الولايات المتحدة ترجئ التصويت على مشروع قرار إنهاء العقوبات إلى اليوم

دبلوماسيون: التعديلات تستهدف التغلب على المخاوف الروسية والقلق الفرنسي والتردد الألماني

TT

ارجأت الولايات المتحدة مرة اخرى التصويت على المشروع الذي قدمته الى مجلس الامن لانهاء العقوبات الدولية على العراق، وذلك في محاولة لكسب «أوسع تأييد ممكن»، وهي اشارة تعني بالنسبة للدبلوماسيين التغلب على المخاوف الروسية والتحفظات الفرنسية والتردد الألماني. وبدلا من طرح مشروع القرار للتصويت امس مثلما كان مقررا، ارجأت واشنطن التصويت الى اليوم بعد ان اقترح اعضاء في مجلس الامن ادخال عشرات التعديلات في مشروع القرار الذي يقع في 12 صفحة خلال جلسة مغلقة استمرت اربع ساعات اول من امس.

وقال السفير الاميركي في الامم المتحدة جون نيغروبونتي ان «بعض الاسئلة التي اثيرت تحتاج لمزيد من العمل وفي الواقع هذا ما نفعله الان».

وتوقع سفير بريطانيا في الامم المتحدة جيريمي غرينستوك الذي تشارك بلاده في رعاية القرار مع اسبانيا ان يعلن النص الجديد وهو الرابع حتى الان في وقت لاحق، وان يشمل بعض «وليس العديد» من التغييرات التي اقترحها اعضاء اخرون.

وقال غرينستوك ان الخطة الحالية باجراء تصويت (اليوم) «هو توقيت زمني تأمل الدول الراعية للقرار في الالتزام به». واضاف «امالنا كبيرة جدا في انه سيكون هناك عدد كبير من الاصوات المؤيدة لهذا القرار... اننا نصغي الى كل طلب يقدم لكننا لا نستطيع ان نلبي كل الطلبات في هذا الاطار الزمني وهم ما زالوا يطلبون المزيد من التنازلات التي لا اعتقد ان متبني المشروع سيقدمونها».

وتشمل التعديلات التي سبق للولايات المتحدة ان اجرتها على مشروع القرار، تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة للعمل مع سلطة الاحتلال الاميركي البريطاني للمساعدة في انشاء مؤسسات سلطة ديمقراطية عراقية، فضلا عن الاشراف على برامج المساعدات الانسانية، والسماح بعودة مفتشي الأمم المتحدة لمتابعة العمل الذي اوقفته الحرب، وترك البحث في مسألة الديون العراقية الى نادي باريس الذي يضم 19 دولة ليقرر سبل اعادة جدولة الديون العراقية، وتمديد العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء لستة أشهر بدلا من اربعة كما كان مقترحا من قبل، وهو امر يفترض ان يجيب على المخاوف الروسية بشأن العقود التي تمت الموافقة عليها وتبلغ قيمتها نحو 10 مليارات دولار. ويخول القرار للدولتين المحتلتين الولايات المتحدة وبريطانيا سلطات واسعة لادارة العراق واستخدام عائداته النفطية في اعادة الاعمار الى ان تتولى السلطة حكومة عراقية جديدة.

ورغم السلطات الواسعة النطاق المخولة لواشنطن ولندن فان الدول الاعضاء في مجلس الامن حرصت على اصلاح الخلافات التي نجمت عن جهود واشنطن الفاشلة في الحصول على موافقة الامم المتحدة على غزو العراق وامتنعت عن التهديد باستخدام حق النقض (الفيتو) ويتوقع على نطاق واسع ان يتبنى مجلس الامن هذا القرار. وقالت روسيا وفرنسا امس انه ما زال يتعين حل بعض القضايا قبل ان يكون في وسع مجلس الامن تبني مشروع قرار اميركي يرمي لرفع العقوبات الدولية المفروضة على العراق.

وقال ايغور ايفانوف وزير الخارجية الروسي في مؤتمر صحافي مشترك مع دومينيك دو فيلبان وزير الخارجية الفرنسي عقد في استوكهولم امس «ما تزال هناك بعض القضايا العالقة التي سنبحثها اليوم». كما قال دو فيلبان «نحن بحاجة لتوضيح بعض النقاط».

واضاف دو فيلبان للصحافيين بعد المؤتمر الصحافي انه سيلتقي (مساء امس) في باريس على مأدبة عشاء مع ايفانوف ويوشكا فيشر وزير الخارجية الالماني لبحث المسألة العراقية. وقال «سنلتقي بأصدقائنا وسنبحث عن حل». وكان دو فيلبان وايفانوف في العاصمة السويدية استوكهولم للتوقيع على اتفاقية في مجال البيئة وتوجها الى باريس للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى.

وما يزال من غير الواضح ما اذا كانت فرنسا ستصوت «بنعم» ام ستمتنع عن التصويت. وقال دبلوماسيون ان باريس التي تشعر بالقلق من عدم وجود مهلة محددة لتشكيل حكومة عراقية تتولى ادارة البلاد تريد ان ينتهي القرار بعد عام يجتمع بعده مجلس الامن لتجديده. لكن نيغروبونتي قال ان واشنطن لن توافق على ذلك.

وقال دبلوماسيون ان من سبل تجاوز الخلاف الحالي هو ان ينص القرار على ان يجدد تلقائيا بعد 12 شهرا ما لم يكن المجلس سيصوت عليه.

وقال سفير روسيا في الامم المتحدة سيرغي لافروف ان موسكو تأمل في ان يوضح مشروع القرار الجديد دور المجلس في الاشراف على اعادة اعمار العراق ويستجيب لمطالب في قرارات سابقة تعارضها الان الولايات المتحدة بأن يشهد مفتشو الاسلحة بأنه تم تدمير جميع اسلحة الدمار الشامل العراقية. وقال لافروف «وعدت الدول الراعية لمشروع القرار بأن تعود بنص جديد يستجيب للتساؤلات... أو على الاقل لبعض منها... وسنتلقى النص وندرسه».

وقدم فولفغانغ كليمنت وزير الاقتصاد والعمل الالماني الذي يزور واشنطن اشارات الى ان برلين بدأت بالتغلب على ترددها، ليؤكد رغبة بلاده في التوصل الى توافق حول القرار بشأن اعادة اعمار العراق، خلال لقاء مع ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي.

وقال كليمنت للصحافيين ان تشيني عبر له خلال الاجتماع عن ثقته في انه سيتم اعتماد القرار هذا الاسبوع. واعرب الوزير عن ثقته "المتزايدة" بان العلاقات الالمانية الاميركية تشهد تقاربا مجددا بعد الفتور الذي خيم خلال الحرب على العراق، مشيرا الى انه اجرى اتصالا هاتفيا مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر قبيل لقائه مع تشيني.