مسؤول وزارة النفط العراقية: سنراجع العقود التي أبرمتها حكومة صدام حسين

التكنوقراط العراقيون يخططون لتصدير 1.4 مليون برميل يوميا منتصف يونيو

TT

بعد ثلاثة أيام على منح الأمم المتحدة للولايات المتحدة وبريطانيا صلاحية واسعة بإدارة العراق، أكدت وزارة النفط العراقية أول من أمس أن العراقيين يسيطرون على النفط وأنهم سيستمرون بذلك مستقبلا.

وازداد حجم إنتاج النفط بشكل كبير جدا خلال الأسبوعين الأخيرين، ومن المتوقع أن يبدأ العراق بتصدير نفطه من منتصف يونيو المقبل حسبما ذكر المسؤول العراقي ثامر غضبان الذي ثمّن المجهود الذي قام به المهندسون والتقنيون العراقيون على الرغم من الظروف الصعبة مثل بؤس الاتصالات والوضع الأمني الخطير.

وقال غضبان إن العراقيين سيقررون أياً من الشركات الأجنبية ستمنَح عقودا، ومتى يكون ذلك لتصليح بعض آبار وحقول النفط التي تعاني من عطل قديم الأمد بسبب النقص في قطع الغيار للصيانة الذي نجم عن العقوبات الدولية خلال الاثنتي عشرة سنة الأخيرة. وأشار المسؤول العراقي الى أن وزارة النفط العراقية ستراجع العقود التي وقَّعتها حكومة صدام حسين مع شركات النفط الأجنبية لتطوير حقول نفط جديدة للبت في موضوع تنفيذها. وقال غضبان خلال مقابلة أجريت معه أول من أمس في وزارة النفط «سيتم التعامل مع كل عقد على حدة انطلاقا من إيجابياته وفي الوقت المناسب... نحن سنفتح الباب للاستثمار الأجنبي لكن ذلك سيكون وفق صيغة تضمن الحفاظ على مصالح الشعب العراقي. إنه سيكون على أساس استفادة الطرفين بشكل متكافئ».

والعقود التي أعطيت حتى الآن كانت للشركات الأميركية وهي ذات أمد قصير وتركز بشكل أولي على اصلاح ما لحق من ضرر للصناعة النفطية بسبب الحرب، وهذه العقود لن تكون على الأكثر موضوعا للمراجعة.

ولم يثر الإنجاز السريع الذي حققه العراقيون في إعادة تشغيل حقول النفط (على الرغم من دمار وسرقة الكثير من المكاتب والمعدات) دهشة محللي النفط العالميين الذين ظلوا تاريخيا يثنون على كفاءة التكنوقراط العراقيين في ميدان النفط. لكن البعض منهم ظل متشككا، إذ على الرغم من نوايا غضبان لكن السلطة الحقيقة تبقى بيد الإدارة المدنية الأميركية للعراق. وقال وليد خدوري رئيس تحرير مجلة «ميدل إيست ايكونومك سرفي» (مسح الشرق الأوسط الاقتصادي) التي تصدر أسبوعيا في قبرص والمتخصصة في صناعة النفط «قرار مجلس الأمن واضح: العراق تحت الاحتلال وليس هناك أي حكومة أو وزراء. لكن التكنوقراط العراقيين سيتمكنون من إدارة الصناعة على أساس يومي، أما وضع السياسة فسيكون بيد الأميركيين لأنه ليس هناك حاليا أي سيادة للعراق».

وحاول غضبان أن يقصي الشائعات المتكررة من أن العراق سيخرج من منظمة أوبك تحت ضغط من الإدارة الأميركية التي تريد أن تضخ أكبر كمية ممكنة من النفط لتخفيض أسعار النفط. مع ذلك، أشار المسؤول العراقي إلى أن العراق قد يُسمح له ضمن منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» بإنتاج حصة أكبر مما كان مخصصا له، وذلك لأنه أعفي من نظام المحاصصة سنة 1996 حينما بدأت الأمم المتحدة بتحديد مستويات تصدير النفط تحت برنامج النفط مقابل الغذاء.

