والدة منفذ عملية القدس: ليلة الهجوم قضاها في التحضير للامتحانات النهائية.. ولو علمت بخطته لمنعته

TT

يقول أفراد اسرة عبد المعطي شبانة منفذ العملية الانتحارية الاخيرة في القدس التي اسفرت عن مقتل 17 اسرائيليا وجرح 100 آخرين، انه ظل خلال الفترة الاخيرة يواظب على استذكار مواده الدراسية بصورة جادة. فخلال الليلة التي سبقت الهجوم الانتحاري في القدس، ظل شبانة يحضر للامتحان النهائي في مادة اللغة الانجليزية. وتقول والدته انه لم يدل بأي تعليق حول محاولة اغتيال المسؤول في حركة حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي. وفي صباح اليوم التالي ابلغ شبانة والدته وأسرته بأنه في حاجة الى المزيد من الاستذكار والمراجعة استعدادا للامتحانات النهائية. وتقول والدته رحمة، 54 عاما، انه اخذ معه كتاب اللغة الانجليزية وبعض الاوراق وقال انه ذاهب بغرض تصويرها استعدادا للامتحانات النهائية. وتضيف رحمة ان ابنها، الذي لم يحدث ان اختفى او غاب كثيرا عن المنزل، اكد انه سيعود للمنزل على وجه السرعة.

وشوهد شبانة بعد ذلك مساء نفس اليوم وهو ميت بشارع يافا في مدينة القدس ومرتديا سروالا تحتيا اسود وشالا يرتديه اليهود المتدينون.

في إطار النزاع بين «حماس» واسرائيل، ينظر الى الهجوم الانتحاري الاخير كرد على محاولة الاغتيال التي تعرض لها مسؤول حركة «حماس» عبد العزيز الرنتيسي. ولكن بالنسبة لأسرته، فإن تنفيذ شبانة، الذي يعتزم دراسة الهندسة الالكترونية في الجامعة، للعملية الانتحارية الاخيرة لا تزال لغزاً محيراً.

ويعتبر شبانة آخر شاب من هذه المدينة، التي تتسم أجواؤها بالتوتر، ينفذ هجوما ضد اسرائيليين لصالح حركة حماس، فقد شارك 10 شبان خلال الفترة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي عمليات مماثلة، اذ يعرف الكثيرون بعضهم بعضا من خلال اللعب في فريق لكرة القدم بمسجد الجهاد في حي ابو كتيلة. وقد نفذ خمسة منهم هجمات انتحارية.

وقالت الشرطة الاسرائيلية من جانبها انه لا يوجد دليل في الوقت الراهن على وجود صلة لشبانة مع الانتحاريين الآخرين، لكنها لم تستبعد هذا الاحتمال تماما.

وقال افراد في اسرة شبانة انهم لم يكونوا على علم بأنه كان عضواً في حركة «حماس»، كما اكدوا ايضا انه لم يكن يلعب في فريق كرة القدم التابع لمسجد الجهاد، رغم انه يحب لعب الكرة وفي أي مكان، كما تقول والدته.

وفي لقاءات اجريت اول من امس بدت الصورة غير واضحة لأفراد اسرته في ما يتعلق بالفريق الذي يلعب معه. وقال واحد من اقاربه انه يلعب في فريق مدرسي، فيما قال آخر انه كان يلعب في فريق تابع لمسجد في حي جبل الرحمة، حيث يسكن. كما قال ابن عم له ان احد افراد الفريق كان انتحاريا، لكنه لم يدل بأي تفاصيل اخرى.

وباءت محاولات البحث عن زملاء شبانة في فريق كرة القدم بالفشل اول من امس، اذ قال عدد من سكان الحي ان لاعبي كرة القدم هنا اختفوا خوفا من الاعتقال.

وعلى العكس من بعض اسر الانتحاريين الفلسطينيين التي تفتخر بهم، فإن الشعور الغالب على اسرة شبانة هو الحيرة تجاه ما حدث. ويقول ابن عمه زكريا ان العمليات الانتحارية لن تساعد الفلسطينيين في إحراز تقدم، بل على العكس سترجعهم الى الوراء كثيرا.

تجدر الإشارة الى ان شبانة هو اصغر تسعة ابناء وبنات توفي والدهم قبل حوالي خمس سنوات. ولم يحدث ان اعتقل شبانة او أي من اشقائه الآخرين، إلا ان بعض افراد الاسرة قالوا ان الكثير من اقاربه اعتقلوا عقب التفجير. وتقوله والدته انه لم يحدث حتى ان اختفى او غاب عن المنزل فترة طويلة. بل ان والدته لا تزال محتارة ازاء كيفية وصوله الى القدس، وتؤكد انها كانت ستمنعه لو ادركت ما كان يخطط له، فالأم، كما تؤكد، لا يمكن ان تقبل فقدان ابن لها.

وفيما تؤكد الأم انه لم يحدث ان عبر عن أي رغبة في الانضمام الى «حماس» او المنظمات الاخرى، فانها تقول ايضا انه تأثر بالحياة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون بمدينة الخليل، حيث يقطن 130 الف فلسطيني في ظل وجود مستمر للجنود الاسرائيليين الذين يوفرون الحماية لحوالي 400 من المستوطنين اليهود المتشددين.

وتقول رحمة ان الكل في المدينة متأثر بالجو العام، وان كل ما يحيط بالناس قاس وشاق، فالاطفال يتعرضون للتفتيش عندما يتوجهون الى المدرسة صباحا ويواجهون الحواجز عندما يعتزمون التوجه الى حي آخر، وعندما يشاهد الشخص التلفزيون يقف على الأبعاد الحقيقية للمعاناة، على حد قول رحمة.

وفي شريط فيديو بث اول من امس ظهر شبانة وهو يرتدي (تي شيرت) وسروال جينز ويحمل بندقية كلاشينكوف على كتفه ويلبس شارة الرأس الحمراء الخاصة بحركة «حماس» مكتوباً عليها «الله اكبر». وفي صوت اقرب الى صوت الصبي منه الى صوت الرجل، ادلى شبانة بحديث مقتضب اكد فيه على ضرورة رفض خطة السلام، حاثا على مواصلة المقاومة المسلحة ضد اسرائيل. وقال ان «الشهداء غيروا مسيرة النزاع»، في إشارة الى النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، معلنا من خلال كلمته مواقف حركة «حماس» ازاء النزاع، ومؤكدا ان «لا بديل للمقاومة واستعادة فلسطين كاملة دون تجزئة او فصل». وقال في كلمته ايضا ان «الفلسطينيين لن يتنازلوا عن أي حق مهما صغر حجمه مهما كان الثمن ومهما كانت التضحية».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»