مشاورات في مجلس الأمن حول مشروع قرار العراق وألمانيا وفرنسا تشيران إلى إمكانية التوصل لتسوية مع أميركا

روسيا ترى أن المشروع لا يزال بحاجة إلى المزيد من العمل وتحذر من خطورة الموقف

TT

اعرب كولن باول وزير الخارجية الاميركي عن استعداده لبحث أية «تعديلات بناءة» قد تقدمها المانيا وفرنسا حول مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة الى مجلس الأمن لانشاء قوة متعددة الجنسيات تعمل تحت علم الأمم المتحدة لحفظ السلام في العراق، وذلك بينما بدا من الجهود الدبلوماسية الدائرة الآن، ان الخلافات التي تفصل الموقفين الاميركي من جهة والفرنسي ـ الألماني من جهة أخرى، قابلة للتسوية في اجواء مناقشات وصفت بانها «بناءة».

وينتظر ان يتضح الكثير من معالم الصورة اليوم (بتوقيت منطقة الشرق الأوسط)، حيث اعلن السفير البريطاني امير جونز باري الذي يتولى رئاسة المجلس «دعوت زملائي لعقد اجتماع غير رسمي (امس) لنتحدث عن الجهود الجارية من اجل تبني قرار جديد بشأن العراق».

واعرب السفير البريطاني ردا على سؤال عن موعد محتمل للتصويت على القرار في مجلس الامن الدولي، عن امله ان يجري ذلك «في اسرع وقت ممكن». واكد ان الولايات المتحدة لم تقدم المشروع رسميا لكنها وزعت نصا للحصول على ردود فعل ستستخدمها في صياغة مشروع القرار الذي ستقدمه رسميا بعد ذلك. وبصفته مندوبا لبريطانيا، قال باري ان النص الاميركي «جيد الى حد ما».

واكد دبلوماسيون آخرون بينهم السفير المكسيكي ادولفو اغويلار زينسر ان «الجو السائد في مجلس الامن بناء»، موضحا انه «ليس هناك جمود او اجواء مواجهة» بالمقارنة مع الوضع في المجلس قبل الحرب على العراق. لكن المشاورات الدبلوماسية قد تكون صعبة نظرا لمواقف فرنسا والمانيا وكذلك روسيا التي كانت من ابرز الذين عارضوا شن الحرب على العراق.

وفي اشارة الى ان التسوية ممكنة، قال دومينيك دو فيلبان وزير الخارجية الفرنسي امس ان المشروع الذي تعرضه الولايات المتحدة على الامم المتحدة حول العراق يسير «في الاتجاه الصحيح» لكنه جدد التأكيد على انه ليس كافيا لاعادة السيادة الى العراق بسرعة.

وقال دو فيلبان ان هذا المشروع «يبرهن على ارادة واضحة في الانضواء تحت راية الامم المتحدة (...) انه يسير في الاتجاه الصحيح». ولكن الوزير الفرنسي عبر عن اسفه لان النص «مستوحى بشكل اساسي من منطق الامن ولا يأخذ في الاعتبار الى حد كاف الضرورة السياسية لاعادة السيادة الى العراق بسرعة بنقل السلطة التنفيذية الى مؤسساته». واضاف ان المشروع «لا يعهد بمسؤوليات كافية الى الامم المتحدة في العملية الانتقالية السياسية»، مؤكدا ان فرنسا ترى انه «يجب نقل السلطة السياسية الى العراقيين بسرعة».

وأكد دو فيلبان «لن نفعل شيئا بدون العراقيين. هناك حالة طارئة لانه علينا اقناع الشعب العراقي بالتحرك من جديد». ورأى انه «يجب اعتماد مقاربة شاملة تسمح بالانتقال من منطق احتلال الى منطق سيادة».

وقال ان فرنسا «مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة وهذا يتطلب ان نستخلص معا دروس الاشهر الماضية (...) الاميركيون والفرنسيون متفقون على ان الوضع القائم لم يعد مقبولا».

واكد ان فرنسا والمانيا «ستواصلان تشاورهما الوثيق في كل مرحلة». واضاف ان التعاون «دائم» مع روسيا «وكل شركائنا في مجلس الامن الدولي». ورأى ان مجلس الامن الدولي «يجب ان يقرر ان يعيد الى العراقيين سيادتهم في مهلة قصيرة جدا (...) ويجب ان يكون ذلك مسألة اشهر». كما دعا الى اعتماد «شفافية كاملة في ادارة الموارد العراقية وخصوصا النفطية منها».

