الجنود الأميركيون يتوقعون «غير المتوقع» في مواجهة أعمال العنف في العراق

قوات التحالف تتعرض لأكثر من 10 هجمات يوميا وتفجير مقر الأمم المتحدة زاد من الشعور بعدم الأمان

TT

اعتاد اللفتنانت كورت مونيز وطاقم دبابته القيام بدورياتهم وسط بغداد. وحسب قوله، فقد كان «المدنيون يدعوننا كي نقبض على الرجال الأشرار». كان ذلك قبل ستة أسابيع أما الآن فيعمل مونيز وطاقم دبابته الذي يبلغ عدده 16 شخصا على وضع مخطط أمني في وزارة الزراعة. فهم يجلسون لمدة 12 ساعة في وقت واحد ليعملوا في مجموعات صغيرة يتكون كل منها من اثنين على قمة الدبابة بينما تبعث الشمس الحارقة بلهيبها الحارق صوبهم.

وقال اللفتنانت مونيز، 26 سنة، والقادم من نيويورك «يشعر معظم الزملاء أن علينا أن نكون في موقف هجومي لأن ذلك سيمنع العدو من مهاجمتنا أينما يشاء. نحن الآن في موقف دفاعي. وأي شخص يريد أن يفخخ سيارة فإنه يستطيع أن يختار المكان والزمان».

بعد مضي أشهر على الحملات العسكرية الأميركية والتأكيدات الحازمة على «نقل القتال إلى مواقع العدو»، ترك تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد يوم الثلاثاء الماضي الجنود الأميركيين في وضع دفاعي في المدينة التي كان الدخول إليها تتويجا لانتصار تحقق خلال ثلاثة أسابيع.

وعلى الرغم من أن مئات من أنصار صدام حسين تم القبض عليهم خلال عدة عمليات عسكرية الصيف الحالي لكن الجنود الأميركيين ما زالوا يتعرضون لأكثر من 10 هجمات يوميا. وفي مقابلات جرت معهم، قال جنود اميركيون إنهم يتمنون بشدة تحديد أدوار واضحة لهم في القتال.

قال العريف ريتشارد بتلر من الفوج المدرع السابع والعشرين التابع للكتيبة الرابعة، أثناء وقوفه في حراسة وزارة العدل الواقعة على شارع حيفا الحيوي «كل يوم نحن نفقد جنودا. وحينما تسمعين عن تفجير مقر الأمم المتحدة أو عن مقتل واحد من اخوتك في وحدة أخرى تقولين: طيب، عليّ أن أكون متيقظا».

وفي الأسبوع الماضي، قُتل جندي من الفرقة المدرعة الاولى ببغداد إضافة إلى جرح ستة آخرين بعد ذلك بفترة قصيرة. وفي مدينة الحلة الواقعة على بعد 35 ميلا عن بغداد أطلق مسلح النار على جندي أميركي كانت سيارته واقفة وسط المرور الثقيل ثم اختفى وسط الازدحام. وبلغ عدد القتلى الاميركيين بعد هذا الحادث 64 فردا منذ أن أعلن الرئيس الاميركي جورج بوش عن انتهاء المعارك الرئيسية يوم الأول من مايو (ايار) الماضي.

ولإيقاف الهجمات المتصاعدة ضد الجنود الأميركيين شنت القيادة العسكرية الأميركية في العراق عمليتين عسكريتين كبيرتين هما «عقرب الصحراء» و«الأفعى المجلجلة» وقبضت على مئات من المشتبه في عملهم ضمن نظام صدام حسين السابق أو أنهم مستشارون كبار للرئيس المخلوع. وجرت هذه العمليات إلى شمال وغرب بغداد. وفي يوم واحد من شهر يونيو (حزيران) الماضي اعتقلت القوات الأميركية 180 شخصا في عمليات جرت في بغداد وإلى شمالها خلال الحملات ونقاط التفتيش والدوريات النهرية. أما في الشهر اللاحق فقد زاد المسؤولون الأميركيون من الغارات والدوريات في أكثر أجزاء البلد اضطرابا وهذه تقع إلى شمال وغرب بغداد. ويوم 22 يوليو (تموز) الماضي تم قتل عدي وقصي ابني صدام حسين في معركة مع وحدات أميركية في مدينة الموصل واعتبرت تلك العملية خطوة مهمة ضمن المناخ المعتم الذي يسود العراق منذ انتهاء الحرب فيه بدون بروز طريق يقود إلى النصر.

لكن قيادة الجيش الأميركي في العراق قررت هذا الشهر ايقاف الغارات خوفا من أن تسبِّب الأساليب المزعجة المتبعة خلالها إلى نفور العراقيين من قوات التحالف. وقال المسؤولون الأميركيون إنهم يتلقون بشكل متزايد اخبارا من العراقيين ومعلومات استخبارية أخرى ستساعدهم على التخلص من قادة حزب البعث.

لكن على الرغم من كل هذه الاستراتيجيات، فإن شعور الجنود الأميركيين اليومي بالأمان لم يتحسن، وجاء تفجير مقر الأمم المتحدة ليعمق الشعور بالقلق. وقال العريف الأول مارفين باين، من نيويورك «حينما سمعت بالخبر قلت في نفسي إنني محظوظ لاني لم أكن هناك». وبعد يوم من التفجير أرسل مكتب أمن خاص بعماله الأكراد لحراسة الشارع الضيق الواقع وراء بناية بنك حيث يؤدي بتلر حراسته.

وقال باين الذي كان يؤدي واجب الحراسة مع بتلر إنه اتصل باخواته في مدينته لكنه فضل عدم التحدث مع أمه « لأنها تبدأ فورا بالبكاء». وقال باين: «إنه شيء مخيف. الكثير من الناس في الولايات المتحدة لا يعرفون ما نمر به حقا هنا. أنت لا تعرفين ما سيحدث لك، نحن نتوقع حدوث غير المتوقَّع».

كان العريف فاريك غرين، 21 سنة، يؤدي واجب حراسة البوابة الخلفية للمبنى الأمم المتحدة مع أوامر صارمة بعدم السماح لأي شخص بالدخول إليه إلا للعاملين فيه. وكانت كل سيارة تدخل حاجز الأسلاك الشائكة يتم تفتيشها باليد واستعمل مرآة مثبتة في نهاية عصا للتأكد من عدم وجود قنبلة في جوانب السيارة. وقال باين «ليس هناك شيء طبيعي حولنا. إنها مسؤولية كبيرة لعريف كي يؤديها».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»