البنتاغون يبلغ الكونغرس: قواتنا مرهقة في مواجهة الالتزامات الأمنية وإعادة الإعمار

وولفويتز: لا رغبة لنا في الاستحواذ على هذه المشكلة العراقية

TT

نقل بعض كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) إلى مجلس الشيوخ اول من امس أن القوات الأميركية مرهقة وتعاني كثيرا وهي تحاول التوفيق بين متطلبات واجبات الأمن وإعادة الاعمار التي كلفها بها الرئيس جورج بوش. وجاءت هذه التصريحات في نفس الوقت الذي أعلن الجيش أن فترة البقاء بالنسبة لـ20 ألفا من جنود الاحتياط والحرس الوطني بالعراق والكويت قد مددت عاما آخر، مما يضيف شهورا أخرى للمدة التي كان يتوقعها هؤلاء. ويعكس هذا القرار الذي اصدره الجيش فشل الإدارة الأميركية حتى الآن في إضافة المزيد من القوات الى الـ22 ألفا من القوات غير الاميركية الموجودة حاليا بالعراق. وتعكس كذلك طول الفترة التي يستغرقها تدريب عشرات الآلاف من قوات الأمن العراقية الجديدة والتي تعد للاضطلاع بالمهام التي تقوم بها حاليا القوات الأميركية.

وفي المناقشات التي دارت اول من امس في «كابيتول هيل»، كانت محنة جنود الاحتياط، والذين يمثلون حاليا نسبة 90% من القوات الأميركية التي وصل عددها إلى 180 ألف جندي بالعراق والكويت، من أهم القضايا التي دار حولها الجدل الحاد الذي استمر حوالي أربع ساعات. وتضاف إليها كذلك نفقات الاحتلال المتصاعدة باستمرار. وفي نفس الوقت فإن الجدل الذي دار يوم الثلاثاء يعتبر بمثابة المقدمة لما يمكن أن يحدث عندما يقدم الرئيس بوش بصورة رسمية طلبه للحصول على مبلغ 87 مليار دولار لتغطية احتياجات ما بعد الحرب في العراق وافغانستان.

وقال السناتور جيمس إنهوفي، الجمهوري من ولاية أوكلاهوما: «نستطيع أن نحافظ على المستوى الحالي ولكن ربما لانتمكن من تجاوزه. وأعتقد أننا لا نملك إلا أن نزيد مهام الحرس وجنود الاحتياط».

وفي مواجهة مشاعر القلق التي عبر عنها المشرعون كما عبرت عنها أسر جنود الاحتياط، من جراء فترة التمديد، اعترف الجنرال ريتشارد مايرز، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بالضغوط التي يواجهها الجنود، ولكنه قال ان التضحيات ضرورية لخوض الحملة العالمية ضد الإرهاب. واضاف مخاطبا لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: «نحن نبحث عن قوات عاملة. ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أننا أمة في حالة حرب وعلينا أن نبذل كل ما في وسعنا لننتصر».

وبينما تواصل الإدارة الاميركية جهودها لاستصدار قرار من الأمم المتحدة لجذب مزيد من القوات الأجنبية ومزيد من المساعدات المالية، تحدث نائب وزير الدفاع بول وولفويتز، بأكثر العبارات إمعانا في روح التصالح تجاه إشراك الدول الاخرى في تسيير أمور العراق، وهو شيء لم يصدر حتى الآن من أي مسؤول كبير بالبنتاغون. وقال وولفويتز مخاطبا اللجنة: «ليس لدينا رغبة مطلقا في الاستحواذ على هذه المشكلة أو السيطرة عليها. وكلما كانت الدول الأخرى راغبة في المشاركة، كان لها الحق المطلق في المشاركة والتحكم في الكيفية التي تستغل بها الموارد».

وقال القادة العسكريون ان مستوى القوات الذي سيحافظون عليه هو حوالي 150 ألفا، وذلك حتى العام المقبل على الاقل. ولكن العدد الصغير نسبيا للقوات الدولية العاملة في العراق حالياً، ورغبة البنتاغون في التحرك سريعا لتجاوز أحكامه الخاطئة السابقة بأن عددا كبيرا من الجيش العراقي وعناصر الأمن العراقي سيعودون سريعا إلى أداء مهامهم بعد الحرب، جعلا مهمة إعادة بناء العراق تقع بصورة غير متوازنة على عاتق الجيش الأميركي. ومن بين 129 الفا من الجنود الأميركيين بالعراق، هناك حوالي 122 ألفا من الجيش. يضاف إلى ذلك أن الجيش له التزامات في أماكن أخرى من العالم بما في ذلك افغانستان والبلقان وشبه الجزيرة الكورية. ولذلك فإن المهام الكبيرة في العراق القت أعباء ثقيلة على الجيش وعلى قواته المساعدة بالاحتياط والحرس الوطني.

