مشاورات إسرائيلية وفلسطينية غدا مع فريق السلام الأميركي تسبق استئناف المفاوضات

بوش يسمح لكلينتون بمواصلة وساطته بعد انتهاء ولايته

TT

وسط أنباء تفيد بأن تقدماً حقيقياً قد طرأ على الاتصالات الاسرائيلية ـ الفلسطينية وتقارب كبير في وجهات النظر حول الاتفاق، يصل وفدان (فلسطيني واسرائيلي) الى واشنطن في وقت متأخر من الليلة لاجراء مشاورات منفصلة مع فريق السلام الأميركي، قد تسفر عن لقاءات ثلاثية.

وقالت مصادر اسرائيلية سياسية امس ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بدأ يشاطر رئيس الحكومة الاسرائيلي ايهود باراك، الرأي في ضرورة تحقيق اتفاق في فترة رئاسته للحكومة حتى فبراير (شباط) المقبل، وانه لم يعد هناك ضغط عليهما لانجاز الاتفاق قبل ان يغادر الرئيس بيل كلينتون البيت الأبيض (بعد حوالي خمسة اسابيع)، إذ ان الرئيس الأميركي المنتخب، جورج بوش، أبلغ كلينتون انه لا يمانع في ان يواصل وساطته لانجاز سلام في الشرق الأوسط، حسب قول مصادر معنية بعملية السلام.

وسيشارك في المفاوضات وفدان رفيعا المستوى، الاسرائيلي برئاسة وزير الخارجية، شلومو بن عامي، ومدير مكتب رئيس الوزراء، جلعاد شير، والفلسطيني برئاسة صائب عريقات، كبير المفاوضين ووزير الحكم المحلي وعضوية ياسر عبد ربه وزير الاعلام ومحمد دحلان رئيس جهاز الأمن الوقائي في غزة. وبموازاة هذين الوفدين، سيواصل وزير المواصلات والسياحة في اسرائيل، امنون لفكين شاحاك، لقاءاته مع الرئيس عرفات، لترتيب الأمور في قضايا معينة وترتيب لقاء قمة قريب بينه وبين باراك.

وقد كان باراك قد أعلن امس، خلال جلسة الحكومة العادية انه يحاول دراسة آخر امكانية لاستئناف المفاوضات.

وكما ذكرت «الشرق الأوسط» قبل اسبوع، فان الاتجاه الأساسي للتفاوض يسير بروح المبادرة الفرنسية للحل الدائم وذلك بأن تبدي اسرائيل مرونة في موضوع القدس والحرم الشريف وتبدي السلطة الفلسطينية مرونة في موضوع حق اللاجئين في العودة والتعويض. وحسب مصادر مقربة من بن عامي، فان اسرائيل مستعدة للتنازل عن السيادة على الحرم القدسي «بشرط ان يحفظ حق اليهود كاملاً في الصلاة في حائط المبكى وبضمن امن المصلين»، وذلك مقابل حل قضية اللاجئين حلاً عملياً معقولاً، ويضمن ذلك الموافقة على جمع شمل عائلات فلسطينية داخل اسرائيل (بحيث يعود اليها حوالي 100 ألف لاجئ خلال عشر سنوات، بشرط عدم تسجيل «حق العودة» وعدم تحميل اسرائيل مسؤولية التشريد.

ورفض الرئيس عرفات، التعقيب على هذه الصيغة. وقال: «هذا الحديث سابق لأوانه، لم يطرح بعد اي شيء تفصيلي. كل ما في الأمر، اننا نتدارس مختلف الاقتراحات، من اجل التقدم نحو سلام الشجعان، فالسلام هو خيارنا الاستراتيجي».

وقد استعمل باراك الكلمات نفسها، خلال دفاعه عن سياسته هذه، وقال امس، بعد جلسة الحكومة: «السلام بالنسبة لي خيار استراتيجي، وليس مجرد خدمة مصالح انتخابية وشخصية كما يزعم الفاشلون في اليمين». وأضاف: «حتى لو دفعت ثمناً كرسي رئاسة الحكومة، فانني لن اتخلى عن طريقي المبدئي في الوصول الى سلام، فلا يوجد طريق آخر. ملزمون بالاستمرار في هذا الطريق. انا لا أريد العودة الى الوراء، حيث تركنا الف قبر من وجودنا في لبنان و3000 قبر في حرب اكتوبر (تشرين الأول) 1973. لن اقبل بالعودة الى سياسة المغامرات والعيش سكارى بعظمة قوتنا وعميان بتفوقنا العسكري. لقد عاهدت الشعب بأن احقق السلام. وهذا ما أفعله انا وشلومو بن عامي ويوسي بيلين (وزير القضاء) وامنون شاحاك (امين سر باراك في المفاوضات ومبعوثه الدائم الى عرفات).

وقال باراك انه يسعى لاستئناف المفاوضات بكل قوته، ولكن ليس بأي ثمن. وأضاف: «انني مصمم على ذلك من خلال ادراك عميق لمسؤوليتي في منع حرب شاملة أخرى ومنع دفع ثمنها».

في المقابل التقى الرئيس عرفات، امس في مقره بغزة، مع مجموعة من أعضاء الكنيست اليساريين اليهود والعرب، الذين جاءوا ليؤكدوا دعمهم لاستئناف المفاوضات ودعوتهم لوقف العنف والمواجهات من الطرفين. وبعث عرفات من خلالها برسالة الى الشعب الاسرائيلي يقول فيها انه يريد السلام، لكن ذلك القائم على الحد الأدنى من العدل «ونحن لا نطلب المستحيل. كل ما نطلبه هو الموقع في الاتفاقيات الثنائية من جهة والاتفاقيات الدولية من جهة أخرى». واتهم عرفات «لوبي الجنرالات في اسرائيل» بعرقلة مسيرة السلام بشكل مقصود على طريق تصعيد القمع، والمواجهات ضد الشعب الفلسطيني». وقال: نحن لا نبحث عن تصعيد. ولا نريد سفك دماء. نحن شعب تعرض لما يكفي من قتل وتشرد ودمار، ولا نريد سوى الحياة مثل بقية الشعوب، بحرية وبانسانية.

وهاجم اليمين الاسرائيلي سياسة باراك وقال الناطق بلسان الليكود والمقرب من بنيامين نتنياهو، داني نافيه: ان ما يحاول القيام به باراك اليوم هو ليس مفاوضات سلام. كل ما يريده هو البقاء في الحكم. ومن اجل ذلك مستعد لتسليم القدس وازالة المستوطنات.

واستند اليمين الى تصريحات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، عاموي مالكا، التي قال فيها ان عرفات يصر على تخليد مبدأ مواصلة المفاوضات في وقت استمرار المواجهات. واعتبر اليمين ذلك سابقة خطيرة في تاريخ اسرائيل.