بوش يدعو إسرائيل للتعامل مع قضية المستوطنات وأبو مازن لتحمل مسؤولياته والدول العربية إلى منع وصول أموال إلى إرهابيين

رفض عربي لمطالب أميركية باتخاذ خطوات تطبيعية قبل السلام والرئيس الأميركي يتعهد بالدولة الفلسطينية

TT

بعد ساعتين من التأخير عن موعدها المقرر في الحادية عشرة وأربعين دقيقة ظهر أمس، بدأت القمة العربية ـ الاميركية في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الاحمر بجلسة علنية افتتحها الرئيس المصري حسني مبارك بكلمة قصيرة استغرقت دقيقتين، وتبعه الرئيس الاميركي جورج بوش الذي بدا انه لم يكن مستعدا لإلقاء كلمة مباشرة حتى ان الرئيس مبارك خاطبه بالانجليزية قائلا Say a Word (قل كلمة)، وما ان بدأ بوش الحديث وقبل أن ينتهي من عبارات الترحيب قطع البث التلفزيوني المباشر على خلاف الاتفاق بين السلطات المصرية وأجهزة الاعلام.

واستهل الرئيس مبارك الجلسة بكلمة قال فيها: انني انتهز هذه الفرصة وأرحب بالرئيس جورج بوش والملوك والأمراء للاجتماع هنا في شرم الشيخ لبحث قضية السلام، كما انتهز هذه الفرصة لأرحب بما سبق أن قاله الرئيس بوش في يونيو (حزيران) عام 2002 عندما دعا الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة بجوار دولة اسرائيل. وأضاف قائلا: من هذا المنطلق فإن اجتماعنا هنا يأتي حتى نبحث قضية السلام لكي يستقر الوضع وتعيش كل الشعوب في أمان وسلام.

وبدأ الرئيس الاميركي جورج بوش كلمته بتوجيه الشكر للرئيس مبارك لاستضافته لهذه القمة، كما وجه الشكر أيضا للملوك والأمراء العرب على حضورهم وكذلك رئيس الوزراء الفلسطيني، وقال: انني رجل عندما أقول شيئاً فإنما أعنيه، وما أعنيه ان العالم يحتاج الى أن تكون هناك دولة فلسطينية حرة تعيش في سلام، ولذلك فإن حكومتي ستعمل مع جميع الاطراف المعنية لتحقيق هذه الرؤية، وحان الوقت لتحقيقها، وأقول لأبو مازن ان لديك مسؤوليات وعليك مسؤوليات وأود أن أعمل معك، وأقول للقادة الآخرين يجب ألا نسمح لقلة من القتلة ان يدمروا أحلام وآمال الكثيرين، كما أقول لاسرائيل ان عليها مسؤولية فيجب ان تتعامل مع قضية المستوطنات فلا بد من ان يتحقق للفلسطينيين التواصل لتكون لهم دولة.

وأضاف بوش: ان القادة في هذه المنطقة عليهم أيضا مسؤوليات، ومسؤوليتهم الأولى هي وقف أي نوع من تمويل المنظمات الإرهابية ومنع الإرهابيين من أن يكون لهم وجود، ولقد تحدثت مع القادة في أن مصلحتهم أن يحاربوا الإرهابيين والإرهاب.

وقال: ان هذا الاجتماع تاريخي وهو بداية لعملية طويلة وشاقة، لكن مهما كانت صعوبة الطريق، فهناك التزامي بأن أنفق الوقت وأبذل جهودا شاقة حتى تتقدم العملية للأمام.

وأضاف: ان الله يريد أن يعامل كل مخلوق بكرامة، فهذه دعوة عالمية تحث عليها كل الأديان، ويجب ان يكون كل شخص حرا وأن يعامل بالاحترام، وأشعر بشدة الحاجة للتقدم الى الأمام حتى يكون العالم أكثر أمانا، وغدا أمامنا اجتماع هام وعمل كثير وهذه بداية جهود، ويجب علينا ألا نسمح للقلة بأن يدمروا رغبات الأغلبية.

