هوشيار زيباري.. من متظاهر أمام سفارة نظام صدام في لندن إلى رئيس للدبلوماسية العراقية

TT

كركوك (العراق) ـ ا.ف.ب: كان وزير الخارجية العراقي الحالي هوشيار زيباري، وهو كردي، احد الذين اعتادوا لسنوات على التظاهر امام السفارة العراقية في العاصمة البريطانية، لندن، للتنديد بقمع الرئيس العراقي السابق صدام حسين بالاكراد والعراقيين عموما.

وهوشيار الذي يتحدر من احدى العائلات الكردية الكبيرة (زيباري) كان احد عناصر الميليشيات الكردية (البيشمركة) التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وانهى تعليمه الجامعي في لندن، وهو حزبي ولديه خبرة في التعامل مع الاوساط والعادات الغربية.

وتسلق زيباري سلم المسؤوليات في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي اصبح عضو مكتبه السياسي منذ سنة 1989 مع سعيه لتعميق معرفته بالعالم الغربي من خلال نسجه في السنوات الاخيرة عدة علاقات رفيعة المستوى. وعلى عكس ابن اخته مسعود بارزاني الذي يرتدي كثيرا اللباس الكردي التقليدي ويلجأ الى التصريحات الشديدة اللهجة في لقاءاته النادرة مع الصحافيين فإن زيباري يرتدي دائما بذلة اوروبية انيقة. كما انه يستخدم ببراعة فن الدبلوماسية مفضلا استخدام النكات والتورية على التصريحات العنيفة في سبيل تمرير الرسالة الى وسائل الاعلام التي يعرفها جيدا.

وقال عنه نبيل خوري المسؤول في سلطة التحالف «انه رجل مفرط الحساسية» وانه «حاذق في فن اللعب بالكلمات». وزيباري الذي ولد في عقرة (شمال اربيل عاصمة الاقليم الكردي العراقي) عام 1953 حائز اجازة في العلوم السياسية في الاردن والماجستير في التنمية الاجتماعية من بريطانيا. وبين 1976 و1980 وخلال دراسته في جامعة اسيكس البريطانية اصبح الامين العام لجمعية طلبة كردستان في اوروبا وارتبط بهذه الصفة بمنظمات سياسية يسارية خاصة وتظاهر امام السفارة العراقية في لندن، واصبح اثر ذلك مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني.

واوضح سفين ديزة ئي الذي حل محله في الحزب ان «لندن مثلت نقطة انطلاق مسيرته التي قادته الى بغداد، وتعلم فيها ممارسة السياسة ومن هي الاطراف المقررة واهمية مراكز القوى وخبر فيها عقلية الغربيين وماذا يحبذون».

وعاد زيباري الى كردستان اثر اندلاع الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) التي عادت خلالها الثورة الكردية الى النشاط، واصبح زيباري احد عناصر البيشمركة مع تمثيله مصالح حزبه في الخارج في اوروبا وليبيا وسورية.

واثر موجة القمع التي قام بها نظام صدام حسين ضد الاكراد، وخاصة استخدام الغاز ضد بلدة حلبجة (شمال شرق) ومقتل الاف الاكراد فيها عام 1988، غادر زيباري الى لندن لبدء حملة لدى الرأي العام الدولي. واصبح وجها مألوفا خلال حرب الخليج الثانية عام 1991 التي انتهت بعملية قمع شديدة لانتفاضة كردية قبل اقامة منطقة حكم ذاتي في كردستان تحت حماية جوية غربية.

ومنذ ذلك التاريخ اصبح زيباري يتنقل بين كردستان لندن وواشنطن التي كان لديه فيها مكتب وتعرف فيها على الامين العام لحلف الاطلسي جورج روبرتسن وكذلك ريتشارد بيرل احد اهم مستشاري وزارة الدفاع الاميركية.

وبعد سقوط نظام صدام حسين في بغداد في ابريل (نيسان) الماضي انتقل زيباري للاقامة في العاصمة العراقية قبل ان يعين في الاول من الشهر الحالي في اول حكومة لعهد ما بعد صدام حسين.

ويقول المقربون منه انه «بقي ودودا ومنفتحا». وقال موظف في وزارة الخارجية احتفظ بمنصبه «عندما جاء الى الوزارة اجتمع بنا وقال: صباح الخير. كيف حالكم. استعدوا للعمل». وكان اول ظهور لافت لزيباري في منصبه الجديد في العاشر من الشهر الحالي في القاهرة خلال الاجتماع الوزاري للجامعة العربية التي قبلت حضور مجلس الحكم اجتماعاتها مسجلة عودة العراق الى الساحة الدولية.