبلوماسي على سكرتارية التجمع التي اجتمعت به في احد منازل اعضاء التجمع بحي العمارات بالخرطوم. كما يتضح من صورة بطاقة الدبلوماسي الاميركي التي نشرت في احدى الصحف ان اسمه جلين وارين وانه ضابط سياسي. والبطاقة صادرة من نيروبي وتحمل عناوينه وارقام هواتفه في الخرطوم ونيروبي.

وكانت سكرتارية التجمع تخطط لعقد اجتماع المجلس العام للتجمع اول من امس او امس لبحث استراتيجية جديدة تم اقرارها في اجتماع للسكرتارية منتصف هذا الاسبوع وتستهدف تعبئة الجماهير ضد الحكومة عبر الندوات واللقاءات الجماهيرية والمظاهرات السلمية.

الى ذلك، قررت الحكومة السودانية اعتبار جلين وارين شخصا غير مرغوب فيه. وقال د. مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية ان الحكومة قررت استدعاء القائم بالاعمال الاميركي الموجود حاليا في نيروبي وابلاغه قرار الحكومة وضرورة مغادرة الدبلوماسي الاميركي البلاد خلال 72 ساعة.

واضاف اسماعيل ان الدبلوماسي الاميركي وجد مجتمعا مع تنظيمات غير مسجلة «وفق قانون التنظيمات السياسية» وان هذه التنظيمات رافضة للتسجيل. واتهم اسماعيل الدبلوماسي بأنه «كان يناقش قضايا تتعلق بالأمن القومي للبلاد واستقرارها ويهدد أمنها» وقال ان هذا يتنافى مع عمل الدبلوماسي الذي تنظمه الاتفاقات الدولية.

ووصف اسماعيل الاجتماع والموضوعات التي دارت فيه والوثائق التي ضبطت بأنها «تتماشى مع آليات الادارة الاميركية الحالية التي تستهدف النظام في الخرطوم وتسعى الى زعزعته». وحذر من ان اي «تصرف تقوم به الادارة الاميركية سيكون لنا رد عليه كما حدث في الزيارة التي قامت بها مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية (سوزان رايس) لمناطق سيطرة التمرد الشهر الماضي». وقال «ما زال العمل الدبلوماسي مستمراً في الرد على تلك الخطوة التي تتنافى مع كل الاعراف والقواعد الدولية وان حركة هذا الدبلوماسي تهدد أمن الوطن وكان طرده واجباً».

وكانت السلطات السودانية قد اعلنت عقب زيارة مساعدة وزيرة الخارجية للجنوب وقف منح تأشيرات دخول للدبلوماسيين الاميركيين لدخول البلاد والغاء التأشيرة الممنوحة للقائم بالأعمال الاميركي الذي كان في نيروبي آنذاك.

وحول اوضاع سكرتارية التجمع التي تم اعتقال اعضائها مع الدبلوماسي الاميركي، قال اسماعيل ان التحقيق مع المعتقلين سيأخذ مجراه وسنوفر كل اسباب التقاضي ويمكن لأي فرد منهم ان يطلب محاميا واذا انتهى التحقيق بادانة سيواجه بالعقوبات والا سيطلق سراحه.

وفي أول رد فعل من المعارضة وصف غازي سليمان المحامي، رئيس المجموعة السودانية لحقوق الانسان، اجتماع قيادة التجمع بالمسؤول الاميركي انه عادي ويحدث كل يوم على مرأى ومسمع من الحكومة والحكومة تطالب الدول المختلفة والمنظمات بالحضور للسودان والاجتماع بالجميع لمعرفة ما تسميه بالتطور الديمقراطي. وقال غازي في تصريح صحافي ان المجموعة ستشكل لجنة للدفاع عن المعتقلين تضم 100 محام وطالب السلطات باطلاق سراح المعتقلين فوراً لأنهم كما قال لم يرتكبوا جريمة.

وتقدم 14 محامياً بمذكرة الى وزير العدل نيابة عن سكرتارية التجمع طرحوا فيها عدة تساؤلات منها: هل فتح بلاغ جنائي ضد المذكورين (المعتقلين) وان كان كذلك ففي اي قسم وتحت اي مادة وأين مكانهم؟ وان كانوا متهمين في بلاغ فان مكان القبض ينبغي ان يكون في حراسة الشرطة التي تتولى القبض او التحري ولا يجوز نقلهم او وضعهم في اي مكان آخر الا بعد موافقة النيابة او المحكمة. واضافت المذكرة «اذا لم يكن هناك بلاغ مفتوح نلتمس اصدار امركم باطلاق سراحهم لأن ما ورد في الصحف من اتهامات لا يشكل تهديدا للأمن القومي في تقديرنا». وباستعراض اسماء الموقعين يلاحظ انهم يمثلون كل الاتجاهات السياسية والفكرية بالسودان وقد وقع عليها علي محمود حسنين القيادي البارز في الاتحادي الديمقراطي وعبد المحمود الحاج صالح عضو المكتب السياسي لحزب الامة وغازي سليمان رئيس جبهة القوى الديمقراطية المعارضة وساطع محمد احمد الحاج الناصري البارز والصادق سيد احمد الشامي البعثي الى جانب آخرين من اليسار.

وقال علي محمود حسنين في تصريحات صحافية ان المسؤولين في وزارة العدل اكدوا ان الاعتقال سياسي وان اي بلاغات لم تفتح ضد المعتقلين واضاف ان اجتماع المعارضين بدبلوماسيين اجانب شيء طبيعي ولا يشكل جريمة وانه لا صحة لما ذكر عن ضبط وثائق تدين المعتقلين واتهم الحكومة بانها تريد العودة بالبلاد الى المربع الأول (الاعتقالات).