الإجراءات الإسرئيلية تمنع عليا من إغاثة والديه اللذين لا تبعد خيمتهما عنه أكثر من 20 مترا في غزة

صور من معاناة سكان قطاع غزة في ظل الحصار الاحتلالي الداخلي

TT

لم تجد استغاثة الحاج ارحيم المليح وزوجته ام ابراهيم نفعا، فقد غمرت مياه الامطار الكثيفة الخيمة التي يسكنها الزوجان ولم يستطع ابنهما علي، اغاثتهما رغم ان بيته لا يبعد عن خيمة ابيه اكثر من عشرين مترا. والسبب ليس لان الابن عاق ولكن لان خيمة والديه العجوزين البدويين تقع على الجانب الشمالي من الشارع المؤدي الى مستوطنة نيتساريم الواقعة جنوب مدينة غزة، بينما يقع بيته على الجانب الجنوبي من الشارع. وهذا يعني استحالة وصول علي لمنزل، او بالاحرى لخيمة، والديه حتى لو كانت على بعد مترين من خيمته لان الجيش الاسرائيلي حدد هذا الشارع كخط فاصل بين مدينة غزة والمنطقة الوسطى، في اطار الاجراءات العقابية التي اتخذها ضد الفلسطينيين في اعقاب العمليات الاخيرة.

ولو حاول علي قطع مسافة العشرين متراً وتجاوز الشارع لانقاذ ابيه وامه فان القناص الاسرائيلي في الموقع العسكري القريب، سيعاجله او اي شخص يتحرك بمحاذاة الشارع.

هذا نموذج بسيط من صور المعاناة الانسانية التي خلفها قيام اسرائيل بتقطيع اوصال قطاع غزة الى اربعة كانتونات. وتسبب الاجراءات الاسرائيلية في وقف يكاد يكون تاما لمدارس مدينة غزة، نظرا لان اكثر من خمسين بالمائة من مدرسي هذه المدارس يفدون من محافظات وسط وجنوب القطاع.

والجيش الاسرائيلي لا يسمح حتى للمرضى في محافظات وسط وجنوب قطاع غزة بدخول المدينة لتلقي العلاج. ويقول ياسر العرابيد سائق احدى سيارات الاسعاف ان الجنود الاسرائيليين اطلقوا النار على سيارته من على بعد نصف كيلومتر عندما كان متوجها من دير البلح الى غزة وهو ينقل امرأة فلسطينية حاملة لكي تضع مولودها الاول في احد مستشفيات غزة، بعد رحلة مع العقم استمرت عشر سنين.

يذكر ان المحافظات الوسطى التي يسكنها اكثر من مائتي الف نسمة لا يوجد فيها مستشفى واحد. وتعتبر مستشفيات غزة هي الملاذ الوحيد امام المرضى في هذه المناطق.

وتعاني المؤسسات الرسمية والاهلية في مدينة غزة من شلل كامل، بسبب تغيب العمال والموظفين الذين يقطنون خارج المدينة. وشوارع المدينة تبدو خالية تماما من المارة.

معظم الفلسطينيين مقتنعون ان هذه الاوضاع مرشحة للتصعيد. وانه حتى تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة فان ايهود باراك سيواصل ممارساته التعسفية ضدهم.

الاوضاع النفسية الصعبة في اوساط الفلسطينيين في ظل هذه الحصار، تجعل الاشاعات تنتشر انتشار النار في الهشيم. فمثلا هناك شائعة انتشرت في ارجاء القطاع بشرعة البرق تقول ان الجيش الاسرائيلي فصل غزة عن وسط القطاع لانه ينوي الانسحاب من مستوطنة نيتساريم.

واذا كان العاملون في مجال الزراعة لم تؤثر الاجراءات الاسرائيلية عليهم بعد، من حيث مزاولتهم اعمالهم حتى الان، فان استهداف الجيش الاسرائيلي للمزارعين كما حصل امس عندما قتل احد المزارعين قرب بلدة بيت لاهيا، جعل الكثير من المزارعين الفلسطينيين يرون في التوجه للمزارع مخاطرة غير مبررة سيما ان معظم المناطق الزراعية في القطاع محاذية للحدود مع اسرائيل وقريبة من المستوطنات والمواقع العسكرية.