مشكلة ترانزيت أميركية تمنع تسليم مصري من الأوروغواي والقاهرة قد ترسل طائرة خاصة

زوجة محمد سعيد مخلص المتهم بالمشاركة في مذبحة الأقصر: كيف شارك فيها وهو الذي غادر مصر قبل وقوعها بأربع سنوات؟

TT

مشكلة تتعلق بقوانين الترانزيت الجوي في الولايات المتحدة عطلت في اللحظة الأخيرة أمس تسليم مصري الى القاهرة من الأوروغواي، لأن سلطات الأخيرة تلقت اشعارا أميركيا بأن قوانين الطيران المدني في الولايات المتحدة تمنع تحليق أي طائرة في أجواء البلاد أو هبوطها كترانزيت في أي مطار أميركي، اذا ما كان على متنها راكب متهم من بلاده بالارهاب، خشية أن يتقدم من الطيار وهو في الأجواء أو من سلطات المطار حين تهبط الطائرة فيه بطلب للجوء السياسي، وفق بيان من وزارة الداخلية بالأوروغواي بررت فيه أمس الغاء التسليم الموعود في اللحظة الأخيرة.

وكان من المقرر أن تقلع صباح أمس طائرة تابعة للخطوط الجوية الأوروغوانية من مطار مونتيفيديو، وعلى متنها رجال أمن مصريون يرافقهم مواطن لهم مكبل بالأصفاد، هو محمد سعيد مخلص، المعتقل منذ 29 يناير (كانون الثاني) 1999 في مونتيفيديو، لعبوره مع زوجته وأولاده الثلاثة بجواز سفر ماليزي مزور من القسم البرازيلي لبلدة «شويْ» الى قسمها الآخر بالأوروغواي، حيث تلقت السلطات الأوروغوانية من بعدها طلبا من مصر لتسليمه اليها، فظل نزيلا في السجن ينتظر نهاية لأخذ ورد بين دولتين غير موقعتين على اتفاقية تبادل للمطلوبين بينهما، حتى وافقت مونتيفيديو الاثنين الماضي على تسليمه بعد تعهد مصري «بعدم محاكمته ثانية، كي لا يحكم بالاعدام، بل بالمؤبد على الأكثر» وفق ما قاله وزير داخلية الأوروغواي، غيليرمي ستيرلينغ، وكان قد شرح منذ يومين حيثيات النية بتسليم مخلص المتهم من مصر بتلقي تدريبات في معسكرات بن لادن بأفغانستان، وبما هو أخطر من ذلك: المشاركة في 1997 في عملية لتنظيم «الجماعة الاسلامية» المحظور، قضى فيها 58 سائحا وهم بين الآثار الفرعونية حين فاجأهم الرصاص من الرشاشات، فخروا بدمائهم ضحايا لما أطلقوا عليه في ما بعد «مذبحة الأقصر» الشهيرة.

ومشكلة الترانزيت الجوي والقوانين المرتبطة بنقل مطلوبين من بلادهم طرأت أيضا مع اسبانيا ومع الأرجنتين، وهي دول تعبر الطائرات المدنية التابعة للخطوط الجوية الأوروغوانية أجواءها وتحط في مطاراتها كترانزيت، وجميعها عانت الأوروغواي معها أمس وتخوفت أن يطلب مخلص اللجوء السياسي اذا ما مرت الطائرة بأجوائها أو حطت في مطارها لساعة أو ساعتين وأكثر، الى درجة أن الحكومة المصرية قد ترسل طائرة خاصة في اليومين المقبلين الى الأوروغواي لاسترداد مخلص الذي نفى دائما أي مشاركة له في مذبحة الأقصر أو التدرب في أفغانستان، وكذلك نفتها زوجته سحر محمد، 30 سنة، وتنفيها الآن أيضا من حيث ما زالت تقيم في مدينة «فوز دو إيغواسّو» الشهيرة بشلالات هي الأكبر في العالم بأقصى جنوب البرازيل، حيث هدير المياه المتساقط يصل بدءا من الغروب الى سكان مدينة «سيودا دل لستي» الواقعة بالباراغواي عند حدود مثلثة للبلدين مع الأرجنتين، يقيم في مدنها وبلداتها أكثر من 23 ألف مغترب ومتحدر لبناني.

ومن البيت في «فوز دو إيغواسّو» قالت سحر محمد بالهاتف الى «الشرق الأوسط» أمس إن أبا أولادها الثلاثة مظلوم تماما منذ اعتقلوه قبل 4 سنوات و5 أشهر «يثبت ذلك أن جميع أولادي الثلاثة حاصلون على جنسية البرازيل لأنهم ولدوا فيها بعد هجرتنا اليها منذ أكثر من 11 سنة، ولم نغادرها أبدا، لا أنا ولا زوجي طوال هذه السنين، فكيف يكون مشاركا في عملية الأقصر وهو الذي غادر مصر قبل وقوعها بأربع سنوات»؟

وروت سحر، التي تعمل الآن معلمة في احدى المدارس العربية بفوز دو إيغواسّو، أن زوجها كان قد فقد جواز سفره حين وصلت معه الى منطقة الحدود المثلثة «فقام بابلاغ القنصلية المصرية بذلك، ولديهم وثائق ابلاغه لهم، الا أنهم لم يزودوه بجواز جديد، بل ظل يعمل في منطقة الحدود باقامته البرازيلية الدائمة، الى أن تدهورت الأوضاع التجارية في المنطقة الحدودية، فباع محلا للأجهزة الالكترونية كان يملكه في «سيودا دل لستي» البعيدة في الباراغواي كيلومترين عن «فوز دو إيغواسّو» البرازيلية، حيث لا يفصلهما الا جسر على نهر بارانا، الفاصل بدوره بين الدولتين.

بعد بيعه للمحل قرر مخلص المغادرة مع زوجته وأولاده الثلاثة الى الأوروغواي، فمضى الى بلدة «شويْ» القريبة بالذات، وهي مزدهرة ويقيم فيها أكثر من 3 آلاف لبناني مغترب ومتحدر، ومعهم أكثر من 500 مهاجر فلسطيني، ويقع نصفها في البرازيل ونصفها الآخر في الأوروغواي. وحين كان يعبر الشارع الرئيسي، الفاصل فيها بين الدولتين، استوقفوه عند نقطة العبور الى الأوروغواي، ووجدوا أن جواز سفره كان ماليزيا ومزورا، باسم هشام آغا بلال الطرابيلي، فاعتقلوه بجرم استخدام وثائق هوية مزورة، وهو ما عقوبته الطرد من البلاد بعد السجن لشهرين على الأكثر. لكن طلبا قضائيا وصل من مصر بعد اعتقاله بأيام، مرفقا بوثائق من أنه ارهابي وتدريب في أفغانستان، ومن بعدها شارك في عملية الأقصر، فطال نزوله في السجن من آخر سنة في القرن العشرين الى منتصف السنة الثالثة من القرن الواحد والعشرين، والى الآن لا يجدون طريقة تكفل استعادته بالتي هي أحسن، أي مكبلا بالأصفاد الى سجن يمضي فيه بقية الحياة في القاهرة.