بريمر يستجيب لضغط مجلس الحكم العراقي لإنشاء قوة أمنية من عناصر في الأجهزة السابقة و 5 أحزاب

سلطة «التحالف» تريد تدريب القوة المقترحة بما يضمن عدم استخدامها أداة للقمع السياسي من قبل التنظيمات المشاركة فيها

TT

صرح مسؤولون اميركيون وعراقيون بأن الحاكم المدني الاميركي للعراق، بول بريمر، ابدى موافقته على إنشاء قوة عسكرية عراقية تتألف من العاملين السابقين في اجهزة الامن العراقية وأعضاء الميليشيات الحزبية بغرض تعقب افراد المقاومة الذين يشنون هجمات يومية على قوات التحالف وأهداف اخرى. ويرغب مجلس الحكم العراقي في ان تتكون القوة العسكرية المقترحة التي ستكون مختلفة عن القوات العراقية التي انشئت بموجب مبادرات امنية اخرى من الجانب الاميركي، من وحدة محلية لجمع المعلومات تتمتع بصلاحيات واسعة لشن حملات مداهمة واستجواب المتهمين. من جانبهم قال قادة مجلس الحكم الانتقالي ان اقسام الشرطة العراقية ضعيفة وأن القوات الاميركية تفتقر الى المعرفة المحلية مما يؤثر على مقدرتها في مواجهة أنشطة الموالين للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين التي تبدو انها منسقة مع المقاتلين الاجانب الذين يشنون هجمات على القوات الاميركية والعراقيين المتعاونين مع الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة. الى ذلك صرح مسؤول رفيع بالمؤتمر الوطني العراقي، الذي شارك زعيمه احمد الجلبي في المناقشات التي جرت حول تكوين القوة المقترحة، بأن ثمة حاجة الآن الى وجود قوة عراقية يديرها عراقيون وتكون اكثر تسليحا من قوات الشرطة وقادرة على الرد والاستجابة بسرعة. ففي ظل تزايد حدة هجمات المقاومة العراقية، وجه مجلس الحكم العراقي خطابا الى الرئيس جورج بوش مطالبا اياه بمنحه المزيد من الصلاحيات والسلطات لمعالجة القضايا الامنية مؤكدا ان «العراقيين اقدر من غيرهم على التعامل مع هذه القضية». وفي خطاب تعزية للرئيس جورج بوش على مقتل 15 جنديا اميركيا نتيجة تحطم طائرة هليكوبتر اميركية، طلب جلال طالباني، الرئيس الحالي لمجلس الحكم الانتقالي، تحويل «المزيد من السلطات للعراقيين حتى يتمكنوا من تصريف شؤونهم بأنفسهم ومواجهة قوى الشر التي تحاول زعزعة استقرار العراق». وعلى الرغم من ان الحاكم المدني الاميركي، بول بريمر، عارض في بداية الامر مقترح تكوين قوة عراقية عسكرية تحت سيطرة وزير الداخلية الانتقالي، فإنه ابدى في الآونة الاخيرة بعض المرونة في موقفه خصوصا في ظل تزايد الهجمات على اهداف عراقية. وفي ذات السياق اكد مسؤول اميركي ان بريمر لم يعد «يعارض هذا المقترح من ناحية المبدأ» لكنه يود ان يتأكد من تحقيق عدة شروط في ما يتعلق بالتدقيق في المتقدمين للعمل في صفوف هذه القوات والتدريب والإشراف على المشاركين. ويعتقد مراقبون ان قوة الأمن الجديدة ستكون الاكثر نفوذا وسلطة في العراق، الامر الذي يثير مخاوف بعض المسؤولين الاميركيين من احتمال استغلال هذه القوات في عمليات غير ديمقراطية مثل إخماد المعارضة السياسية. من جانبهم، قال اعضاء مجلس الحكم الانتقالي انهم يريدون قوة تتكون في الاساس من مجموعتين هما الجنود السابقون في الجيش والشرطة الى جانب اعضاء الجناح الامني والاستخباراتي في خمسة تنظيمات سياسية هي حركة الوفاق الوطني العراقي والمؤتمر الوطني العراقي والمجلس الاعلي للثورة الاسلامية في العراق والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. وقال مسؤول في المؤتمر الوطني العراقي ان لدى تنظيمه شبكات استخبارات مؤسسة بصورة جيدة. وأضاف قائلا ان بوسع عناصر هذه الشبكات في المؤتمر اتخاذ رد فعل سريع باستخدام قوة هجومية بناء على المعلومات المتوفرة لديهم بدلا من الانتظار حتى تتسلم القوات الاميركية تقارير المؤتمر حول هذه المعلومات والعمل على اساسها.

كما أكد ان بوسع هذه القوة العراقية، حسب تركيبتها المقترحة، إلقاء القبض على عدد اكبر من المشتبه في تورطهم في الهجمات مقارنة بعدد من تعتقلهم القوات الاميركية. بيد ان سلطات التحالف اعربت عن قلقها ازء احتمال ان تمنح هذه القوة التنظيمات السياسية الخمسة سلطات وصلاحيات اكثر من غيرها في جهاز الامن الداخلي العراقي. إلا ان المسؤولين الاميركيين والبريطانيين المشاركين في المسائل الامنية يعتقدون ان المخاطر المحتملة من تكوين هذه القوة الامنية اقل بكثير من الفوائد المترتبة على تولي العراقيين دورا اكثر نشاطا في تعقب المقاتلين الذين يشنون هجمات على قوات التحالف واهداف عراقية. فقوات الشرطة العراقية، التي تفتقر الى التدريب والتسليح الكافيين، احجمت عن القيام بهذه المهمة. ويعتقد مسؤول في سلطات الاحتلال انه من الافضل ان تكون هناك مجموعة عراقية جيدة التدريب والتسليح والانضباط للمشاركة في هذه المواجهات، مؤكدا ان أي قدر من المجهود من جانب العراقيين سيساعد في هذا الشأن. وأضاف المسؤول ان بريمر سيصادق على تكوين هذه القوة الامنية العراقية المقترحة اذ جرى اختيار اعضائها وفق معايير التدقيق المطلوبة من جانب وزير الداخلية الانتقالي وسلطات الاحتلال وتلقوا تدريبا للشرطة وليس تأهيلا عسكريا.

واضاف المسؤول ان بريمر ربما يطلب حل المسائل المتعلقة بالقيادة والتوجيه مع القوات الاميركية وألا يزيد حجم القوة المقترحة، على بضعة آلاف فرد فقط. واوضح المسؤول ايضا أنه لن يسمح لاجهزة الامن والميليشيات التابعة للاحزاب السياسية بالانخراط بكاملها وإنما بصورة فردية. وقال المسؤول ان هذه الخطوة تهدف الى تحاشي إضفاء الطابع المؤسساتي للميليشيات على القوة العسكرية المقترحة لأن ذلك، على حد تعليقه، «لن يؤدي في نهاية الامر الى ايجاد عراق موحد». كما أكد المسؤول ان إنشاء هذه القوة سيتم على نحو حذر ودقيق.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»