أتباع صدام يخطفون الأبناء لابتزاز الآباء

أحد الخاطفين لرهينته: لا تقلق أموال أبيك لن تذهب هدرا.. سنستخدمها في النضال ضد الأميركيين

TT

ذات صباح من الشهر الماضي، كان مارتن شكور يقف أمام منزل أسرته، عندما اقتربت من بوابة المنزل الامامية سيارة مرسيدس بنز ـ سيدان كان بداخلها أربعة من الرجال المهندمين. وسأله أحد الرجال «هل أنت ابن عدنان؟» وأجاب مارتن بالإيجاب. كان فتى طويل القامة، طفولي الملامح، يبلغ من العمر 17 سنة، وكان والده من رجال الأعمال الأغنياء. أخرج أحد الرجال بندقية كلاشنيكوف إي كي-47 وأمر مارتن بأن يركب السيارة. وكانت تلك بداية محنة استمرت 16 يوما ولم تنته إلا بعد أن دفع والد مارتن فدية بلغت 30 ألف دولار، وهو مبلغ ضخم في العراق اليوم. ومع أن مارتن عاد إلى اسرته حيا، إلا أنه تعرض للضرب المبرح. وحادثة خطف مارتن هي الأخيرة في سلسلة الحوادث المعروفة ضمن موجة من أعمال الخطف، يقول المسؤولون ان عناصر أمن الرئيس السابق صدام حسين ومخابراته هي التي تقوم بها. والعناصر التي تقوم بالخطف مسلحة تسليحا جيدا ومنظمة، وتستخدم نفس الاساليب التي كان يستخدمها النظام القديم ضد معارضيه السياسيين. ويبدو أن الخاطفين لديهم معلومات دقيقة عن اوسع الأسر ثراء في بغداد وقد دفعت لهم في بعض الحالات مبالغ وصلت إلى 100 ألف دولار كفدية.

ويقول المسؤولون الأميركيون العاملون مع الشرطة العراقية ان الغالبية الساحقة من حوادث الخطف لا يجري التبليغ عنها، إما لأن الاسر خائفة، أو لأنها لا تملك أية درجة من الثقة في قوة الشرطة التي ما تزال صغيرة وسيئة العتاد. قال عدنان شكور، وهو يجلس مع مارتن وبعض أفراد الأسرة في فيلته الفاخرة «هذا امر يحدث كل يوم. أخذوه من الشارع على مرأى من الناس. ونعتقد أنه لا يوجد ما يمنعهم من أخذه مرة أخرى».

قال نعمان شبار، العراقي المولد وعريف شرطة من فيلادلفيا، والذي يعمل مستشارا للشرطة العراقية، ان اربعة حوادث خطف فقط هي التي حظيت بتحقيق متكامل، اعتقل فيه المجرمون أو حددت شخصياتهم. وليس واضحا ما إذا كانت بعض الحوادث الأخرى قد وصلت إلى الشرطة من دون أن تجد العناية المطلوبة. وقال عماد ضياء، مدير المجلس العراقي لإعادة التعمير والتنمية، وهي مجموعة من المعارضين السابقين تقدم معلومات استخبارية إلى القوات الأميركية والشرطة العراقية، ان عدد حالات الاختطاف خلال الشهور الثلاثة الماضية، في بغداد وحدها وصل إلى 40 حادثة. وقال ضياء انه في أغلب الحالات، وإن لم يكن كلها، كان الخاطفون من أعضاء حكومة صدام.

وبينما كانت الأسرة تبحث عنه كان مارتن معصوب العينين، ملقى تحت الدرج في مكان ما ببغداد. وفي الأيام الأولى للاختطاف كان الخاطفون يصفعونه على وجهه مرارا، ويصعقونه بالاسلاك الكهربائية في ظهره. وقد سمع في بعض الأحيان، ثلاثة على الأقل من الرهائن الآخرين، كما سمع الخاطفين يتحدثون عن واحد تمكن من الهرب. وبعد ذلك نقل مارتن إلى منزل آخر. وقال انه سمع الخاطفين يتحدثون في هذا المنزل الجديد عن هجوم ضد الجنود الأميركيين في يونيو (حزيران)، وعن خططهم لشراء صواريخ تطلق من الكتف لإسقاط طائرات الهيلوكوبتر الأميركية. وقال له أحد الخاطفين: «لا تقلق، أموال أبيك لن تذهب هدرا. فنحن سنستخدمها لمواصلة النضال ضد الأميركيين». بعد اسبوع من اختطاف مارتن، جاء قس محلي لمقابلة اسرة شكور المسيحية. وقال لهم ان رجلا أخبره بمكان مارتن وكيف يمكن الإهتداء إلى المنزل. ذهبت الأسرة إلى نقطة أميركية. وقد وافق نقيب أميركي على مرافقة والد مارتن وعمه إلى المنزل، ولكنهم لم يجدوا أحدا عندما كسروا الباب واقتحموا المنزل، حسب رواية ماجد أمين سليم، عم مارتن. ولكن الرجل الذي أخبر القس بالمنزل قال إن الخاطفين نقلوا مارتن إلى منزل آخر عندما وصل الجنود. في الختام وافق الخاطفون على مبلغ 30 ألف دولار. وقد جاء إلى المنزل رجل سمى نفسه وسيطا، محذرا من أنه سيطلق الرصاص إذا بدرت أية محاولة لتدخل الشرطة أو الجنود الأميركيين.

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»