«فدائيو صدام» تحولوا إلى مجاهدين «في سبيل الله»

«خلايا المقاومة».. جنود سابقون بلا تنظيم وينفذون عملياتهم من دون توجيهات

TT

كان الرجل قد دخل السيارة قبل اقل من دقيقتين، يوم الخميس الماضي، عندما اخرج قنبلة يدوية كان يحملها مثل تفاحة في كيس صغير احمر، وابتسم وغمز له باقي الركاب وشرح بهدوء «اذا لم يُسحب صمام الامان فلن تنفجر».

ولم تكن القنبلة تهديدا، ولكنها محاولة من جانب الرجل لكي يؤكد لنا انه ينتمي الى ما يسمى بقوات «المقاومة». والمعلومات محدودة للغاية حول هذه القوات التي تقتل اي شخص يرتبط بقوات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة وتجعل المهمة الاميركية في العراق في غاية الخطورة والصعوبة.

ولم يكن من الواضح لماذا كان هذه الرجل الذي قال انه جندي سابق، ويبدو أنه في الخامسة والثلاثين من عمره، وعلى درجة كبيرة من اللياقة على استعداد للتحدث مع صحافي غربي، ولم يمكن التأكد من صحة روايته، وقد وافق على مقابلة صحافية بعدما قدمه رجل قدم نفسه بدوره الى «نيويورك تايمز» على انه صحافي محلي. وعرض الصحافي المحلي إجراء اتصالات مع ما وصفه بانه «المقاومة المحلية» في هذه المدينة الواقعة في قلب المناطق السنية، ومركز العنف ضد الاميركيين في العراق.

وذكر القادة الاميركيون ان الافراد الذين يقاتلونهم يبدون اكثر تحديا مما سبق. وفي الاسابيع الاخيرة تمكنوا من توزيع منشورات في الحويجة تطالب العراقيين بالانضمام اليهم. ووجه هذا المقاتل الذي كان لا يزال يحمل القنبلة في يده، وكان مهذبا بطريقة مبالغة، السيارة نحو مدافن هنا، حيث قال ان بعض رفاقه الذين قتلتهم القوات الاميركية مدفونون هناك وهناك، وخلال ساعة من الاحاديث خلف حائط، وهو يراقب امــكانية ظــهور دوريات اميركية، شرح الرجل ما قال انها عمليات خليته، التي ذكر انها تضم 15 رجلا، معظمهم من الجنود السابقين، الذين لا يتلقون اي أوامر من اي شخص، ولكنهم على اتصال بمجموعات مماثلة.

وقال ان «اشخاصا يملكون خبرة عسكرية اكثر مني يحددون الاهداف ويرتبون الخطط، واضــاف ان الامر مثل وجود صديق لصديق اخر، ولدينا اتصالات بين الخلايا ولكن لا يوجد تنظيمات حقيقية.

وتجدر الاشارة الى ان بعض التفاصيل التي قدمها الرجل ـ الذي لم يمكن التأكد بطريقة مستقلة من روايته ـ تتماشى مع تعليقات القوات الاميركية. فقد اشار الرجل، على سبيل المثال، الى مقتل 6 من المتمردين في 30 اغسطس (آب) في معركة مع الاميركيين، وهو نفس الرقم الذي ذكره الميجور دوغلاس فينسنت المتحدث باسم اللواء 173 المحمول جوا، المسؤول عن الحويجة.

غير ان الميجور فينسنت وصف تأكيدات الرجل بأن خليته قتلت 500 اميركي، بأنها «محض خيال»، حيث من المعروف ان 6 من الاميركيين قتلوا في المنطقة منذ شهر مارس (آذار)، طبقا لمعلومات الميجور.

بينما تتوافق بعض ما وصفه الرجل مع معلومات المسؤولين العسكريين الاميركيين، الذين قالوا انهم يعتقدون ان الهجمات من تنفيذ مجموعات منظمة تنظيما غير دقيق، مكونة من جنود وغيرهم من الموالين لصدام حسين، بالاضافة إلى مسلمين من دول اخرى حضروا للعراق لقتال الاميركيين. وذكر هذا المقاتل انه لم يشهد اي اجانب بين صفوف «المقاومة».

وقال ان جماعته شنت 35 هجوما محليا، وانه شارك (شخصيا) في «اكثر من خمسة». وتشير تعليقاته الى معلومات جيدة عن الاسلحة، وقال ان خليته استخدمت صواريخ كاتيوشا، وار بي جي ومدافع رشاشة كبيرة وكلاشنيكوف وألغاما وقنابل محلية الصنع يتم تفجيرها بالريموت كونترول (بالرغم من انه لم يذكر بالضبط نوعية الريموت المستخدم). وقال انهم اشتروا بعض الاسلحة من اموالهم الخاصة وسرقوا البعض الاخر من مخازن الذخيرة التي تركت بلا حراسة قبل الحرب.

وتابع قائلا «نريد ان يعرف العالم ان بوش اكبر مجرم وبلير قرد الصحراء، لن يستطيعا السيطرة على العراقيين. لن نسمح لهم بقتل العراقيين. انا اتحدث أمام الله نيابة عن نفسي وعن المجاهدين». ربما يكون اختيار كلمة «المجاهدين» هو افضل ما يطلق على هذا التمرد، إلا ان الاميركيين يستخدمون كلمة «فدائيين» بدلا عن «مجاهدين».

ويقول ضباط اميركيون ان «الفدائيين» هم افراد القوات التي كانت ترتدي زيا اسود، ويبدو انها لم تتشتت تماما عقب غزو التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في مارس الماضي. ويعتقد هؤلاء الضباط ان قوات فدائيي صدام وراء الهجمات التي تستهدف القوات الاميركية وقوات التحالف في العراق. ومن الصعب تحديد دافع واحد للمقاتل، الذي اطلق على نفسه لقب «مقاتل في سبيل الله». وقال المقاتل المشار اليه انه عمل في الجيش العراقي لمدة ست سنوات انتهت عام 1998. ومن خلال الاجابات المقتضبة لا يبدو على الرجل انه متحمس لصدام حسين او لـ«القتال في سبيل الله». فقد أكد انهم لا يقاتلون من اجل صدام حسين وإنما من اجل الحرية وبسبب الاميركيين واليهود. وتابع قائلا ان مجلس الحكم الانتقالي الذي عين الاميركيون اعضاءه لا يعدو ان يكون مجموعة من اللصوص والمجرمين والمرتزقة، وأضاف قائلا انه لا يتوقع ان يتحقق استقرار العراق بواسطة هؤلاء.

* خدمة «نيويورك تايمز»، خاص بـ«الشرق الأوسط» ويعتقد هذا المقاتل ان المبادئ قائمة على اساس الولاء الديني والقبلي، وقال ان المبدأ الديني يقول انه لا مجال لقبول العيش مع الكفار، وأضاف ان الرسول قال «اضربوا الكفار». ويعتقد ان وجهة النظر القبلية تؤكد عدم السماح للغرباء بحكم اهل البلاد. وفي ما يؤكد ان صدام حسين لم يكن سببا للقتال الحالي، يقول ايضا ان «صدام حسين لم يفعل اشياء سيئة» ثم دافع عن ما ارتكبه صدام حسين ضد الاكراد قائلا: «الاكراد يستحقون كل ما حدث لهم لأنهم خونة ومجرمون»، اما عن غزو صدام للكويت، فقد قال «الكويت تستحق ما حدث لها لأنها سرقت نفطنا».