ديلاي زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأميركي يعارض «خريطة الطريق» وقيام دولة فلسطينية

قال قبل جولة بالمنطقة: لا أتخيل أن بوش يدعم قيام دولة إرهابيين

TT

لم يحاول توم ديلاي، زعيم الاغلبية في مجلس النواب الاميركي قط ان يذكر الناس بانه مكافح اوبئة سابق من منطقة شوغار لاند بولاية تكساس. ولكن سيتعين عليه، في بداية عطلة نهاية الاسبوع الحالي، ان يتوجه الى المنطقة الاكثر تعقيدا واشكالية في العالم، ويلتقي برؤساء وزارات، ويتحدث الى برلماني اجنبي، وبوجوده يذكر ادارة الرئيس جورج بوش بان تلتفت الى جناحها اليميني وهي تسعى الى تحقيق السلام.

واذا يتوجه الى اسرائيل والاردن والعراق خلال جولته الاسبوع المقبل، فانه سيحمل معه رسالة شك خطير بان الشرق الاوسط مستعد لدولة فلسطينية، كما دعت اليها خطة السلام الراهنة، المعروفة بـ «خريطة الطريق»، والتي تدعمها الادارة واوروبا.

وقال في مقابلة اجريت معه امس، بينما كان يستعد للرحيل في جولة رسمية تستغرق اسبوعا «انا واثق من ان هناك في الادارة من هم اكثر براعة مني، ولكنني لا استطيع ان اتصور امكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل القريب جدا».

واضاف «لا استطيع ان اتخيل ان هذا الرئيس يدعم دولة ارهابيين، دولة ارهابيين ذات سيادة. يتعين على المرء ان يغير ثقافة جيل بأكمله تقريبا».

وبدلا من ذلك دعا ديلاي، وهو واحد من اكثر ثلاثة جمهوريين نفوذا في الكونغرس، الادارة الى تنفيذ «خطة مارشال» في المناطق الفلسطينية حيث تدفع الولايات المتحدة من اجل اعادة اعمار الاقتصاد هناك بدلا من تقديم المساعدة الى الزعماء الفلسطينيين مباشرة. وقال انه ظل يعمل بدأب من اجل اقناع البيت الابيض بدعم خطته، وانه يعتزم طرحها في اجتماعات منفصلة مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. كما انه سيلقي خطابا في البرلمان الاسرائيلي ويلتقي مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني.

وخلال العام او العامين الماضيين برز ديلاي كشخصية هامة في السياسة المتعلقة بالشرق الاوسط، خصوصا منذ توليه منصبه كزعيم للاغلبية في الدورة الحالية. وغالبا ما سعى الى تقديم مساعدة لاسرائيل اكبر مما تقدمه ادارة بوش، ووصف خطة السلام، في الماضي، باعتبارها «خريطة طريق للتدمير».

وكمسيحي بروتستانتي، فانه يعتبر العضو الابرز في واشنطن في الحركة الصهيونية المسيحية، وهي كتلة كبيرة من الجمهوريين المحافظين ممن يستند دعمهم لاسرائيل الى تفسيرات توراتية، الامر الذي يضعهم، في بعض الاحيان، على يمين الحكومة الاسرائيلية. وارتيابه الدائم بمبادرة بوش للسلام يشير الى انه ما يزال يتعين على الرئيس ان يصارع الجناح اليميني في حزبه في مسعاه الى خطة تدعو، في نهاية المطاف، الى دولة فلسطينية.

وقد اثنى ديلاي على الرئيس امس لرفضه، بشدة، التفاوض مع ياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني الذي سماه ارهابيا، وقال انه لن يكون انتقاديا بشأن خريطة الطريق. لكن من الواضح انه اخذ على حين غرة بسرعة تقدم اسرائيل نحو المفاوضات مع الفلسطينيين.

