الاستخبارات الأميركية التقطت مكالمة لقيادات في القاعدة تقول «المهمة أنجزت»

إيران تؤكد أنها اعتقلت عناصر شبكة بن لادن وأن واشنطن تعرف ذلك

TT

قال مسؤول إيراني كبير ان بلاده أعتقلت عددا كبيرا من عناصر القاعدة يخضعون حاليا للتحقيقات وأن واشنطن على علم تام بتفاصيل هذه الحملة. وكان محمد جواد ظريف، ممثل إيران بالأمم المتحدة، يعلق على قرار الولايات المتحدة قطع محادثاتها مع إيران حول بعض القضايا الأمنية الإقليمية، بسبب معلومات قالت إنها حصلت عليها تفيد بان عناصر من القاعدة لجأوا إلى ايران. وقال ظريف في مقابلة اجريت معه في باريس: «قمنا بعدة عمليات هامة ضد عدد كبير من الخلايا وقبضنا عليهم وأودعناهم السجون. وبسطنا شبكة أمنية واسعة باقاليم البلاد الشرقية للعثور على كل العناصر المشبوهة. وقد فعلنا ذلك وتحملنا عدة عمليات نفذت ضدنا من قبل مؤيدي القاعدة». لكن إدارة بوش قالت اول من امس أن الاستخبارات الأميركية التقطت مكالمات بين عناصر القاعدة داخل إيران، قبل الهجمات على السعودية، تتحدث عن عملية قريبة. كما اعترضت مكالمات بعد الهجمات تقول ان «المهمة قد انجزت». وقد قتل في الاعتداءات أكثر من 30 شخصا وجرح أكثر من 200. وصرح وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد: «لا يساورنا أي شك في أن هناك قادة كبارا من القاعدة في إيران وهم مشغولون في التخطيط لعملياتهم».

وتعتقد واشنطن أن المعتقلين من عناصر القاعدة ربما حددت إقامتهم ببعض المنازل مع السماح لهم بالإتصال ببعضهم البعض من قبل الاستخبارات الإيرانية. وقال مسؤول أميركي كبير رفض كشف هويته: «لدينا تساؤلات حول ما إذا كانوا فعلا بالسجون أو ما إذا كانوا يعاملون كما يعامل الإرهابيون. ولا تفعل الاستخبارات الإيرانية كل ما ينبغي عليها أن تفعله». وقال المسؤولون أن المعلومات التي كشفت عنها المكالمات الملتقطة كانت مصدر دهشة بالنسبة للولايات المتحدة «لان واحدا من المعطيات المسبقة بالنسبة إلينا هو أن إيران تقف بحزم في المعسكر المعادي للقاعدة».

ومن بين القادة الذين يعتقد أنهم موجودون بإيران سيف العدل وسعد أسامة بن لادن، إبن مؤسس القاعدة. وقد كان من نتائج المكالمات المعترضة قطع المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران والتي نشطت خلال الأشهر الأخيرة تحت رعاية الأمم المتحدة. وقالت إيران انها لا تستطيع تحديد هوية كثير من المحتجزين لأنهم يحملون وثائق مزورة وجوازات سفر عديدة ولا يتعاونون مع التحقيقات. لكن وزارة الخارجية الأميركية قالت ان إيران يمكن أن تتلقى مساعدات في تحديد هوياتهم إذا كانت راغبة في ذلك. وقال مسؤول كبير في الوزارة: «يمكن أن يعطونا بصماتهم أو يعطوها لأي بلد صديق. هذه بدائل أمامهم. بل يمكنهم أن يسلموهم لنا لنقوم بتحديد هوياتهم. ولكن المبررات لا تعد أجابات على الاسئلة».

وقالت إيران من جهتها ان أميركا تتعامل بمعايير مزدوجة في قضية الإرهابيين، فالقوات الأميركية في العراق لم تعتقل «إرهابيي مجاهدين خلق ولا تريد تسليمهم»، علما بأن هذه الحركة الايرانية المعارضة من المنظمات المدرجة في قائمة وزارة الخارجية الأميركية بـ«المنظمات الإرهابية». ويعترف المسؤولون الأميركيون بأنهم اكتفوا بنزع أسلحة هذه المجموعة. وقال ظريف «هناك أشخاص يخططون على أساس يومي لارتكاب أعمال إرهابية ضد إيران، وعلى الولايات المتحدة أن تبرهن أن ممارساتها تنسجم مع مبادئها المعلنة وأن تعتقل المجاهدين وتسلمهم لإيران. وإلا سيكون هذا طريقا ذا اتجاه واحد». وصرح مسؤولون إيرانيون بأن غضب إيران من فشل الولايات المتحدة في التعامل بالمثل في قضية «مجاهدين خلق» دفع حكومة الرئيس محمد خاتمي إلى إعلان أنها لن تشارك في محادثات مباشرة حتى ولو غيرت إدارة الرئيس جورج بوش موقفها الحالي. وتطلب واشنطن من إيران أن تتصرف بحزم ضد القاعدة كشرط لاستئناف المحادثات، كما تطلب إيران الشيء نفسه من واشنطن في قضية «مجاهدين خلق».

