ضابط استخبارات عراقي ينفي مزاعم واشنطن عن لقائه بقائد هجمات 11 سبتمبر

سمير العاني يرفض اتهامه بلقاء محمد عطا في براغ والاستخبارات الأميركية تشكك في الإفادات

TT

كشف مسؤولون اميركيون مطلعون ان ضابط الاستخبارات العراقي السابق احمد خليل ابراهيم سمير العاني، الذي كان يشتبه في انه التقى القائد المفترض لهجمات 11 سبتمبر (ايلول)، محمد عطا، نفى أمام محققين اميركيين حدوث هذا اللقاء. وقال مسؤولون اميركيون اطلعوا على محاضر الاستجواب الذي خضع له العاني انه اعتقل من قبل القوات الاميركية في يوليو (تموز) الماضي وخضع في وقت لاحق لتحقيق نفى خلاله ان يكون قد التقى محمد عطا في براغ. وحذر مسؤولون اميركيون من ان العاني ربما ادلى بمعلومات كاذبة للمحققين الاميركيين، إلا ان الشخص الآخر الوحيد المتهم بالمشاركة في هذا اللقاء هو محمد عطا الذي قاد إحدى الطائرتين المخطوفتين اللتين استخدمتا في الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر 2001. جدير بالذكر ان الشائعات حول لقاء بين عطا وضابط استخبارات عراقي قد دارت بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن، إلا ان تلك الشائعات ظلت محل جدل منذ ذلك الوقت. وكان مسؤولون تشيكيون قد اكدوا في بداية الامر هذه التقارير رغم ان مصادر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) ومكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي) اوضحت عدم امكانية تأكيد هذه التقارير. واستغل المحافظون المؤيدون للحرب ضد العراق داخل وخارج ادارة الرئيس جورج بوش هذه التقارير للتأكيد على وجود علاقة بين صدام حسين وتنظيم «القاعدة» بقيادة اسامة بن لادن. كما اصبحت تقارير لقاء براغ بين محمد عطا والعاني محل فحص وتدقيق خلال الفترة بين 11 سبتمبر والحرب على العراق في مارس (آذار) الماضي من قبل «سي آي ايه» و«اف بي آي» ووزارة الدفاع (البنتاغون) والبيت الابيض.

فالاتصالات المحتملة بين عطا والعاني وفرت فيما يبدو اوضح مؤشر على وجود علاقة محتملة بين العراق وتنظيم «القاعدة» في وقت كانت تدعي ادارة بوش ان غزوها للعراق يعتبر جزءا من حملة الولايات المتحدة ضد الارهاب. إلا ان وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي توصلا في نهاية الامر الى ان اللقاء المزعوم ربما لا يكون قد حدث وإنه لا يوجد دليل مادي على تورط نظام صدام حسين في مخطط هجمات 11 سبتمبر.