فقد قال «كان لك ان تسلبني» عندما اعلن شارون في مايو (ايار) الماضي ان الوقت قد حان لتقاسم ارض اسرائيل مع الفلسطينيين، وهو موقف ظل ديلاي يمقته منذ زمن بعيد، بكثير من الهدير الذي اعتاد ان يكون عليه شارون.

وقال انه، حتى في الوقت الحالي، يعتقد ان على الفلسطينيين ان يمضوا ابعد في ادانة الارهاب قبل ان تتوفر امكانية تحقيق سلام هادف.

واوضح انه «حتى الان لا يمكن ان اتخذ موقفا انتقاديا، ولكن لدي الكثير مما يقلقني. فقد شهدت عملية سلام تلو اخرى، وهو ما يحدث عندما تستحث العملية كل شيء باستثناء السلام. وعندما يتحدثون عن خريطة الطريق، اتساءل عما اذا كانت هذه خريطة طريق تعتمد على خطاب الرئيس، ام خريطة طريق تعتمد على مفهوم معين لوزارة الخارجية بشأن عملية سلام اخرى».

غير انه قال ان النصر العسكري الاميركي في العراق قد منحه شيئا من التفاؤل بان الفلسطينيين يمكن ان يبدأوا بالابتعاد عن استخدام العنف، كما بدأوا يقيمون نفوذ الولايات المتحدة.

وقال ديلاي، الذي سيقوم، ايضا، بزيارة قصيرة الى القادة العسكريين الاميركيين في بغداد الاسبوع المقبل، انه «في العالم العربي كانوا قبل 11 سبتمبر (ايلول) 2001 يعتقدون ان الولايات المتحدة نمر من ورق. وقد كان لدينا رئيس في ذلك الوقت تجلى انتقامه من الارهاب في رمي عدد قليل من القنابل في الصحراء. وقد اثار ذلك سخريتهم. اما الان فانهم يرون ان الامر يجسد قوة حقيقية. واذا ما حققت التجربة الجارية في العراق النجاح، فسيكون لها تأثير هائل في العالم العربي، حيث تثبت للناس الذين يتطلعون الى الحرية والاستقلال والتعليم ان بوسعهم القيام بذلك».

ويعتزم الديمقراطيون من اعضاء الكونغرس، ممن يأملون عدم خسارة دعمهم اليهودي التقليدي للجمهوريين المناصرين لاسرائيل، القيام، ايضا، بزيارة رسمية الى اسرائيل. وسيترأس ستيني هوير، النائب عن ميريلاند، و«حامل السوط» في البرلمان، وفدا يضم 29 من اعضاء المجلس الديمقراطيين، في زيارة الى اسرائيل الشهر المقبل، وقال انه يعتقد انه سيحمل وجهة نظر اكثر تفاؤلا بشأن السعي الى السلام.

واشار الى ان مجموعته تحمل وجهة نظر اكثر تفاؤلا بشأن قدرة اولئك المشاركين في العملية «لتحقيق سلام راسخ في الامد القريب يرتبط باقامة دولة فلسطينية، ووجود دولة اسرائيل الامنة وذات السيادة».

وقال هوير انه يتفق، عموما، مع وجهة نظر ديلاي من ان الولايات المتحدة يجب ان تكون ملتزمة، بشكل مطلق، بوحدة وامن اسرائيل، على الرغم من انه اشار الى ان الموقف الجمهوري مدفوع، في جانب منه، بالقضايا السياسية الداخلية.

غير ان ديلاي قال ان القضايا السياسية لا علاقة لها بموقفه، متوقعا ان اليهود لن يتركوا الحزب الديمقراطي باعداد كبيرة ابدا. واوضح ان عاطفته تجاه اسرائيل مدفوعة بدعمه لقيمها الديمقراطية وبايمانه.

وقال «اعترف ان ايماني الديني جاء من ذلك الجزء من العالم. وفي اطار ايماني، فان الصراع من اجل الحق والباطل، وفهم الخير والشر، واضح تماما ومباشر تماما».

* خدمة «نيويورك تايمز»