استمرار المظاهرات في طهران.. ورفسنجاني يحذر الطلاب «من الوقوع في فخ السياسة الأميركية»

فريقان لكرة القدم رفضا طلب السلطات إنهاء المباراة بنتيجة متعادلة «تجنبا لمزيد من الاضطرابات»

TT

ادانت اتحادات الطلبة الاسلامية والوطنية، ممارسات انصار «حزب الله» الايراني وبعض وحدات الباسيج (اميليشيات اسلامية) في التعامل مع المظاهرات الضخمة التي شهدتها طهران امس لليوم الرابع على التوالي احتجاجا على بعض المسؤولين الايرانيين. وهدد المهندس كماليان احدا متحدثي الجبهة الديمقراطية في حديث معه عبر الهاتف، بان «الطلبة امتنعوا حتى الان عن الرد بالمثل لممارسات انصار «حزب الله»، ولكن لصبرهم حداً، بحيث يجب ان يخاف رأس النظام من اليوم الذي يتخذ الطلبة فيه منهجاً مختلفاً عن منهجهم المسالم».

وافاد كماليان بان «ما بين 300 و400 من عناصر «حزب الله» والبسيج بدراجاتهم النارية الضخمة (هوندا 1000) فعلوا ما لم يرتكبه جيش جنكيز خان عند الهجوم ضد ايران». واكد مصدر قريب من «مكتب تعزيز الوحدة» وهو اكبر تنظيم طلابي مؤيد للاصلاحات، ما قاله كماليان. واشار الى ان العميد ناصر قالي بافه قائد القوات النظامية (الشرطة والبسيج) قد رفض التعليمات الصادرة اليه بقمع المتظاهرين بحيث حاول تهدئتهم وتشجيعهم على عدم ترديد شعارات ضد مرشد الثورة الاسلامية علي خامنئي والاكتفاء بشعاراتهم ضد هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام ومحمود الهاشمي رئيس السلطة القضائية وعلي لاريجاني مدير الاذاعة والتلفزيون الى جانب شعارات عادية اخرى، وذلك لعدم احراج قوات الامن التي حاولت ضبط الساحة بشكل حضاري ومنع انصار «حزب الله» من دخول الحي الجامعي والاشتباك مع المتظاهرين.

واوضح المصدر، ان انصار «حزب الله» استخدموا السلاسل والهراوات لضرب المتظاهرين وخاصة النساء والاطفال.

وتحت جسر كيشا القريب من الحي الجامعي حيث القت بعض الفتيات مناديلهن على الارض، هاجم انصار «حزب الله» بالسلاسل والهراوات المتظاهرين، مرددين عبارات غير لائقة وشتائم.

وقد بلغ عدد الجرحى حتى الساعة الرابعة صباح امس اكثر من سبعين جريحاً بينهم 41 من النساء ومدير وكالة انباء الطلبة «ايسنا» الدكتور فاتح الذي تعرض للضرب على ايدي انصار «حزب الله» امام بوابة الحي الجامعي.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان مرشد النظام آية الله خامنئي قد عقد اجتماعاً سرياً مع قادة الحرس وقوات الامن بحضور هاشمي رفسنجاني ورئيس السلطة القضائية محمود الهاشمي، وغاب عن الاجتماع الرئيس محمد خاتمي الذي عارض بشدة استخدام العنف في التعامل مع الطلبة والمتظاهرين. وكشف فرشاد امير ابراهيمي القيادي المنشق عن انصار «حزب الله» في حديث مع «الشرق الاوسط»، عن احضار المئات من رجال «فيلق القدس» وقوات «ثأر الله» من خارج العاصمة لاخماد المظاهرات، بعد تمرد المئات من رجال البسيج والحرس على قادتهم بامتناعهم عن مهاجمة المتظاهرين.

ونظراً لتزامن يوم الجمعة مع مباراة كرة القدم في نهائيات كأس النوادي الايرانية بين فريقي «الاستقلال» و«برسبوليس» والتي كان متوقعاً ان يحضرها اكثر من مائة الف متفرج، اتخذت اجهزة الامن اجراءات غير اعتيادية لمنع حصول مظاهرات بعد انتهاء المباراة خاصة ان الاذاعات والتلفزيونات الفضائية الموجهة الى ايران لم تتوقف منذ ليلة الثلاثاء الماضي عن تغطية احداث طهران وبث التقارير الحية عبر الهواتف الجوالة التي يحملها الطلبة والمتظاهرون.