وللمرة الأولى منذ حرب فيتنام، يواجه الجيش الاميركي إمكانية إعادة إرسال القوات الى ساحة عمليات معينة أكثر من مرة، كما يقول القادة. وقد قضت بعض الوحدات التي عملت بافغانستان، مثل الفرقة 82 المحمولة جوا، عدة أشهر فقط بأميركا، بعثت بعدها إلى العراق. ومن بين ألوية الجيش البالغ عددها 33، وقوة كل منها حوالي 5000 جندي، هناك حاليا 21 وراء البحار، منها 16 بالعراق. ومن بين الالوية الموجودة داخل أميركا، فإن أغلبها مخصص منذ الآن لتبديل القوات الموجودة في مهام أخرى، أو هي مشغولة بتدعيم صفوفها أو مدخرة للطوارئ مثل نشوب أزمة مع كوريا الشمالية. ثلاث فقط من هذه الألوية يمكن اعتبارها جاهزة للتحرك.

وكان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد أمر الخدمات العسكرية أن تبحث عن طرق ملائمة لتخفيف الضغط على القوات. وفي جلسة الاستماع يوم الثلاثاء الماضي، حث بول وولفويتز المشرعين على إعطاء البنتاغون السلطة لتحويل حوالي 300 ألف وظيفة يؤديها حاليا موظفون عسكريون، إلى مدنيين وعمال من خارج الجيش. ويراجع البنتاغون في نفس الوقت التوازن بين القوات المشاركة في المواجهات العسكرية المباشرة وجنود الحرس الوطني والاحتياط. وقال ناطق باسم الجيش إن القوات الأميركية التابعة للجيش والبالغ عددها 122 ألفا، تشتمل على 3000 من قوات الحرس الوطني و5000 من جنود الاحتياط. وهناك 39.500 من قوات الجيش بالكويت، ومن بينهم 5000 من الحرس الوطني و7000 من جنود الاحتياط.

وصرح قادة الجيش بأن التمديد يشمل القوات العاملة والاحتياط والتي ستقاس فترتها بالوقت الذي تقضيه في الميدان. وفي الاستدعاءات السابقة كانت فترة العام تشمل فترة التدريب كما تشمل الوقت الذي تقضيه القوات على الأرض وفي الميدان. وينطبق هذا النظام على قوات الاحتياط الموجوة حاليا بالكويت والعراق، ولكنه لن يشمل القوات التي سترسل في المستقبل، بما في ذلك لواءان من الحرس الوطني تقرر ذهابهما إلى العراق العام المقبل لمدة ستة أشهر.

وقد أثار هذا الاعلان قلق المشرعين والمسؤولين العسكريين من أن الاعتماد على الاحتياط ربما يؤدي إلى تدني الروح المعنوية. و قال السناتور بيل نيلسون، الديمقراطي من ولاية فلوريدا، وهو يتحدث عن قوات الاحتياط من ولايته: «إنهم يتعرضون لضغوط وصلت حد الانهيار».

ومع تزايد الحاجة للجنود النظاميين وقوات الاحتياط يراقب مسؤولو البنتاغون في قلق شديد الآثار البعيدة المدى لزيادة المدة على تجنيد مزيد من القوات والمحافظة عليها. ولكن أعداد الجيش ما تزال مستقرة حتى الآن. وقد جند الجيش بنهاية أغسطس (اب) الماضي 67،354 جنديا جديدا، متجاوزا الهدف الكلي بـ307، وذلك بناء على تصريحات قيادة التجنيد بالجيش. في نفس الفترة وقع لدائرة الاحتياط 25،212 شخصا، مما فاق الهدف بـ.1257 الحل البعيد المدى الذي يطرحه البنتاغون هو ظهور القوات العراقية. وقال الجنرال مايرز، إن الولايات المتحدة توقعت أن يكون لديها على الأقل 184 ألف عراقي في الجيش وفي مختلف قوات الأمن بحلول عام .2005 العدد الموجود حاليا هو 55 الفا.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»