وتأكيدا على اتجاه الرغبة في التوصل الى تسوية اكد بيلا اندا المتحدث باسم الحكومة الالمانية امس ان برلين ترى مشروع القرار الاميركي بشأن العراق غير كاف لكنها تعتبره «خطوة في الاتجاه السليم».

وقال المتحدث ان «المستشار غيرهارد شرودر قال صراحة ان شيئا ما تحرك الا انه ليس سوى مشروع غير مكتمل الملامح». وذكر اندا ان المانيا تريد دورا رئيسيا للامم المتحدة في العراق ونقل المسؤولية السياسية الى حكومة عراقية في اسرع وقت ممكن. واشاد المتحدث بتصريحات باول التي قال فيها انه «سيكون اكثر من سعيد لسماع» مآخذ باريس وبرلين على مشروع القرار.

وكان باول قد اكد في مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن مع نظيره الايطالي فرانكو فراتيني انه لم يكن لديه وقت لدراسة التصريحات التي ادلى بها اول من امس المستشار شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك بالتفصيل، وقال انه مستعد لبحث اية مقترحات بناء تقدمها فرنسا وألمانيا، وانه سيواصل متابعة الجهود لاصدار القرار انطلاقا من هذه المقترحات. ولكنه اضاف «لم اشعر من تصريحاتهما انهما قالا ما يسعيان اليه بالضبط او لمن سيتم تسليمها (مسؤولية ادارة العراق) اذا سلمناها الان». واضاف «اعتقد ان مشروع القرار صيغ بطريقة تتعامل مع بواعث القلق التي اثارها قادة مثل الرئيس شيراك والمستشار شرودر في السابق واذا كان لديهما اقتراحات سنكون اكثر من سعداء ان ننصت الي مقترحاتهم».

وسئل جان مارك دي لا سابلييه سفير فرنسا لدى الامم المتحدة عما اذا كان تسليم الادارة بشكل سريع للعراقيين سيستبدل نظام استبدادي باخر فقال ان بلاده ستطرح تعديلات في المفاوضات بشأن ما تريده على وجه الدقة.

وقال جونتر بليجر سفير المانيا لدى الامم المتحدة ان مشروع القرار الذي يحث على تقديم مساهمات مالية لا بد وان يعكس «الشفافية» في اعادة الهيكلة الاقتصادية للعراق.

من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان مشروع القرار الذي ترعاه الولايات المتحدة والذي يسعى للحصول على مساعدة دولية أوسع في العراق «مازال يحتاج لمزيد من العمل الجاد جدا». وقال ايفانوف الذي كان يتحدث في اجتماع للتعاون الاقليمي في طشقند عاصمة اذربيجان ان الاقتراح الاميركي قطع شوطا ما في تخويل الامم المتحدة القيام بدور بمركزي في حل المشاكل في العراق.

وقال ايفانوف في مؤتمر صحافي «يبين مشروع القرار الاميركي بعض التحرك نحو هذه المبادئ». واضاف «لكن بالنسبة لهم هذه الوثيقة ما زالت تحتاج الى مزيد من العمل الجاد جدا لكي يعكس ذلك تماما». وقال ان الموقف في العراق مازال خطيرا جدا، وحث الولايات المتحدة على عدم التهوين منه. واضاف «وفي هذا الشأن لا يمكن لاحد سوى ان يعبر عن دهشته ازاء التصريحات التي تصدر عن بعض المسؤولين في واشنطن والتي يرددون فيها ان الحياة في العراق تعود الى طبيعتها وتصبح كل يوم أفضل من اليوم السابق». وقال «يجب عدم تضليل أحد.. الموقف في العراق لا يتحسن وانما يصبح أسوأ كل يوم عن اليوم السابق».

وكان اعضاء اخرون في مجلس الامن مثل المكسيك وشيلي اقل عداء لمشروع القرار الذي اعدته الولايات المتحدة لكنهم شددوا على انهم يريدون دورا سياسيا أقوى للامم المتحدة في العراق. في حين كانت سورية العضو الوحيد بين اعضاء مجلس الامن الخمسة عشر، التي قالت ان الامم المتحدة لا الولايات المتحدة هي التي يجب ان تقود قوة متعددة الجنسيات يهدف مشروع القرار الى انشائها في العراق.