انتحار مدرب تايكوندو يمني في العراق يفتح ملف الخلايا النائمة في بريطانيا

تساؤلات حول الجهة التي دفعت تكاليف سفره وكيفية حصوله على التأشيرات

TT

لم يصدق أحد من أبناء الجالية اليمنية في مدينة شيفيلد البريطانية ان وائل عبد الرحمن الضالعي بطل ومدرب التايكوندو في مسجد الخير، الذي انشأه قبل ثلاثة اعوام بطل الملاكمة العالمي نسيم حميد بمدينة شفيليد، سينتهي به الأمر في عملية انتحارية بسيارة مفخخة قادها بنفسه في العراق منذ نحو ثلاثة اسابيع.

وعندما ودع وائل الضالعي، 22 عاما، زوجته البريطانية «اعتنقت الاسلام» الحامل وطفله «بلال» الشهر الماضي في شيفيلد، بزعم انه متجه الى دبي لأنه حصل على عقد عمل كمدرب في أحد أندية الامارات العربية في مضمار الدفاع عن النفس، لم يكن أحد يتخيل انه سيسافر الى سورية، ومنها الى العراق للمشاركة في الحرب ضد القوات الاميركية.

وقالت شقيقته من منطقة المعلا في عدن في اتصال هاتفي أجرته معها «الشرق الأوسط»: «ان وائل غادر اليمن قبل ثلاثة أعوام في طريقه الى بريطانيا، وكان قليل الاتصال بذويه». وأعربت عن قناعتها ان شقيقها كان انسانا عاديا، وتم تجنيده في بريطانيا.

وترفض مصادر الجالية اليمنية في شفيليد ما يتردد من شائعات عن ان وائل الضالعي كان قائدا لـ«خلية نائمة» في بريطانيا، وتقول انه كان مدربا للتايكوندو في مسجد الخير بضاحية «بيج هال» بشفيليد، وكان إنسانا عاديا للغاية ومحبوبا من الجميع.

ويقول احد الشباب الذي تدرب على يد وائل عبد الرحمن: «انه كان لا يتكلم في السياسة، وكان لايعبر عن كراهيته للاميركيين». وتتكون الجالية اليمنية في شفيليد من نحو 5 آلاف شخص، وكثير منهم من الذين طلبوا اللجوء السياسي بسبب الحرب الأهلية في اليمن عام 1994.

وتضيف المصادر ان وائل عبد الرحمن الحاصل على اللجوء السياسي ابلغ اندي هيل مدربه البريطاني للتايكوندو الذي سجل اسمه ضمن الفريق الاولمبي البريطاني لألعاب الدفاع عن النفس، انه في طريقه الى دبي لأنه لا يستطيع تحمل جيرانه «العنصريين» الذين يلقون أكياس القمامة امام شقته». لكنه وعد مدربه البريطاني بانه سيلتقيه قي وقت لاحق.

وتقول المصادر اليمنية ان وائل عبد الرحمن كان على خطى نسيم حميد في «حب الخير وعمله» ومساعدة مواطنيه، فشارك في العديد من برامج التوعية لابعاد الشباب الصغير السن عن آفة المخدرات، وكان يدرب الشباب على الدفاع عن النفس في ملحق صغير بمسجد الخير.

وتتخوف الجالية اليمنية من الصاق تهمة الارهاب بها بعد انتحار أحد أبنائها على أرض العراق.

وقال عمر عبد القادر مدير مركز «الخير» في تصريحات لجريدة «الغارديان» البريطانية اول من امس انه كان يعرف وائل عبد الرحمن لمدة 18 شهرا، وكان فخورا به وبما ينتظره من مستقبل باهر في مجال الرياضة، ولكنه صدم من هذه الانباء التي تتحدث عن عملية انتحاره». وأضاف : «انه لا يوجد أحد من ابناء الجالية اليمنية يؤيد ما قام به من عملية انتحارية في العراق.

وقالت المصادر ان اعتقال اليمنيين الاربعة، كان على خلفية معرفتهم بوائل عبد الرحمن»، مشيرة الى ان اثنين منهم أوصلا وائل الى مطار هيثرو في طريقه الى دبي ومنها الى سورية ثم العراق. وافرجت الشرطة عن اليمنيين الاربعة ، فيما أحالت ملف اثنين منهم الى دائرة شؤون الهجرة». وقالت شرطة «سوث يوركشاير» انها أفرجت عن اليمنيين الأربعة، لكنها ما زالت تفحص الوثائق التي تم مصادرتها من منازلهم.

وقال عمر بكري زعيم جماعة «المهاجرون» الأصولية في بريطانيا ان وائل عبد الرحمن لا يمكن ان يكون قد سافر الى العراق من دون «تزكية» من أحد العلماء في بريطانيا أو من قدامى المجاهدين». ورد بكري على تساؤلات «الشرق الأوسط» عن الجهة التي دفعت تكاليف سفر وائل عبد الرحمن الى العراق بقوله: «ان وائل وغيره تكفلت بسفرهم «الاخوة» من الجهات الاسلامية التي أعطتهم التزكية»، مضيفا ان حتى جميع ديونهم دفعت قبل سفرهم للمشاركة في العمليات الانتحارية.

ومن جهته قال متحدث باسم اسكوتلنديارد لـ«الشرق الأوسط»: «اننا على دراية بقصة الانتحاري اليمني»، لكنه رفض التعليق على مجريات التحقيق التي يباشرها ضباط فرقة مكافحة الارهاب البريطانية.

وتتساءل المصادر الامنية عن تكلفة سفر انتحاري من ابناء الجالية المسلمة الى العراق، والتي تقدر بنحو الفي جنيه استرليني، بالاضافة الى كيفية تخطيه مشكلة الحصول على تأشيرات الدخول الى سورية والاردن ومنها الى العرق.

وقال أحد أبناء الجالية اليمنية طلب عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» انه التقى عبد الرحمن اكثر من مرة بالقرب من مسجد الخير، ووصفه بأنه شخص ملتزم في الدين، وكان يرتدي الملابس الافغانية، وكان يحب الحديث مع الاطفال، وكان مقبلا على الحياة، يجذب من يتحدث اليه بحلاوة حديثه وتدينه.

من جهتها قالت مصادر الأصوليين ان بريطانيين ذهبوا الى أفغانستان والبوسنة سابقا للقتال في صفوف طالبان والمجاهدين الاسلاميين.

وهناك تسعة من البريطانيين يحتجزون في قاعدة غوانتانامو (كوبا)، بالاضافة الى عشرات من القتلي الذين لقوا حتفهم في صفوف طالبان.

وكانت الشرطة البريطانية قد أجرت تحقيقات مكثفة طالت عدداً من الاسلاميين عقب ارتكاب بريطانيين، هما عمر شريف ومحمد حنيف، عملية انتحارية في إسرائيل ابريل (نيسان) الماضي.