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية رافضا الكشف عن هويته، أن المجموعة الإيرانية المعارضة أجبرت على نزع أسلحتها، ولكن ليس واضحا ماذا سيحدث لمقاتليها البالغ عددهم 3500 مقاتل. وقال: «نريد من الإيرانيين أن يفوا بالتزاماتهم في قضية الإرهاب كما نفي بها». وفي بيان صدر الأسبوع الماضي قالت القيادة الوسطى بالكويت أن قوات التحالف استولت على 2139 دبابة وحاملة جنود مدرعة وقطع مدفعية عادية وأخرى للدفاعات الجوية وأنواع مختلفة من السيارات، كانت بحوزة الحركة ودمرت مخازن للسلاح. وصرح مسؤول وزارة الخارجية أن العودة إلى المفاوضات تتوقف على تسليم إيران قادة القاعدة بمن فيهم سيف العدل، المصري المتهم بالمشاركة في تفجيرات السفارتين الأميركيتين عام 1998 بشرق افريقيا. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ريتشارد باوشر اول من امس ان «وجود عناصر من القاعدة يعملون من إيران تعد مسألة خطيرة جدا بالنسبة إلينا. ومسؤولية الحكومة الايرانية هي منع هؤلاء الناس من الدخول».

وقال مسؤول اميركي آخر ان دور سيف العدل، الموجود في إيران منذ عدة أشهر، في التفجيرات الأخيرة غير معروف. ورغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وايران خلال أكثر من عقدين، إلا أن مسؤولين أميركيين وإيرانيين كبارا ألتقوا ثلاث مرات بجنيف هذا العام لمناقشة عدد من القضايا الهامة من بينها قضية العراق وأفغانستان والبرنامج النووي. هذه المحادثات انبثقت عن اجتماعات تمت برعاية الأمم المتحدة، ناقش فيها البلدان قضية أفغانستان. وكانت الولايات المتحدة تبحث منذ سنوات عن مثل هذه المحادثات المباشرة والفعالة مع إيران. وقد عقد آخر الاجتماعات في 3 مايو (أيار) وكان مقررا أن يعقد اجتماع آخر اول من امس. لكن الاعتداءات التي وقعت في الرياض عطلت جدول الاجتماعات. وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض اول من امس «تلقى الإيرانيون رسالة قوية من الولايات المتحدة بعد أحداث الرياض تتلعق بالأفراد الذين يمكن أن يكون لهم دور في هذه التفجيرات». لكن ناطقا باسم الحكومة الإيرانية، هو عبد الله رمضان زاده، قال ان الإتهامات بأن إيران آوت عناصر من القاعدة «هو ادعاء بلا أساس ولا تسنده أية وثائق».

وسعت إدارة بوش إلى إجراء محادثات مع إيران، القوة الإقليمية الكبيرة، نسبة لنفوذها على الأغلبية العراقية الشيعية. لكن الاجتماعات التي حضرها مبعوث الرئيس الأميركي زلماي خليل زاد، وعدد من كبار المسؤولين بوزارة الخارجية، أثارت نزاعات حادة مع المتشددين في كل من الولايات المتحدة وإيران لأنهم لا يريدون تحسن العلاقات مع الطرف الآخر. وقال ريتشارد كيمب، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز نيكسون، ان الاتصالات يجب أن تجدد مباشرة للحاجة الشديدة لمناقشة قضايا مهمة، مثل العراق والأسلحة النووية ومساعدة إيران للمنظمات اللبنانية والفلسطينية المعارضة حل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وقال كيمب «من واجب الحكومتين أن تتحليا بقدر كبير من الخيال والروح الخلاقة لأن ثمن عدم حسم خلافاتهما سيكون فادحا لكليهما».

ويرى بعض المسؤولين الأميركيين أن إيران نفسها يجب أن تكون هدفا لتغيير النظام واقترحوا استخدام منظمة «مجاهدين خلق» كوسيلة لزعزعة الحكومة الإيرانية الأصولية. وقد ظلت «مجاهدين خلق» تعمل تحت حماية صدام حسين وهي متورطة في اغتيال بعض الضباط الإيرانيين كما هي مسؤولة كذلك عن بعض الأعمال الإرهابية ضد أميركا في السبعينات. ويعارض أغلب الإيرانيين المنظمة لأنها وقفت مع العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية 1980 ـ 1988.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز»، و«يو.إس.إيه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»