ودعا رواد كرة القدم لاقامة مسيرة باتجاه الحي الجامعي في نهاية المباراة. وكشف مصدر في نادي الاستقلال لـ«الشرق الاوسط» ان اجهزة الامن حددت نتيجة المباراة بحيث وجهت تحذيراً الى مدربي الفريقين بضرورة ان تكون نتيجة المباراة بالتساوي، وذلك للحيلولة دون حصول مواجهات بين انصار الفريقين في حالة هزيمة احدهما. وعاشت طهران امس حالة غير عادية وسط دوي سيارات الشرطة وسيارات الاسعاف المتوقفة حول استاد الحرية والحي الجامعي، بعد فوز برسبوليس بحيث رفض اللاعبون توصية مدربيهم ولعبوا بشكل طبيعي.

وطيلة الساعات الاخيرة صعدت اجهزة الدعاية المرئية والمسموعة الى جانب بعض المسؤولين مثل رفسنجاني وعسكر اولادي وحسين شريعة مداري، لهجتها ضد الطلبة والمتظاهرين. وبينما وصفهم رفسنجاني في خطبة صلاة الجمعة بجمع من المنحرفين والملكيين، دعا شريعة مداري ممثل خامنئي ومدير «كيهان» للتعامل مع المتظاهرين بقبضة من حديد.

كذلك حذر رفسنجاني المتظاهرين امس من «الوقوع في فخ السياسة الاميركية»، وقال في خطبة صلاة الجمعة بطهران، انني انصح الشباب وخصوصا الطلاب المهتمين بالبلد بأن يعبروا عن انفسهم، لكن دون ان يقعوا في كمين نصبه الاميركيون لهم». واظهر رفسنجاني لهجة تصالحية اكبر عندما قال ان تعليمات صدرت للشرطة بعدم اتخاذ «اجراء وحشي» ضد المتظاهرين. وقال «ان من حق بعض الشبان ان يحتج ويعبر عن غضبه، وعلينا عدم ابداء حساسية ازاء ذلك». وقال ايضاً ان الشرطة لعبت دورا مهدئا في الاحتجاجات مستخدمة اقل قدر من القوة وعملت على منع اندلاع اشتباكات كبيرة بين المتظاهرين ورجال البسيج.

وكانت واشنطن قد اشادت بالمظاهرات التي جذبت نحو ثلاثة آلاف متظاهر في الايام الثلاثة الاولى. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر في تعليقه اول من امس على مظاهرات ايران: «نحن نشيد بالشعب الايراني لجذبه الانتباه الى السياسات المدمرة للحكومة الايرانية التي تحدث مثل هذا الضرر بشعبها».

واتهم مرشد الثورة الاسلامية خامنئي اول من امس الولايات المتحدة باثارة الاضطراب في ايران، وحذر من ان السلطات لن تبدي رأفة «بمرتزقة العدو المأجورين». وتعتقد المصادر القريبة من الاصلاحيين ان القيادة الايرانية عازمة على قمع المظاهرات دون ان تأخذ في الاعتبار انعكاسات ونتائج عملها في وقت احد مع قرارها انتهاج سياسة قريبة من سياسة كوريا الشمالية حيال ضغوط الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الهادفة لارغام ايران على السماح بتفتيش مراكز ومنشآت لم تكشف عنها حتى الان للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان وفد من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد غادر طهران قبل اكمال مهمته اثر رفض ايران طلب الوفد بتفتيش مجمع «كلايه» شمال ايران حيث يعتقد بعض المراقبين بوجود مختبر للابحاث النووية.

وافادت المصادر ان قوات الامن واصلت اجراءاتها الاحتياطية امس لمنع وصول رواد كرة القدم الى الحي الجامعي وذلك باغلاق الطرق المؤدية من ساحة الحرية الى اتوستراد جلال آل احمد والطريق السريع الى شارع كاركر حيث بدأ الطلبة التدفق نحو الحي الجامعي حيث يتظاهر حوالي الف من زملائهم بداخله.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان عددا من الدبلوماسيين الاوروبيين زاروا ليلة الخميس الشوارع المحيطة بالحي الجامعي وتحدثوا مع الطلبة وذلك بموافقة وزارة الخارجية الايرانية التي حاولت بترتيب جولة الدبلوماسيين لساحة المظاهرات، بهدف التخفيف من قلقهم حيال قمع المتظاهرين.