الاتحاد الأوروبي يبحث مستقبل العلاقة مع أميركا بعد حرب العراق ويبدأ تطوير عقيدة أمنية خاصة به للقرن الجديد

TT

أثينا ـ وكالات الأنباء: ناقش وزراء خارجية الدول الاعضاء الحاليين والمستقبليين في الاتحاد الاوروبي كيفية انقاذ العلاقات المضطربة مع الولايات المتحدة بعد الحرب في العراق، لكنهم في الوقت نفسه وجهوا بتطوير عقيدة امنية خاصة بالقارة تتعامل مع مخاطر اسلحة الدمار الشامل والارهاب وغيرها.

وحاول الوزراء الـ 25 الذين اجتمعوا مطلع الاسبوع الجاري على ظهر يخت فخم قبالة جزيرة رودز اليونانية استخلاص الدروس المستفادة من خلافهم بشأن الحرب ضد العراق ومحاولات واشنطن التعامل مع القضايا الدولية بدون تفويض من الامم المتحدة.

وقال وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو للصحافيين بعد ان رأس الاجتماع: «نعم نقر جميعا بوجود ازمة او على الاقل مشكلة في العلاقات عبر الاطلسي».

وتحدث المشاركون عن وجود اتجاهين خلال المناقشات، اذ هناك من يعتقدون ان تحول الولايات المتحدة لاستخدام القوة بشكل وقائي ومنفرد اذا لزم الامر هو انحراف مؤقت بينما يرصد آخرون تحولا حتى قبل انتخاب الرئيس جورج بوش وهجمات 11 سبتمبر (ايلول) .2001 وقالت مصادر في الاتحاد الاوروبي ان كريس باتن مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد فاجأ الجميع برأيه حين قال انه كان من المحتمل الا تنشب حرب لولا حفنة من الاصوات المتنازع عليها في انتخابات الرئاسة عام .2000 غير ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو عارضه قائلا ان الاتجاه للتوسع في استخدام الولايات المتحدة للقوة كان اخذا في التنامي حتى قبل فوز بوش بفارق ضئيل في انتخابات الرئاسة وانه حتى منافسه الديمقراطي آل غور كان سيتعرض لضغوط للتحرك ضد العراق بعد هجمات 11 سبتمبر. وقال باباندريو: «يتعين علينا ان نخشى استخدام القوة، يجب ان يكون استخدام القوة خيارنا الاول».

واتفق الوزراء على حاجة اوروبا لمحاولة الاجابة بنفسها على اسئلة صعبة بشأن التهديدات الجديدة مثل اسلحة الدمار الشامل والارهاب و«الدول غير المسؤولة» التي دفعت ادارة بوش لانتهاج استراتيجية امن قومي مثيرة للجدل في العام الماضي. وقال باباندريو «اذا اردنا اجراء مناقشات ذات مغزى مع الولايات المتحدة يجب ان نتفق اولا على اولوياتنا كاتحاد». ويعني هذا بالنسبة لبعض الاوروبيين تجاوز اعتراضهم الشديد لاستخدام القوة بينما يعني للبعض الآخر عدم ترك الجهود الرئيسية للانفاق العسكري والخيارات الصعبة بشأن استخدام القوة للولايات المتحدة منفردة.

وبالنسبة لبريطانيا وفرنسا، القوتين الرئيسيتين في اوروبا، يعني ذلك التوفيق بين مصالحهما الوطنية داخل الاتحاد الاوروبي بدلا من السعي لتحقيقها من خلال مجلس الامن او بشكل ثنائي مع واشنطن وتجاهل الشركاء الاوروبيين.

ودعا باباندريو نحو ستين من كبار المفكرين على جانبي الاطلسي لارسال آراءهم بشأن مستقبل العلاقات عبر الاطلسي ومحاولات الاتحاد الاوروبي الاولية لوضع سياسة امنية وخارجية مشتركة. وقال العديد من المشاركين، وبينهم شخصيات اميركية بارزة، ان تمتع الاتحاد الاوروبي بقوة اكبر وامتلاكه قدرات عسكرية اكثر امر حيوي حتى يمكن الاعتماد عليه كشريك يعتد به للولايات المتحدة وتقييد نفوذها.

ودعا كثيرون لاتفاقية اقتصادية جديدة بشأن تحرير التجارة والاستثمار، وهي المجالات التي تتحدث اوروبا بصوت واحد بصددها وتعاملها الولايات المتحدة من خلالها كشريك بهدف احياء العلاقة المضطربة.

ودعا آخرون لحوار اوسع نطاقا بين المجتمعين الاوروبي والاميركي وتجاوز الحكومات ليشمل الحوار البرلمانات والجامعات والمفكرين في القارتين لتحسين التفاهم المتبادل.

واختلف كثير من وزراء الاتحاد الاوروبي مع رؤية رئيس الوزراء البريطاني توني بلير «لعالم احادي القطب» يحتل فيه الدور الاوروبي في حل المنازعات العالمية المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.

الا ان كثيرين يتفقون مع باباندريو بشأن عدم جدوى القاء اللائمة على الولايات المتحدة لعدم اصغائها لاوروبا، بينما لم يحدد الاتحاد الاوروبي مصالحه المشتركة ولم يتكلم بصوت واحد.

ومن اجل ذلك، كلف الوزراء خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي بصياغة تقرير عنوانه «مبدأ الامن الاوروبي»، ويتضمن تقييماً مشتركاً للمخاطر الناجمة عن جملة من القضايا مثل انتشار اسلحة الدمار الشامل والارهاب وتدفق اللاجئين والازمات الاقليمية. وقال سولانا: «ان الوقت مناسب لاعداد وثيقة نستطيع ان نتابعها وتستطيع الشعوب ان تفهمها كموقف للاتحاد الاوروبي». وشدد سولانا على ان التقرير يمكنه ان يتطرق لما يؤدي لتحسين العلاقات والتعاون مع الولايات المتحدة.

واشار الوزراء الاوروبيونن الى رغبتهم في ان يطور سولانا عقيدة امنية جديدة خاصة بالقرن الحادي والعشرين وتجري مناقشتها في قمة الاتحاد الاوروبي المزمع عقدها في منتصف يونيو (حزيران) المقبل والقمة الاوروبية الاميركية في واشنطن.