رامسفيلد يعتزم اقتراح تشكيل قوة دولية للتدخل في النزاعات

وزير الدفاع الأميركي يريد تعزيز القدرة القتالية للجيش الأميركي بدون زيادة في الطواقم

TT

يتوقع ان يأمر وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، وهو يسعى لزيادة القدرة القتالية لبلاده بدون توسيع عدد القوات العسكرية، باجراء مراجعة جذرية لسياسات وزارة الدفاع (البنتاغون)، حسبما قال مسؤولون في البنتاغون. ويتضمن ذلك كل شيء ابتداء من التعبئة اثناء اوقات الحرب الى الالتزام بمهام حفظ السلام وتدريبات جنود الاحتياط. ومن ناحية اخرى، يعتزم وزير الدفاع الأميركي اقتراح تشكيل قوة دولية للتدخل في النزاعات في العالم.

وقال مسؤول في البنتاغون ان رامسفيلد سيأمر قيادة وزارة الدفاع بعناصرها المدنية والعسكرية، باعادة التفكير في ايجاد الطرق التي تقلل من الضغط المفروض على القوات المسلحة وتحقيق التجنيد والابقاء على الأهداف وتحسين اداء البنتاغون.

بشكل جوهري، سيطلب رامسفيلد من المسؤولين في الوزارة لمعالجة الكيفية التي يمكن ان يصبح فيها البنتاغون اكثر كفاءة باستخدامه للقوات عندما يكون انتشارها واسعا بحيث يكون عددها غير مكثف في المناطق المرسلة إليها على المستوى العالمي.

وسيُنظر الى هذه المراجعة من بعض الدوائر بأنها استجابة للأعضاء الأقوياء في الكونغرس الذين طالبوا بكفاءة أكبر للقوات المسلحة اثناء الحروب، اذ أدى الانتشار العسكري الطويل الأمد في العراق الى تزايد الشكاوى من عائلات الجنود وبعض أفراد الاحتياط الذين ظلوا في العراق فترة أطول مما كان مقررا لهم.

وتتعارض بعض الافكار المقترحة كطرق لتعزيز القوة القتالية مع جوهر التخطيط العسكري. ويثير احد المقترحات الممارسة المتبعة منذ فترة طويلة بتخصيص وحدات عسكرية داخل الولايات المتحدة لأداء مهمات عسكرية في مناطق الحرب، مما يتعارض مع اصدار الاوامر لافراد الجيش ان يكونوا على أهبة الاستعداد متى طلب منهم المشاركة في الحرب. ويتساءل مقترح آخر ما اذا كان تحقيق تقدم في ميدان جمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها سيسمح للولايات المتحدة بتوقع التهديدات بدرجة اكبر من الدقة. فهذه «التحذيرات الاستراتيجية» ستوجه الخطط بشكل فعال لارسال الوحدات المخصصة لهذه الأغراض.

وتستند اقتراحات أخرى إلى الجانب البراغماتي، اذ ابلغ رامسفيلد الكونغرس بأنه يريد تحويل عمل يقوم به حاليا عسكريون الى مدنيين او الى عمال بعقد قصير يبلغ عددهم نحو 300 اداري.

وبينما رفض بعض أعضاء الكونغرس هذا الاقتراح لضخامته، فان مسؤولا في البنتاغون قال انه حتى لو تم تحويل سدس الأشغال الى المدنيين، فسيكون ذلك مكافئا لفرقتين عسكريتين تتفرغان للقتال بدون ان يؤدي ذلك الى زيادة في عدد الجنود الذين يتسلمون وبشكل دائم رواتب من البنتاغون.

وهذا ينطبق أيضا على سلاح البحرية، اذ ربط المخططون بين تصاميم السفن الجديدة والتكنولوجيا الجديدة لخفض عدد البحارة بنسبة 50 في المائة.

والطريقة الاخرى المقترحة هي مطالبة الحلفاء بالمساعدة في تحمل الاعباء. وقال المسؤولون ان هناك 3000 ألماني يحرسون قواعد الولايات المتحدة في ألمانيا معوضين بذلك الأميركيين الذين ارسِلوا إلى العراق. وقبل ان يسأل رامسفيلد ألمانيا ان توفر هذه الدوريات تمت تعبئة آلاف المجندين الأميركيين لأداء هذه المهمة.

ووجهة نظر رامسفيلد ازاء هذه المقترحات جاءت في ورقة عمل قدمها باسم «حدود القوة» وتغطي أكثر من عشر صفحات. ولحد الآن جرت على تلك الورقة اربع مراجعات مع المستشارين المدنيين والعسكريين في البنتاغون، حسبما قال المسؤولون الذين شاهدوا هذه الوثيقة.

ويتوقع ان يثار نقاش حاد في الكونغرس حول هذه الورقة بعد عودة أعضائه من عطلتهم السنوية في سبتمبر (أيلول) المقبل. وكانت الشخصيات القوية في الكونغرس قد أخذت نسخا من هذه الورقة للاستعداد للمناقشة القادمة. وقال السناتور الجمهوري كاي بيلي هوتشيسون، رئيس لجنة التخصيصات العسكرية في مجلس الشيوخ: «اننا بحاجة إلى عدد اكبر من الوحدات العسكرية ومهمات عسكرية أقل. هل لدينا عدد كاف من القوات البرية والبحرية للمشاركة في العمليات العسكرية التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر لضمان الأمن القومي؟ رأيي هو اننا لا نملك ذلك».

وتستند بعض الحجج التي طرحها رامسفيلد الى أدلة مستقاة من ساحات الحرب في أفغانستان والعراق. وتقترح هذه الحجج إجراءات عمومية بضرورة زيادة عدد القوات المسلحة. فعلى سبيل المثال كانت الدروس الأولية من هاتين الحربين عدم الحاجة الى «قوة ساحقة عدديا» لهزم الخصم، اذ القوة الساحقة تتحقق ايضا بالأسلحة دقيقة التصويب والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة وسرعة المناورة والمهام المشتركة التي تساهم فيها كل انواع القوات المسلحة.

ومع ذلك، فان الانتصار السريع على قوات صدام حسين لم يسكت اولئك الذين يقولون ان قوات اخرى مطلوبة حاليا لتحقيق الاستقرار في العراق وكسب رهان السلام فيه. وأصبح الضغط المسلط على وحدات الحرس الوطني والاحتياط داخل العراق مصدرا لقلق كبير. وسيحلل المسؤولون كيفية زيادة فترة خدمة الاحتياط.

وسيطلب رامسفيلد اجراء تحليل لمقترح يحمل اسم «مبادرة عمليات السلام» ويهدف لخلق قوة تدخل دولية، تخفف الضغط على الولايات المتحدة للقيام بمهام شبيهة بالتي تجري حاليا في ليبيريا. وسيكون دور الولايات المتحدة معنيا بالجانب اللوجيستي والنقل والمعلومات الاستخباراتية. في الوقت نفسه سيقيّم البنتاغون الكيفية التي تمكنه من تقليل التزاماته في سيناء والبوسنة وكوسوفو.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»