إدارة بوش تستعجل تسليم الأمن إلى العراقيين لمواجهة خسائرها

سيتم توزيع القوات العراقية على خطوط الجبهة كميليشيات وبصفة أساسية في المناطق ذات الأغلبية السنية حيث تكثفت الهجمات

TT

ابلغت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش وزارة الدفاع (البنتاغون) بضرورة تعديل وتسريع خططها الخاصة بوضع قوات الامن العراقية في شوارع بغداد وغيرها من المناطق التي تعرضت فيها القوات الاميركية لهجمات، حتى ولو ادى ذلك الى اختصار فترة تدريبهم، طبقا لمعلومات مسؤولين في الادارة والقوات المسلحة.

وكانت رغبة الرئيس بوش في الاسراع ـ مرة اخرى ـ بمعدل وضع قوات عراقية في الشوارع لدعم القوات الاميركية التي يصل عددها الى 130 الف جندي، هي الموضوع المسيطر في اجتماع عقده مجلس الامن القومي في غرفة العمليات في البيت الابيض اول من امس.

وذكر مسؤول كبير مطلع على المناقشات «لقد شدد (الرئيس) ان الامر لا يحدث بالسرعة الكافية .

وفي اطار خطة للبنتاغون لا تزال في طور الاعداد، فإن آلافاً من العراقيين الذين يعملون بصفة اساسية كحراس امن في المنشآت النفطية وانابيب النفط وغيرها من الاهداف المحتمل تعرضها للهجمات الارهابية سيحصلون على تدريبات تستغرق عدة اسابيع في العراق وفي الاردن. واوضح المسؤولون انه سيتم توزيعهم على خطوط الجبهة كمليشيات، وبصفة اساسية في المناطق ذات الاغلبية السنية في شمال وغرب بغداد حيث تكثفت الهجمات في الفترة الاخيرة. وفي احدى المراحل سيتولى مهماتهم القديمة مجندون جدد.

وتجدر الاشارة الى ان اعادة التنظيم هذه تدخل في اطار استراتيجية عسكرية موسعة لتغيير تشكيلات قوات الامن العراقية ـ التي تشمل حرس الحدود وقوة الدفاع المدني وجهاز الشرطة ووحدات الجيش، وجعلها اكثر فعالية في مواجهة منفذي الهجمات.

ومن الاهداف الرئيسية لهذه الاستراتيجية زيادة سريعة في عدد افراد المليشيا، ومن بين البدائل المطروحة تجنيد الجنود السابقين في الجيش العراقي المنحل، طبقا لمعلومات ذكرها مسؤول في البنتاغون.

وقد اعترف مسؤولون في الادارة ان الاستراتيجية الجديدة، التي المح اليها بوش في مؤتمره الصحافي في حديقة الورود في البيت الابيض يوم الثلاثاء الماضي، تحمل بعض المخاطر الكبيرة.

وقد ناقش المسؤولون، خلال ثلاثة ايام من الاجتماعات، شارك فيها بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفلد والحاكم المدني الاميركي في العراق بول بريمر، الصعوبات لوضع شباب عراقي، بعضهم لا يزيد عمره عن 18 و19 سنة، في الشوارع وهم يحملون اسلحة بينما لم تمض سوى اسابيع محدودة على تدريبهم. غير ان بوش ومساعديه العسكريين والمدنيين صمموا على انها مخاطرة تستحق التطبيق، لان العراقيين، الذين يتحدثون لغة اهل البلاد ويعرفون الاحياء والازمة اكثر قدرة، من القوات الاميركية على اكتشاف الهجمات المحتملة كما ان وضع مزيد من القوات في الشوارع سيحرر القوات الاميركية تنصرف الى ملاحقة المهاجمين.

