قائد القوات الأميركية: نريد قوات من دول إسلامية في العراق لتخفيف العبء على الأميركيين.. وعلي الكيماوي قدم لنا معلومات مهمة

أبي زيد: علينا إضفاء الطابع العراقي على المؤسسات الأمنية والانتهاء من تشكيل الجيش العراقي خلال سنتين

TT

قال الجنرال جون ابي زيد القائد العسكري الاميركي الاول في العراق انه لا حاجة الى مزيد من القوات الاميركية، لكنه شجع دولاً اسلامية حليفة للولايات المتحدة، مثل تركيا وباكستان على ارسال قوات لحفظ السلام في البلد، وشدد على ضرورة انشاء جيش عراقي جديد.

واوضح الجنرال ابي زيد، ان هذه الخطوات تعتبر من بين تلك الاجراءات اللازمة لتمكين العراقيين من تحمل مزيد من المسؤولية بشأن الاوضاع الامنية في بلادهم في اقرب وقت ممكن، ومن اجل تخفيف العبء المادي الذي تتحمله القوات الاميركية والمساهمة في تعديل صورة احتلال العراق الذي تهيمن عليه اميركا.

وقال الجنرال ابي زيد في مقابلة اجريت معه في مقره في قاعدة ماكديل الجوية بولاية فلوريدا: «لا يمكن التقليل من اهمية مشاعر الناس في العراق وفي العالم العربي تجاه الارتفاع الكبير لنسبة القوات الاميركية الموجودة هناك».

وقد تكون هذه القضية وراء رفض ابي زيد، قائد القيادة الوسطى الاميركية، لدعوات اعداد متزايدة من المشرعين الاميركيين بزيادة عديد القوات الاميركية في العراق، لتتجاوز العدد الحالي المقدر بـ 140 الف جندي. وقد ازدادت حدة تلك الدعوات بسبب عدم استقرار الاوضاع في انحاء عديدة من العراق وتصاعد اعداد الضحايا خلال الهجمات الاخيرة التي استهدفت قوات الاحتلال.

ورغم ان قرابة 225 مقاتلا من سورية والسودان ودول عربية اخرى معتقلون لدى قوات التحالف، فان الجنرال ابي زيد قال ان قرابة الف من هؤلاء المقاتلين الاجانب لا يزالون في العراق.

وعوضا عن زيادة اعداد القوات الاميركية، قال الجنرال ابي زيد ان الاولوية يجب ان تمنح لزيادة حجم اجهزة الامن العراقية التي تأسست في الآونة الاخيرة، والتي يقدر قوامها في الوقت الراهن بـ 60 الف شخص، وكذلك لاقناع الدول الاخرى، وخاصة الدول الاسلامية، بالمساهمة في القوات المسلحة مثل الشرطة العسكرية والقوات الخاصة والاختصاصات المدنية.

وقال ابي زيد ان تدريب الجيش العراقي وجلب قوات حفظ سلام من دول اخرى، سيكونان من بين المسائل التي ستتم مناقشتها خلال اجتماع مهم سيعقد في بغداد خلال الاسبوع المقبل، حول مراجعة الخطط الاميركية. وسيشارك في ذلك الاجتماع عدد من كبار المسؤولين الاميركيين العسكريين والمدنيين.

ويهدف ذلك الاجتماع الذي سيحضره الحاكم المدني الاميركي بول بريمر ومساعدوه، الى وضع خطة، افضل واكثر تنسيقاً وطولية المدى، بشأن اعادة اعمار العراق وضمان امنه. وقال ابي زيد: «لدينا خطة، لكن ما نحتاج اليه هو شحذ الهمة. هناك حاجة لتحقيق التزامن في الجهود المبذولة، ليس فقط من قبل الولايات المتحدة، بل من قبل المجتمع الدولي وقوات التحالف». واضاف انه غير مطلع على تفاصيل ما تفكر فيه ادارة الرئيس جورج بوش بشأن تشكيل قوة دولية يرأسها مسؤول اميركي وتكون مكلفة القيام بعمليات حفظ السلام في العراق. ويشار الى ان دولا مثل باكستان وتركيا طالبت بدور اكبر للامم المتحدة في العراق قبل النظر في ارسال قواتها الى هناك.

وقال الجنرال ابي زيد ان النقاش حول هذه المسألة قد يحتدم سياسيا لا عسكريا، موضحا ان «هناك سبلاً ابداعية لبحث العمل ضمن هيكلية مقبولة من الناحية العسكرية ومن حيث وحدة القيادة».