وأشار بعض محللي النفط في السابق إلى أن العراق في فترة توقفه عن الإنتاج بسبب العقوبات الدولية أخذت بلدان أخرى حصته خلال الخمس سنوات التي توقف فيها عن التصدير قبل موافقة الأمم المتحدة على برنامج النفط مقابل الغذاء لذلك فإن على أوبك أن تتعايش مع رغبة العراق باسترجاع حصته السابقة لتصليح وتجديد صناعته النفطية.

وسيلتقي أعضاء منظمة أوبك في الدوحة بإمارة قطر يوم 11 يونيو، لكن العراق لم يخطط بعد لإرسال وفد إلى هذا الاجتماع حسبما قال غضبان. وأضاف المسؤول العراقي أنه «ليكون ممكنا إرسال وفد للاجتماع، هناك بروتوكولات معينة مثل الاتصالات بين الأعضاء وأمانة المنظمة، وأن تكون هناك دعوة رسمية. بالنسبة لنا لم نر أي شيء يوجَّه لنا في هذا الخصوص».

وقال غضبان إن العراق يجب أن يصل إلى مستويات إنتاجه من النفط قبل الحرب وهي ثلاثة ملايين برميل في اليوم قبل انتهاء هذه السنة. ويقول الخبراء الأجانب إن الإنتاج كان حوالي 7.2 مليون برميل يوميا.

وإذا كان انتاج النفط قد توقف تقريبا خلال الأسابيع الستة الأولى التي أعقبت الحرب فإنه الآن قد ارتفع إلى معدل 800 ألف برميل يوميا بعد أن وصل إلى 300 ألف برميل يوميا قبل أسبوعين. وقال غضبان إن معظم هذه الكمية أو حوالي 600 ألف برميل يأتي من حقل كركوك الذي تعرض للنهب بشكل واسع. وأضاف أنه على الرغم من أن مشكلة الأمن ما زالت قائمة بالنسبة لك صناعة النفط العراقية فإن حقل كركوك سيزيد إنتاجه إلى 800 ألف برميل في اليوم قبل حلول منتصف يونيو.

وتوقع غضبان أن تنتج حول الرميلة ما يقرب من 500 ألف برميل يوميا قبل منصف الشهر المقبل. ويضخ حاليا حقل الرميلة الذي يعد أغزر إنتاجا من حقل كركوك ما يقرب من 200 ألف برميل يوميا وقد تعرقلت قدراته الانتاجية بسبب أعمال النهب التي جرت في مصنع الماء الصناعي الذي يشكل ضرورة لاستخراج النفط من آباره. لكن غضبان أكد أن الحقل سيعود إلى إنتاجيته قريبا مع وصول العدة الجديدة لمصنع الماء من شركة «كيلوغ براون أند روت» الوحدة التابعة لشركة هاليبرتون التي كان البنتاغون قد منحها عقدا قصير الأمد لاصلاح حقل النفط.

وتوقع غضبان أن يبدأ حقل الرميلة بإنتاج 500 ألف برميل يوميا قبل حلول منتصف الشهر المقبل. وحسب رأي غضبان فان العراق يمكن ان يبدأ بتصدير 4.1 مليون برميل يوميا مع حلول منتصف يونيو. وبعد رفع العقوبات الدولية على العراق ستذهب عائدات النفط إلى صندوق خاص بتنمية البلد، وستتم ادارة هذا الصندوق من قبل سلطات الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة.

لكن هناك العديد من العقبات التي ستواجه عمليات التصدير، حسبما قال خدوري، وأولها هي المخاوف الأمنية وغياب الخدمات الهاتفية في المستقبل القريب بعد أن دمر القصف الأميركي مركز الاتصالات الهاتفية. وقال هذا الخبير «هم بحاجة إلى التواصل مع بعضهم البعض انطلاقا من حقول النفط إلى بغداد والموانئ ومنظمة تسويق نفط الدولة.. عليهم أن يكونوا قادرين على الاتصال بالزبائن الذين يستطيعون فتح خطابات ضمان لهم». وأضاف خدوري «أعتقد أنهم سيصدرون تعليماتهم قريبا بشأن هذا الأمر. لكن (ما يزال من غير الواضح) كيف تستطيع أن تفتح خطاب ضمان مع البنك المركزي؟ ما هو رقم الفاكس هناك الآن؟ ومن سيكون هناك ليتسلمه؟».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»