مسؤول أميركي : الأموال العراقية المصادرة تحت تصرف مجلس الحكم

TT

اوضح مسؤول في وزارة المالية الاميركية أن حوالي أربعة مليارات دولار من أموال العراق كانت جماعات حقوقية قد اتهمت الإدارة الاميركية بالتكتم على مصيرها، اصبحت الآن في أيد عراقية بما فيها حوالي 1.7 مليار دولار كانت واشنطن قد صادرتها من أموال وأرصدة العراق داخل الولايات المتحدة العام الماضي أثناء التحضير لغزو العراق.

وقال تيلور غريفن لـ«الشرق الأوسط» ان واشنطن كانت قد استولت نهاية العام الماضي على إجمالي 1.7 مليار دولار من أرصدة الحكومة العراقية والبنوك العراقية والشركات الحكومية المسجلة تحت حكم صدام حسين في اميركا.

واوضح أن هذه الأموال كانت مجمدة في الأصل في بنوك اميركية منذ قيام العراق بغزو الكويت عام 1990، وأنه قد تم إنفاق 100 مليون دولار منها على تسوية قضايا كانت مرفوعة ضد نظام صدام حسين. وتم دفع 200 مليون دولار في حساب «صندوق إعمار العراق» الذي أقره قرار مجلس الأمن رقم 1483 في مايو (ايار) الماضي من أجل الحفاظ على عوائد بيع النفط والحفاظ على أموال أخرى مخصصة جزئيا لإعادة إعمار العراق والتي منها ما تبقى من أموال في حساب برنامج «النفط مقابل الغذاء» القديم والذي كان يبيع تحته نظام صدام حسين النفط مقابل الغذاء للعراق.

واضاف غريفن لـ«الشرق الأوسط» أن باقي الـ1.7 مليار دولار المصادرة ـ أي حوالي 1.4 مليار دولار ـ هي الآن تحت تصرف مجلس الحكم الانتقالي وأن هذه الأموال استخدمت في شراء معدات أمنية وملابس للشرطة العراقية الجديدة وفي دفع رواتب الموظفين الحكوميين وفي دفع بعض المعاشات.

وقال غريفين: «يمكنك أن ترى هذه الأموال بنفسك على شاشة التلفزيون وأنت ترى العراقيين يلوحون بها... إن تلك الأموال ليست ضائعة بالمرة... إن تلك الأموال في إيد عراقية وقد تم إنفاق معظمها. إنها في أيدي الموظفين الحكوميين وأصحاب المعاشات وفي أيدي رجال الشرطة في شكل معدات وأجهزة استقبال وفي خزائن الوزارات العراقية». غير أن هذه الإجابة لم تقنع منتقدي التصرفات المالية للولايات المتحدة في العراق والذين يتهمون واشنطن بإنفاق الأموال العراقية بدون استشارة العراقيين في شراء معدات من شركات اميركية أوشراء مواد غذائية اميركية ـ أي أن المستفيد من هذه الأموال ما زال هو الولايات المتحدة.

وتقول فيليس بينيس من مركز الدراسات السياسية في واشنطن، وهو المركز الذي عرف بمعارضته لاحتلال العراق، ان هذه الأموال تتحول إلى دعم مقنع لمشاريع الشركات الاميركية ولا تسهم بذلك في بناء اقتصاد عراقي أصيل. واضاف أن «الشركات الاميركية باهظة المصاريف، انها تبالغ في تكاليفها مما يضر بالأموال العراقية».

وكانت منظمة الإغاثة المسيحية «كريستيان إيد» التي مقرها الرئيسي في لندن قد أثارت حنق الإدارة الاميركية والحاكم المدني الاميركي للعراق بول بريمر أثناء انعقاد مؤتمر الدول المانحة في مدريد منذ عشرة أيام بعد أن قالت المنظمة ان الاميركيين يخفون الطريقة التي أنفقوا بها حوالي 4 مليارات دولار من أموال عائدات النفط التي جاءت بعد انتهاء الحرب وكذلك الأموال العراقية المصادرة.

وبعد هذا الاتهام قام مجلس الحكم الانتقالي بنشر ميزانية هيكلية ـ ينقصها الكثير من التفاصيل ـ على موقع المجلس على الإنترنت. غير أن المجلس وضع كشف حساب لمبلغ 2.5 مليار دولار فقط مما أثار دهشة مسؤولي كريستيان ايد الذين اتهموا الإدارة الاميركية بالتكتم على ما تبقى من الأربعة مليارات محل الخلاف الأصلي وهو مبلغ 1.5 مليار دولار. واعتبر دومينيك نت المسؤول في كريستيان إيد نت في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من لندن أن ما قام المجلس بنشره يعتبر ضئيلا جدا وغير كاف. وقال: «إن ما أجده على كشف حسابي المصرفي من تفاصيل أكثر بكثير مما كان في تلك الميزانية...إنه لا يسعك إلا أن تتساءل «ما المشكلة يا رفاق؟» إنكم مخولون بسلطة من مجلس الأمن من أجل إنفاق تلك الأموال ثم إظهار بيانات محاسبية لها... فلماذا تخشون من نشر الأرقام؟».

وقال جون ديفسون من كريستيان إيد أيضا أن الضغوط على الولايات المتحدة من أجل كشف حساباتها في العراق هي التي أدت إلى «شفافية محدودة». وطالب واشنطن بكشف حسابات العراق وخصوصا مع تدفق بيع النفط العراقي في الخارج وإلى من تذهب هذه الأموال. وقال: «إن الأمر سيتفاقم أكثر فأكثر مع توليد عوائد أكثر من النفط العراقي». وأضاف: «لا يكفي أن تقول اشترينا قمحا للعراقيين. يجب أن تقول الكمية ومن أي بلد ومن أي شركة وما هو مصدر الأموال ومتى تم البيع والشراء».

لكن غريفن رد بتهكم على تلك المقولات وقال ان مجهودات اميركا في تعقب أموال نظام صدام حسين حول العالم قد أظهرت مليار دولار سوف يتم ردها للعراق لاحقا علاوة على وجود أرصدة باسم العراق في مختلف أنحاء العالم بقيمة مليار دولار أخرى. وقال ان اميركا لا تسيطر على هذه الأموال، إنما دول أخرى هي التي تستحوذ عليها وان هذه الدول لم تنصع لقرار مجلس الأمن حتى الآن برد هذه الأموال.

وقال: «ربما يظنون أننا نسيطر على هذه الأموال. ولكننا لا نسيطر عليها. أما بالنسبة للأموال التي صادرتها اميركا فإن كل شيء واضح بشأنها».