أبو زبيدة مسؤول عمليات القاعدة: ناقشنا التعاون مع صدام حسين.. وبن لادن رفض الفكرة

TT

قالت مصادر استخبارية اميركية مسؤولة عديدة هنا ان اثنين من كبار قادة تنظيم «القاعدة» الذين تعتقلهم الولايات المتحدة أبلغا وكالة المخابرات المركزية خلال استجوابهما، كلا على حدة، ان التنظيم الارهابي لم يعمل بشكل مشترك مع حكومة صدام حسين العراقية.

وطبقا لمسؤول اطلع على تقرير سري لوكالة الاستخبارات بشأن عملية الاستجواب، فان «أبو زبيدة»، الذي يعتقد بأنه كان مسؤول عمليات وأبرز واضعي خطط التنظيم والمشرفين على تجنيد عناصر «القاعدة» حتى اعتقاله خلال شهر مارس (آذار) من عام 2002، أبلغ المحققين عقب القبض عليه ان فكرة العمل مع حكومة صدام حسين نوقشت في ما بين قادة التنظيم، لكن أسامة بن لادن رفض مثل هذه المقترحات.

وأضاف المسؤول ان «أبو زبيدة» أوضح ان بن لادن اعترض على الفكرة لأنه لم يكن يرغب في الارتباط بصدام حسين.

وأوضح المسؤولون ان خالد شيخ محمد، الرجل الثالث في «القاعدة» حتى القبض عليه يوم الأول من شهر مارس الماضي في كراتشي (باكستان)، أبلغ المحققين في أقوال منفصلة ان التنظيم لم يعمل مع صدام حسين.

الادارة الأميركية لم تعلن عن هذه التفاصيل خلال تهيئتها لحربها ضد العراق، رغم انها اعتادت على تسليط الأضواء على تقارير استخبارية تدعم الأطروحات المتعلقة بالربط بين العراق وتنظيم «القاعدة».

لكن منذ انتهاء الحرب، ولأنه ما يزال يتوجب على هذه الادارة الكشف عن الأدلة المتعلقة بالأسلحة المحظورة في العراق، فان جودة العمل الاستخباري الأميركي باتت معرضة للشكوك مع طرح أقاويل مثيرة بشأن تعمد الادارة الكشف فقط عن تلك التقارير الاستخبارية التي دعمت موقفها المتعلق بالحرب.

من جانبه امتنع بيل هارلو، المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية، عن التعليق على المعلومات التي أدلى بها مسؤولا «القاعدة» خلال استجوابهما. وقلل مسؤول مخابراتي رفيع من أهمية ما قاله «أبو زبيدة» وخالد شيخ، موضحا انه لا بد من اعتبار كل ما قاله معتقلو «القاعدة» محل ارتياب شديد.

مسؤولون آخرون في اجهزة المخابرات والجيش أضافوا انه تم الكشف عن دليل احتمال وجود علاقة بين حكومة صدام حسين وتننظيم «القاعدة» ـ سواء قبل الحرب أو منذ اندلاعها ـ وان القوات الأميركية ما زالت تبحث عن المزيد من الأدلة في العراق.

لكن مع ذلك، وكما اعترف العديد من المسؤولين في أجهزة الاستخبارات، لم يتسن العثور على دليل قاطع يؤكد وقوع عمليات ارهابية مشتركة من قبل العراق و«القاعدة». كما لم يتم الكشف عن علاقة بغداد بهجمات 11 سبتمبر(أيلول) 2001 التي تعرضت لها واشنطن ونيويورك. وخلال الفترة الفاصلة بين تلك الهجمات واندلاع حرب العراق خلال شهر مارس الماضي، حرص كبار مسؤولي ادارة بوش على تكرار الحديث حول معلومات استخبارية لها علاقة بمسألتين، احتمال وجود علاقة بين العراق والقاعدة، وسعي بغداد لتطوير أسلحة محظورة.

ووصف الرئيس بوش الحرب ضد العراق بأنها جزء من حرب أوسع ضد الارهاب، كما حث على أمكانية أن يشكل قيام صدام حسين بتسليم أسلحة محظورة لارهابيين، تهديدا للولايات المتحدة.

العديد من المسؤولين أضافوا ان وكالة المخابرات المركزية وزعت التقرير المتعلق باستجواب «أبو زبيدة» في أوساط دوائر المخابرات الأميركية خلال العام الماضي، لكن المناقشات المعلنة، التي دارت في أوساط مسؤولي الادارة حول الدليل المرتبط بعلاقات العراق بالقاعدة، لم تتضمن أقواله بهذا الخصوص. وأوضح هؤلاء ان أقوال «أبو زبيدة» وخالد شيخ تمثل نماذج على نوعية التقارير الاستخبارية التي تعارضت مع أطروحات ادارة بوش.

وقال أحد هؤلاء المسؤولين: «عندما أتذكر قراءتي لتقرير «أبو زبيدة» خلال العام الماضي، حيث كانت الادارة تتحدث عن جميع التقارير الأخرى، أقول لنفسي انهم كانوا فقط يعرضون على الآخرين ما أرادوا طرحه فقط».

لكن متحدثين باسم البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع امتنعوا عن التعليق على سبب عدم قيام الادارة بالكشف علنا عن مضمون تقرير «أبو زبيدة» خلال العام الماضي. وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت وعدد آخر من المسؤولين قد دافعوا خلال الأسابيع الأخيرة عن المعلومات والتحليلات التي وفرتها الوكالة وغيرها من أجهزة المخابرات خلال الأشهر التي سبقت الحرب. وقال هؤلاء ان تلك التقارير لم تتعرض للتلاعب، بل انه تم التعامل معها بشكل لائق وتم توزيعها على أجهزة المخابرات.

على ان مسألة تعريف الرأي العام بالدليل تبدو مختلفة عما اذا كانت المعلومات الاستخبارية بحد ذاتها ذات مصداقية، وقد أعرب بعض المسؤولين عن اعتقادهم بأن المسألة الأولى قد تثبت في نهاية المطاف انها أكثر أهمية، على اعتبار ان ادارة بوش اعتمدت بشكل كبير على اصدار التقارير الاستخبارية التي تدعم موقفها، سواء أمام الرأي العام الأميركي أم الدولي. وقال مسؤول مخابراتي: «هذه مسألة تدفعنا الى طرح سؤال حيوي متعلق بمدى سعيهم لتغليف الحقائق بالاستنتاجات التي أرادوها. فقد تركز الاهتمام على الأشياء التي تشير الى اتجاه واحد، أما الأشياء الأخرى فقد تم تجاهلها».

خدمة «نيويورك تايمز» خااص بـ«الشرق الأوسط».