ووضعت النتائج التي توصل اليها كل من مكتب المباحث الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية في خلاف مع العناصر المتشددة في «البنتاغون» والبيت الابيض، اذ قال المسؤولون فيهما ان محللي وكالة الاستخبارات تجاهلوا دليلا يثبت وجود علاقات بين العراق وتنظيم «القاعدة». وفي نهاية الامر اصبح لقاء براغ عنصرا اساسيا في المعركة بين وكالة الاستخبارات المركزية وصقور ادارة بوش حول المعلومات الاستخباراتية خلال فترة ما قبل الحرب. وكان مسؤولون اميركيون قد صرحوا بأن وكالة الاستخبارات المركزية لم تتوصل بعد الى أي دليل على وجود علاقة بين نظام الرئيس العراقي السابق وتنظيم «القاعدة»، رغم استجواب المحققين الاميركيين مسؤولين عراقيين اعتقلوا بعد سقوط نظام صدام حسين. من جانبهم اعرب مسؤولو استخبارات اميركيون عن اعتقادهم بوجود اتصالات بين العراق وتنظيم «القاعدة» خلال عقد التسعينات، إلا انه لا يوجد دليل على تنفيذ الجانبين عمليات مشتركة. كما نفى قياديو «القاعدة» المعتقلون وجود أي علاقات مع العراق. فحسب تقرير حول استجواب قيادي «القاعدة» ابو زبيدة تم الحصول عليه من مسؤولين في ادارة بوش، قال ابو زبيدة ان عناصر في «القاعدة» حاولت الاستفادة من كراهية صدام حسين للولايات المتحدة بغرض الحصول على مواد عسكرية او أي نوع آخر من الدعم، إلا ان بن لادن ومساعده ايمن الظواهري عارضا بشدة العمل مع صدام حسين. وأشار التقرير الى ان «قيادة تنظيم القاعدة كانت تنظر الى العراقيين، وعلى وجه الخصوص الاجهزة العسكرية والاستخباراتية، كمؤسسات فاسدة ولا دينية ومنافقة وإنها خضعت لمفاسد الغرب فيما لا تزال في حرب مع الولايات المتحدة». وأورد التقرير ايضا، في اشارة الى إفادات ابو زبيدة في التحقيق، ان تنظيم القاعدة لم يكن ينظر الى العراقيين كمجاهدين حقيقيين، كما ان شكوكا كانت تساور كبار قادة التنظيم بشأن عمق التزام وتمسك صدام حسين بتدمير اسرائيل وقضية تطهير الاراضي المقدسة من نفوذ ووجود الكفار». إلا ان محضر الاستجواب تضمن محاذير مثل احتمال ان يكون ابو زبيدة، الذي القي القبض عليه في مارس (آذار) 2002، يسعى الى تضليل الولايات المتحدة. وكان خالد شيخ محمد، رئيس عمليات «القاعدة» الى ان تم القبض عليه في الاول من مارس من العام الحالي، في باكستان، قد ابلغ المحققين بان القاعدة لم توافق على الاطلاق على العمل مع صدام.

ولكن في الوقت الذي قللت فيه وكالة الاستخبارات المركزية من اهمية العلاقة، فإن التقرير الخاص بلقاء براغ استمر في التردد بين جماعات المحافظين في الادارة. ففي سبتمبر الماضي، وبعد شهرين من القبض على العاني اشار نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الى لقاء براغ خلال ظهوره في برنامج اخباري في شبكة تلفزيون «ان بي سي» الاميركية. فردا على سؤال عن العلاقة بين العراق و«القاعدة»، قال تشيني «في ما يتعلق بأحداث 11 سبتمبر، بالطبع لدينا القصة التي تتردد.

فقد ادعى التشيك ان محمد عطا المهاجم الرئيسي، التقى في براغ مع ضابط استخبارات عراقي كبير قبل خمسة اشهر من الهجوم، ولكننا لم نتمكن من الحصول على اية معلومات سواء فيما يتعلق بتأكيد الامر او نفيه. لا نعرف».

وقد ظهرت القصة لاول مرة في اكتوبر (تشرين الاول) 2001، عندما اشار وزير الداخلية التشيكي علنا الى وجود ادلة على ان عطا التقى مع العاني في ابريل (نيسان) 2001. وفي ذلك الوقت كان العاني ضابط استخبارات عراقيا تحت غطاء دبلوماسي في السفارة العراقية في براغ. وفي اعقاب ذلك، اصبح المسؤولون في الحكومة التشيكية اكثر تشككا في عقد مثل الاجتماع من اساسه، ولا سيما بعدما اصبح من الواضح ان التقرير الاستخباري المبدئي من وكالة الاستخبارات المحلية التشيكية الخاص بالاجتماع جاء من مرشد واحد في جالية عربية. وساورت خبراء الاستخبارات التشيكية شكوك بشأن هذه المعلومات لأنها جاءت بعد احداث 11 سبتمبر، اي بعدما نشرت صورة عطا في التلفزيون والصحف في جميع انحاء العالم، وبعدما ذكرت الصحف التشيكية ان السجلات تشير الى ان عطا سافر ذات مرة الى براغ. وذكر المسؤولون التشيك ان سجلات شرطة الحدود تشير الى ان عطا، الذي كان يعيش في هامبورغ بالمانيا، زار براغ في يونيو (حزيران) 2000، بعدما حصل على تأشيرة في اواخر مايو (ايار). وبعد وصوله الى براغ بفترة قصيرة توجه عطا جوا الى نيوارك بالولايات المتحدة. وتشير السجلات الاميركية الى ان عطا كان في منطقة فيرجينيا بيتش في اوائل ابريل (نيسان) 2001، في الوقت الذي كان من المفروض ان يكون في براغ للقاء العاني.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»