ثم تحولت الجلسة الى جلسة مغلقة.

وكانت الخلافات بين الجانبين العربي والاميركي علي الصياغات الخاصة بنتائج قمة شرم الشيخ قد اخرت أعمال قمة شرم الشيخ لمدة ساعتين.

وذكرت مصادر المؤتمر ان الوزراء ومساعدي الرؤساء قضوا نحو ساعتين في بحث الصياغات التي سيخرج بها البيانان الصادران عن القمة، كما ان الرؤساء قضوا هذه الفترة أيضا في مشاورات للوصول الى الصياغة المقبولة.

واشارت المصادر الى ان الخلافات تركزت اساسا حول المطلب الاميركي بأن يتم اتخاذ خطوات من الجانب العربي للتطبيع مع اسرائيل من الآن على اعتبار ان هناك استعدادا عربيا معلنا في هذا الصدد تضمنته المبادرة العربية التي أعلنت في قمة بيروت، في حين رأى الجانب العربي انه مع التزام الاطراف العربية بما جاء في المبادرة من استعداد للسلام الشامل والتطبيع وغير ذلك، يجب ان يكون مقابله الأخذ بما اعلنه الرئيس بوش في 24 يونيو 2002 والعودة على الأقل الى ما كانت عليه الأوضاع قبل 28 سبتمبر (ايلول) عام 2000 قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية وان تنفذ اسرائيل الخطوات المطلوبة منها وفي مقدمتها وقف الاغتيالات وأعمال الهدم والعنف ضد الفلسطينيين.

وقالت المصادر ان الجانب العربي رأى ان التقدم نحو التطبيع قبل هذه الخطوات من جانب اسرائيل يعتبر خروجا حتى عن خريطة الطريق ومضمونها المعلن.

واستبق الرئيسان المصري حسني مبارك والاميركي جورج بوش انعقاد القمة العربية ـ الاميركية بعقد قمة ثنائية استغرقت نحو ساعة ونصف ساعة بحثا خلالها سبل تنفيذ خريطة الطريق وتحقيق السلام في المنطقة والوضع في العراق.

كما ناقش مبارك وبوش العلاقات الثنائية بين البلدين بحضور وزير الخارجية المصري احمد ماهر والمستشار السياسي للرئيس المصري الدكتور اسامة الباز من الجانب المصري وكولن باول وزير الخارجية الأميركي وكوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي ومساعد وزير الخارجية ويليام بيرنز وسفير اميركا في القاهرة ديفيد وولش من الجانب الاميركي.

من ناحية أخرى عقد الزعماء المشاركون في القمة العربية ـ الاميركية اجتماعا تشاوريا (5+1) ناقشوا خلاله عملية السلام في الشرق الاوسط وسبل تنفيذ خريطة الطريق ومكافحة الإرهاب والوضع في العراق والتعاون الاقتصادي العربي ـ الاميركي في ضوء مبادرة الولايات المتحدة لانشاء منطقة تجارة حرة مع دول المنطقة.

وشهدت اللجان المكلفة بصياغة البيان الختامي الصادر عن القمة خلافا شديدا حول ضرورة التفريق بين الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود وبين الاعتراف بها كدولة حيث لم يمانع الجانب العربي في الاعتراف بحقها في الوجود، وتأجيل الاعتراف بها كدولة حتى تقوم بتنفيذ تعهداتها إزاء عملية السلام والوفاء باستحقاقاتها.

كما كشفت المباحثات الجانبية والثنائية بين مصر والولايات المتحدة عن خلاف شديد خاصة في ما يتعلق بعودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وعودة السفير المصري الى تل أبيب حيث طلب الوفد الاميركي نظيره المصري بالاسراع في ذلك في حين رأى الوفد المصري ان هذه الخطوة تحتاج الى اجراءات اسرائيلية على الأرض في مقدمتها تقديم تسهيلات للفلسطينيين ووقف عمليات التوغل والاقتحام والبدء تدريجيا في الانسحاب من الاراضي الفلسطينية.