الأمير سعود الفيصل: ليس لدينا ما نخفيه ولا نحتاج حماية من أحد

قال إن المحققين الأميركيين أحرار في استجواب البيومي في أي وقت وكشف عن تأكيد بوش له أن السعودية وأميركا ضحيتان للإرهاب وشريكتان في محاربته

TT

اعلن الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي امس ان المواطن السعودي عمر البيومي الذي يشتبه في الولايات المتحدة بأنه كان على علاقة باثنين من منفذي اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، ليس عميلا سعوديا وبإمكان الاميركيين ان يستجوبوه في اي وقت. واكد الامير سعود الفيصل لمحطة «إن بي سي» غداة لقائه مع الرئيس الاميركي جورج بوش في البيت الابيض ان البيومي «ليس قطعا عميلا للحكومة السعودية».

وقال الامير سعود الفيصل مخاطبا الاميركيين «قمتم باستجوابه في الماضي قبل ان تطلقوا سراحه. واستجوبه البريطانيون مجددا معكم وأطلقوا سراحه لعدم توفر أدلة. وقمنا نحن باستجوابه واطلقنا سراحه لانه لم يكن لدينا أدلة». وفي ما يتعلق باثنين من منفذي اعتداءات 11 سبتمبر ورد انهما خالد المحضار ونواف الحازمي، أوضح الامير سعود الفيصل ان البيومي «كان يعرفهما وتم البحث معه في هذه المسألة وحاولوا (الذين استجوبوه) إقامة علاقة بينه وبينهما، ولم يجدوا أي تهمة ضده فأخلوا سبيله». وأضاف «لدينا فريق في السعودية يدرس هذه القضية ويضم أميركيين وسعوديين».

وكان الرئيس الاميركي جورج بوش قد رفض طلبا سعوديا للكشف عن جزء سري من تقرير الكونغرس تردد انه يزعم ان السعودية ساعدت في هجمات 11 سبتمبر 2001. وكان الامير سعود الفيصل قد قال معلقا ان الـ28 صفحة التي تضم الاجزاء المحذوفة من التقرير حول اتهام السعودية بالمساعدة في هجمات 11 سبتمبر ليست من العدل والإنصاف في شيء. وأضاف خلال لقاء في البيت الابيض رتب على عجل ان هذا الاتهام قائم على اساس تكهنات مضللة ونابع عن نيات خبيثة. وقال الامير سعود الفيصل ان بلاده «اتهمت تلميحا» وانه لا يمكن الرد على صفحات محذوفة، مؤكدا ان السعودية ليس لديها ما تخفيه وانها لا تسعى ولم تكن في حاجة الى حماية احد.

جدير بالذكر ان الطلب الرسمي الذي تقدم به وزير الخارجية السعودي جاء ضمن خطاب رسمي من الامير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، الذي تربط بينه وبين بوش علاقة وثيقة.

وعكست كلمات الامير سعود الفيصل الحادة خلال لقاء البيت الابيض توترا جديدا بين واشنطن والسعودية التي ظل الرئيس بوش يصفها بأنها حليف مهم في الحرب على الارهاب. كما ان من المحتمل ان تشعل معركة جديدة بين الادارة الاميركية واعضاء الكونغرس عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وخلافا لما قاله اعضاء الكونغرس الذين اطلعوا على التقرير، اشار الرئيس بوش الى ان المعلومات المحذوفة ربما تكشف عن مصادر ووسائل من المحتمل ان تجعل كسب الولايات المتحدة للحرب على الارهاب امرا صعبا. إلا ان الينور هيل، مديرة لجنة التحقيق التابعة للكونغرس، قالت اول من امس انه من الممكن الكشف عن المزيد من الاجزاء المحذوفة دون ان يتسبب ذلك في الإضرار بالأمن القومي للولايات المتحدة.

وكانت الادارة الاميركية قد طلبت استجواب طالب الدراسات العليا السعودي البيومي الذي قال التقرير انه ساعد المحضار والحازمي في الاستقرار في سان دييغو وعلى دفع قيمة الايجار. وزعم تقرير الكونغرس ان لدى البيومي «تمويلا غير محدود من السعودية فيما يبدو».

من جهته، أكد الامير سعود الفيصل للصحافيين ان البيومي «مطلق السراح» في السعودية وان بوسع الولايات المتحدة استجوابه داخل السعودية. وأشار الى ان الطلب قدم عقب اجتماعه مع بوش في جلسة منفصلة مع مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس. وقال ان رايس ابلغته بأنها طرحت هذه القضية بناء على طلب من مدير مكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي) روبرت مولر. ومن جانبهم قال مسؤولون سعوديون ان الولايات المتحدة لم يحدث ان طلبت مطلقا التحقيق مع البيومي وان السلطات السعودية اطلقت سراحه عقب التحقيق معه من قبل مسؤولين اميركيين وبريطانيين وسعوديين. وأوضح الامير سعود الفيصل خلال لقاء مع صحافيين في السفارة السعودية انه سبق ان قال ان هذه القضية ستكون سهلة وانه اذا كانت هناك حاجة الى اجراء تحقيق مع أي شخص في السعودية، فإنه يمكن ان يتم بواسطة مديري مكاتب وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) و«اف بي آي»، مؤكدا ان هذا الامر لا يتطلب اتفاقا على مستوى عال بين البلدين.

ويقول الجزء الذي لم يحذف من تقرير الكونغرس ان البيومي اوصل مبلغ 400 ألف دولار من السعودية الى مسجد كردي في سان دييغو.