كما ان الخطة الجديدة يفرضها واقعان جديدان: الاول هو وصول اعداد محدودة من القوات الاجنبية للعراق لدعم الاحتلال الذي تقوده القوات الاميركية، والثاني ان بوش سيبدأ قريبا في انفاق 87 مليار دولار سيقرها الكونغرس قريبا للعمليات العسكرية واعادة الاعمار في العراق وافغانستان.

وكان موضوع كيفية تخصيص الجزء المخصص لتدريب قوات الامن العراقية موضوعا اساسيا في المناقشات، وسيطر على الاجتماعات الاولية لمجموعة تحقيق الاستقرار في العراق، وهي المجموعة التي تشكلت في البيت الابيض لتنسيق الجهود العملية بأكملها.

وقال مسؤول كبير اخر في البنتاغون نسعى الى مواكبة النفقات مع الخليط المناسب من القوات العراقية للحصول على التأثير الاكبر على الارض. والمسألة التي نناقشها هي: هل لدينا المزيج المناسب من القوات الان؟ .

وقد كررت كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي للرئيس بوش، والمشرفة على مجموعة تحقيق الاستقرار في العراق، هذا السؤال مرارا في الاسابيع الاخيرة.

ويضغط قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال جون ابي زيد من اجل زيادة حجم قوات الدفاع المدني العراقية ـ وهي بصفة اساسية، حرس وطني او مليشيا ـ وتسيير دوريات مع القوات الاميركية والبريطانية.

ويوجد الان 5 الاف جندي في هذه المليشيات، الا ان هذا العدد يمثل جزءا صغيرا من قوات الامن العراقية التي تم نشرها منذ نهاية العلميات العسكرية الرئيسية ويصل عددها الى 90 الفا.

ومن المتوقع زيادة عدد افراد قوات الدفاع المدني الى 15 الفا خلال الشهور القليلة الماضية. ولكن الجنرال ابي زيد يريد تسريع تلك العملية وزيادة حجم القوات في ظل زيادة وتعقيد وتكرار الهجمات. وقد زدات الهجمات على القوات ثلاث مرات بحيث وصل العدد الى اكثر من ثلاثين عملية يوميا في الشهر الاخير، طبقا لمعلومات المسؤولين.

وكان بريمر الذي يزور واشنطن حاليا لاجراء مشاورات على اعلى المستويات ولاقناع الكونغرس بإقرار ميزانية اعادة الاعمار، هو الذي طالب، في شهر اغسطس (اب) الماضي، ببذل جهد لزيادة القوة العراقية ضمن القوات العسكرية. وقال مسؤول كبير بالنسبة لجيري، هذه جولة ثانية ـ واسرع، في اشارة الى بريمر.

كما ان هدف الجنرال ابي زيد هو منح العراقيين مزيدا من السيطرة على الوضع الامني في بلادهم، وتحسين حجم ونوعية المعلومات الاستخبارية المطلوبة للتخلص من المهاجمين وتعطيل هجماتهم.

وفي اطار دعم عمليات جمع المعلومات الاستخبارية فإن الادارة الاميركية تدرس ما اذا كان من الممكن نقل اشخاص، بما في ذلك مجموعات من اللغويين والمحللين، من البحث عن اسلحة الدمار الشامل الى جهود مواجهة المهاجمين. وسيخدم تشكيل المزيد من قوات الدفاع المدني هذا الغرض.

وعندما شكلت القوات الاميركية وحدات المليشيا هذه في يوليو (تموز) الماضي، كان المجندون يحصلون على تدريبات اساسية في حقوق الانسان والتعامل مع الاسلحة وتقينات تسيير الدوريات.

ويعترف مسؤولون عسكريون اميركيون بان نشر قوات عراقية جديدة بسرعة بدون التضحية بالنوعية هو تحد لهم، غير ان الجنرل ابي زيد معجب بالتقدم الذي حققته هذه القوات، ولا سيما في العمل مع القوات الاميركية.

* خدمة نيويورك تايمز خاص بـ«الشرق الأوسط»