السعودية معنية بأمن حدودها أكثر من غيرها

TT

بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان اثر هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة خرجت صحيفة ايرانية بعنوان «اخيرا اصبحت لنا حدود مع اميركا». واليوم عوضا عن الشد المعتاد بين الدول العربية على قضايا الحدود، بات التراشق بالتصريحات ليس بين عاصمة عربية واخرى، بل بين الرياض وواشنطن بسبب تأمين الحدود السعودية ـ العراقية.

الاميركيون يقولون ان ارهابيين يتسللون عبر الحدود السعودية الى العراق للقيام بأعمال ارهابية، والرياض تنفي بشدة، فأين الحقيقة؟ وبقياس المؤشرات في المنطقة سياسيا وامنيا، فقد كانت الرياض اكثر توجسا من القضايا الحدودية لاسباب امنية بحتة. فالحدود العراقية بالنسبة للسعودية تأتي بالمرتبة الثانية من ناحية الاهمية بعد اليمن، فحدود السعودية والعراق تقارب الثمانمائة كيلومتر، وهذه حدود طويلة. ويأتي اهتمام السعودية بتلك الحدود ليس قبل سقوط نظام صدام حسين وحسب بل من بعد اعتداء نظام صدام على الكويت في عام 1990. ولطالما حاول النظام المخلوع تسخين الحدود باعتداءات متفرقة راح ضحيتها رجال الحدود السعوديون، ولكن الرياض كانت تحاول عدم الانزلاق في مصادمات.

وبعد اعتداءات 11 سبتمبر وشعور الرياض انها باتت مستهدفة بأعمال ارهابية اكثر من ذي قبل، وبالذات عمليات تهريب الاسلحة التي وصلت الى اسلحة مفزعة مثل «ار.بي.جي»، وخلافها، باتت القضايا الحدودية اكثر حساسية.

واشنطن خاضت حربها ضد العراق بمعلومات منقوصة، وخطط لم تكن واقعية وها هي تعاني منها اليوم، وابرزها الحدودة العراقية مع الدول المجاورة. اما في وضع السعودية فهناك تصريح شهير لوزير الخارجية السعودي اطلقه قبل بدء الحرب على العراق حين سئل عن خشية بلاده من الديمقراطية في العراق فقال «اهلا بصواريخ جيفرسون الديمقراطية، ولكن الخوف من صواريخ سكود الارهابية». وشرح ذات يوم مسؤول سعودي لنا كيف ان بلاده تخشى من ان يتحول العراق الى وكر للارهابيين والهجوم على السعودية، وتهريب الاسلحة لها.

ومن هنا يتضح ان الرياض معنية بتأمين حدودها لقضايا ذات صلة بأمنها القومي اكثر من أي أمر آخر، فكيف تتساهل مع ارهابيين يعبرون الحدود؟

دخول سعوديين للعراق ليس بالامر المستبعد من خلال حدود اخرى، فأن يحمل احد الارهابيين جواز سفر سعودي في العراق ليس دليلاً على تساهل الرياض بقدر ما هو داعم لمصداقية حساسية الرياض حول القضايا الامنية، خصوصا ان حملات المطاردة للقضاء على الشبكات الارهابية لم تتوقف في السعودية.

الطريف انه ومثل ما كنا نقول ان على الدول العربية عدم تسخين القضايا الحدودية، نجد انفسنا اليوم نطالب واشنطن بضرورة التواصل مع السعوديين عبر القنوات الدبلوماسية، فالطرفان معنيان باستقرار العراق والمنطقة.