واشارت المذكرة ايضا الى ان لدى مكتب المباحث الفيدرالي شكوكا كثيرة ازاء البيومي، الذي يعتقد مخبر يعمل لحساب «اف بي آي» انه ظل يساعد خاطفي الطائرات التي نفذت بها هجمات 11 سبتمبر كعميل استخبارات سعودي. وأورد التقرير ان البيومي لم يقدم فحسب مقدم ايجار شقة لاثنين من الخاطفين ومترجما لمساعدتهما، بل كان لديه مصدر تمويل من السعودية. وقال مسؤولون سعوديون ان كوندوليزا رايس قالت ان ضباطا اميركيين يريدون استجواب مواطن سعودي في الولايات المتحدة، إلا ان المسؤولين لم يكشفوا عن هوية هذا الشخص، لكنهم اشاروا الى انه لا اعتراض على طلبها.

وقال وزير الخارجية السعودي ان البيت الابيض لم يتقدم بطلبات اخرى محددة للمساعدة في الحرب ضد الارهاب، وأوضح ان بوش ابلغه بأن السعودية حليف قوي للولايات المتحدة في الحرب ضد الارهاب وان الدولتين ضحية للارهاب. وقال الامير سعود الفيصل انه التقى بوش لمدة 40 دقيقة ورايس لمدة نصف ساعة، وأضاف ان بوش دافع بقوة عن عدم الكشف عن الجزء السري من التقرير، وأوضح ان السعودية ليست وحدها وإنما هناك «عناصر اخرى» يشعر بوش بالقلق ازاء كشفها في الجزء المحذوف من التقرير. إلا ان الامير سعود الفيصل قال انه «مهما كتب في التقرير فانه لا يعدو ان يكون سوى وضع الاشياء التي قيلت سابقا في قالب جديد».

جدير بالذكر ان بوش قال في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قبل لقائه مع الامير سعود الفيصل ان قراره عدم نشر ما كتب في الجزء المحذوف في التقرير المذكور نابع عن مخاوف تتعلق بالامن القومي الاميركي ولا علاقة له بالسياسة، رغم انه حاول تفادي الاجابة على سؤال حول السبب في اعتقاد الكثير من اعضاء الكونغرس انه يرفض المساعدة في إلقاء الضوء على أي دور مزعوم للسعودية في هجمات 11 سبتمبر. وكان بوش قد اجاب قائلا ان الولايات المتحدة «ما تزال في حرب مستمرة ضد «القاعدة» والارهابيين وان الكشف عن المعلومات المشطوبة من التقرير ستكشف عن مصادر ووسائل ستجعل من الصعب على الولايات المتحدة كسب حربها ضد الارهاب». لكنه أوضح ايضا «ان الولايات المتحدة ربما تكشف في مرحلة مقبلة وبعد استكمال التحقيقات الجزء الذي شطب من التقرير اذا تأكد ان ذلك لن يضر بالأمن القومي للبلاد». وفي نفس الوقت اكد بوش ان السلطات الاميركية والدول الحليفة للولايات المتحدة تجري تحقيقا مكثفا حول المشاركين المحتملين في هجمات 11 سبتمبر، مؤكدا انهم لا يريدون الإضرار بهذا التحقيق. وقال معلقا انه اذا كان هناك اشخاص موضع تحقيق فإنه لا يجب الكشف عن أسمائهم.

وقرأ الامير سعود الفيصل بيانا قال فيه ان السعودية تحترم قرار الرئيس الاميركي. واعرب عن ارتياحه لتوفر الفرصة لمناقشة قضية تعاون البلدين في مكافحة الارهاب. وقال أمام عدد من مراسلي القنوات التلفزيونية ان «المملكة العربية السعودية تشعر بخيبة أمل إزاء عدم نشر التقرير كاملا». وشجب بقوة اولئك الذين اشاروا علنا الى ان السعودية لعبت دورا مساعدا في هجمات 11 سبتمبر وانها سمحت لتنظيم «القاعدة» بالنمو داخل السعودية قبل وبعد هجمات 11 سبتمبر. وقال الامير سعود الفيصل ان الحكومة السعودية حاربت «القاعدة» بلا هوادة وان الرئيس بوش اشاد خلال اجتماعه معه بجهود السلطات السعودية في هذا الشأن. واضاف ان «الرئيس بوش اكد له أن مثل هذه الخطوات لا تأتي الا من حليف قوي في الحرب ضد الارهاب»، وقال ان بوش قال له ان «السعودية والولايات المتحدة ضحيتان للارهاب وشريكتان في الحرب ضده مما يجعل لزاما عليهما العمل معا وبصورة فاعلة في جو من الثقة المتبادلة من اجل كسب هذه الحرب».

وقال الامير سعود الفيصل للرئيس بوش خلال اجتماعهما ان المسؤولين السعوديين يشعرون بالقلق ازاء المزاعم التي تظهرهم وكأنهم لا يساعدون في الحرب ضد الارهاب خصوصا في ظل التعاون المطرد منذ تفجيرات الرياض في 12 مايو (ايار) الماضي التي راح ضحيتها 35 شخصا من بينهم تسعة إرهابيين. وقالت مصادر مطلعة ان الامير سعود الفيصل ابلغ بوش أن الجانب السعودي يشعر بقلق بالغ ازاء مزاعم مشاركة السعودية في هجمات 11 سبتمبر، مما دفع الكثير من اعضاء الكونغرس الى المطالبة بإجراء المزيد من التحقيقات.

وأكد الامير سعود الفيصل ان «نشر الصفحات المشطوبة من التقرير سيمكن السعودية من الرد على أي ادعاءات على نحو صادق وواضح وإزالة أية شكوك حول الدور الحقيقي للمملكة في الحرب ضد الارهاب والتزامها بمكافحته».

* خدمة «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»