صدام فاوض الكوريين الشماليين في سورية لبناء خط لإنتاج الصواريخ

الرئيس الأسد: لم نسع لإقامة أي صلات بين صدام وبين دول أخرى لأنه لم يكن يثق بنا في الأساس

TT

قال مسؤولون اميركيون ان آخر محاولات النظام العراقي السابق للحصول على برنامج صواريخ بعيدة المدى انتهت بمرارة عندما امتنع الكوريون الشماليون عن تسليم شحنات الصفقة التي خسر العراق من جرائها «عربونا» بقيمة 10 ملايين دولار رفضت الحكومة الكورية ان تردها.

وقال مسؤولون اميركيون امس ان ابني الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وكبار قادته العسكريين وممثلي شركات عراقية كبرى اجروا مفاوضات، جرى جانب منها في سورية، مع ممثلين لكوريا الشمالية استمرت اكثر من عامين قبل الغزو الاميركي للبلاد في محاولة لتطوير برنامج صاروخي.

وحصلت الولايات المتحدة على المعلومات المتعلقة بهذه الصفقة من قرص كومبيوتر صلب عثر عليه في بغداد، وتم التأكد من محتوياته من المسؤولين العراقيين السابقين الذين امكن اعتقالهم وكانوا جزءا من الدوائر المقربة لرأس النظام.

وذكر المسؤولون ان الصفقة لم تكن تتعلق بالحصول على مجموعة من الصواريخ بعيدة المدى، وانما ببناء خط انتاج كامل لها في العراق.

وعندما بدا ان الحرب ضد العراق تقترب، اكتشف صدام حسين ان نظيره الكوري الشمالي كيم يونغ ايل شخص لا يمكن الاعتماد عليه.

واستنادا الى الملفات ظهر انه مع تجمع نذر الحرب لم يحصل صدام فيما يبدو على شيء مقابل عشرة ملايين دولار دفعها لكوريا الشمالية. واظهرت التحقيقات من خلال ما وجد من ملفات مخزنة على اجهزة الكومبيوتر في بغداد ومن خلال استجواب عدد من اعضاء الدائرة المقربة من الرئيس العراقي السابق انه قبل شهر من الغزو الاميركي سافر مسؤولون عراقيون الى سورية لمطالبة كوريا الشمالية باعادة 1.9 مليون دولار لعدم التزامها بموعد تسليم الشحنة الاولى من البضائع.

وقال احد المحققين ان كوريا الشمالية تهربت من رد المبلغ وقالت للممثلين العراقيين ان «الاوضاع اسخن من ان تسمح بالمضي قدما في ارسال الشحنات»، التي كان من المنتظر ان تكون سورية معبرا لها.

وذكر المحققون ان احد الذين ساهموا في التوسط للصفقة هو منير عواد، وقالوا انه يقيم في سورية تحت حماية حكومية فيما يبدو.

وتمثل الوساطة السورية في الصفقة، من وجهة نظر الولايات المتحدة، انتهاكا لمقررات مجلس الأمن التي كانت هي نفسها قد صوتت لصالحها.

وسئل الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع «نيويورك تايمز» اول من امس عن الاتفاق الذي ورد ذكره في ملفات مخزنة على اجهزة كومبيوتر طبقا لاقوال مسؤولين اميركيين فقال «هذه اول مرة اسمع» بهذه القصة. واضاف الاسد «ان صدام لم يكن ليثق بسورية ابدا وهو لم يحاول، ونحن لم نسع لاقامة اي صلات بينه وبين دول اخرى، لانه لم يكن يثق بنا في الأساس».

ولكن المسؤولين في الادارة الاميركية يقولون ان سورية كانت تمثل بالنسبة للعراق سوقا لتوريد الاسلحة، وانها ربما وفرت موانئها وطرق مواصلاتها من اجل ضمان عبور تلك الاسلحة، من دون ان يعرف على وجه الدقة ما هو الثمن الذي طلبته سورية في المقابل. ويقول مسؤولو الادارة انهم كانوا يعرفون بمساعي صدام للحصول على برنامج الصواريخ المعروف باسم «رودونغ»، كما كانوا يودون ان يعثروا على ادلة تثبت قيام العراق ببناء خط انتاج لبنائها، الامر الذي كان سيثبت ان العراق انتهك بالفعل قرارات مجلس الامن التي حظرت عليه انتاج صواريخ يزيد مداها عن 150 كم.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»