وسعى ابى زيد لتصوير الاجتماع المقبل الذي سيعقد في بغداد بانه لقاء اعتيادي يتعلق بمراجعة الخطة المتبعة، وبان توصياته قد تتطلب موافقة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

لكن حقيقة ان الدعوة وجهت لعقد هذا الاجتماع تعكس تزايد مشاعر القلق في اوساط كبار المسؤولين الاميركيين بشأن الحاجة للمراجعة الدقيقة لسياسة الادارة الاميركية في العراق، اذا لم تكن لتعديلات كبرى.

يذكر ان قوات الاحتلال وغيرها تتعرض لهجمات مستمرة في العراق، كان ابرزها التفجير الذي تعرض له مقر الامم المتحدة في بغداد مطلع الشهر الجاري وادى الى مقتل 22 شخصاً. وقال الجنرال ابي زيد: «علينا ان نضفى على المؤسسات الامنية المزيد من الطابع العراقي. اننا بحاجة الى مزيد من الوجود الدولي ضمن قوات التحالف».

وقال انه سيطرح في بغداد فكرة ان تدريب الجيش العراقي الجديد، وقوامه 40 الف جندي، قد يتم بشكل اسرع مما هو مخطط، وان ذلك قد يستغرق سنتين او ثلاث سنوات. واضاف: «قد يتساءل البعض، اين يمكننا خوض المخاطر؟ وللاجابة اقول: الى حيث يتوفر وضع متوسط بين الجيش المطلوب والجيش الذي امكن توفيره».

يذكر ان المسؤولين الاميركيين يخططون لارسال نحو 28 الف عراقي الى المجر لتلقي تدريبات مكثفة على مهام الشرطة، خلال الاشهر العديدة المقبلة. واوضح الجنرال ابي زيد ان اجتماع الاسبوع المقبل سيناقش ايضا الجدول الزمني المتعلق بمهام تدريب ونشر الشرطة العراقية ميدنيا، اضافة الى مهام حرس الحدود وقوات الدفاع المدني، ووضع السبل الطفيلة بقياس مدى التقدم من اجل ضمان جهوزيتها للعمل. وقال: «من المثير حقا ان نضع خريطة طريق تبدأ من لا شيء وتتواصل الى الحد الذي يجعلك قادرا على الدفاع عن البلد ووقف الفوضى المدنية».

يشار الى ان بريطانيا وبولندا تتصدران قائمة الدول الاجنبية المشاركة في قوات حفظ السلام بالعراق. لكن الجنرال ابي زيد قال انه يرغب في ان تصبح تركيا في المرتبة الثالثة، وفي ان تلعب باكستان دورا هاما في هذا المجال. لكنه اعترف بوجود معوقات سياسية داخل هذه البلدين المسلمين، قائلاً: «ان كلتا هاتين الدولتين بحاجة الى اقناع دوائرها السياسية الداخلية بانها تقوم بدور هام كأداة في المجتمع الدولي، وليس كرهينة بيد الولايات المتحدة».

وقال الجنرال ابي زيد ان هناك سببا آخر يدعو للاسراع بنشر قوات الامن العراقية ميدانيا، وهو تمكين هذه القوات من اقامة روابط من عامة الشعب العراقي وتوفير المعلومات المطلوبة حول مواقع وانشطة العناصر الموالية لصدام حسين، والمقاتلين الاجانب.

وقال ابي زيد ان «معظم الاجراءات التي قمنا بها لتعقب العدو والقضاء عليه، تمت بتعاون من العراقيين»، مشيرا الى انه مقابل كل قنبلة انفجرت عن بعد، تمكن الاميركيون من ابطال مفعول قنبلتين اخريين بسبب معلومات نقلها عراقيون.

واضاف الجنرال ابي زيد ان علي حسن المجيد، المعروف باسم «علي الكيماوي» لدوره المفترض في استخدام الغازات الكيماوية في قمع العراقيين «قدم معلومات قيمة الى حد ما» لمستوجبيه منذ القبض عليه اوائل هذا الشهر.

وبالنسبة لمصير صدام حسين شخصيا، قال الجنرال ابي زيد انه غير متأكد مما اذا كان الرئيس العراقي المخلوع يواصل تحركاته المستمرة ام انه يختبئ في منزل آمن بمكان ما. واضاف: « معظمنا يعتقد انه داخل العراق، ومع مرور الزمن سنتمكن من حل لغز مكان وجوده ثم نقبض عليه».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»