مقتل 148 بينهم 13 مصريا وياباني ومغربية و133 سائحا فرنسيا في تحطم طائرة بعد إقلاعها من شرم الشيخ باتجاه القاهرة

TT

باريس ـ ميشال أبونجم وإنعام كجه جي: تحطمت طائرة تشارتر مصرية في البحر الاحمر فجر امس بعيد اقلاعها من مطار شرم الشيخ وعلى متنها 148 شخصا لقوا جميعا مصرعهم وبينهم ياباني ومغربية و133 سائحا فرنسيا وافراد طاقم الطائرة الـ13. وفي وقت رجح مسؤولو الطيران المدني المصري وقوع الحادث بسبب عطل فني، فان وزارة العدل الفرنسية دعت الى فتح تحقيق قضائي بتهمة القتل الخطأ.

وأعلنت وزارة الطيران المدني المصرية أن الطائرة، وهي تابعة لشركة «فلاش ايرلاينز» الخاصة ومن طراز بوينغ 737، غادرت مطار شرم الشيخ باتجاه القاهرة للتزود بالوقود في طريقها إلى باريس إلا أنها اختفت عن شاشات الرادار في الساعة الرابعة و44 دقيقة بالتوقيت المحلي. وأوضح مسؤولون مصريون أن الطائرة سقطت على بعد ثمانية أميال من مطار شرم الشيخ في البحر الأحمر حيث عثر على أجزاء من حطامها في منطقة وادي نصراني. وقال مسؤولون بمطار شرم الشيخ الدولي إن قائد الطائرة لم يصدر أي استغاثات ولم يبلغ برج المراقبة عن وجود أي عطل بالطائرة المنكوبة. وصرح أمين عام وزارة الطيران المدني المصري الطيار حسني أبو غنيمة بأن فرق البحث والانقاذ قد عثرت على آثار لحطام الطائرة وبعض حقائب الركاب في البحر الأحمر جنوب مطار شرم الشيخ. وأوضح أبو غنيمة أن الطائرة كانت قد وصلت إلى مطار شرم الشيخ في ساعة مبكرة من صباح أمس قادمة من ايطاليا ثم أقلعت بعد انزال ركابها وصعود الركاب الفرنسيين على متنها للتوجه الى مطار القاهرة ومنه الى باريس.

واكد زملاء كثيرون لقائد الطائرة انه كان طياراً عسكرياً كفؤاً لدى خدمته في القوات الجوية. وقد أمر النائب العام المصري بتشكيل فريق للتحقيق في الحادث. وقد انتقل الفريق بالفعل الى مكان الحادث لمعاينة جثث من يجري انتشالهم والتصريح بتسليمهم الى ذويهم.

وبعد اخطار السفارة الفرنسية بالحادث توجه فريق دبلوماسي فرنسي الى المكان للقيام باجراءات تسلم الجثث المنتشلة. وتم التأكد بأن ضحايا تحطم الطائرة هم 133 فرنسياً وياباني ومغربية اضافة الى 6 مصريين هم طاقم الرحلة و7 مصريين آخرين هم طاقم الرحلة السابقة من روما إلى شرم الشيخ.

وقد اجرى الرئيس الفرنسي جاك شيراك اتصالاً هاتفياً مع نظيره المصري حسني مبارك وبحث معه ظروف الحادث. وعبر مبارك خلال الاتصال عن تعازيه ومواساته لاسر الضحايا. ومن جهته قال قصر الاليزيه ان شيراك طلب من سكرتير الدولة للشؤون الخارجية رينو موزولييه «التوجه في اسرع وقت ممكن» الى مصر.

ونفى وزير الخارجية المصري أحمد ماهر تحطم الطائرة بفعل اعتداء ارهابي، مؤكداً سقوطها بسبب اخطاء فنية. كما رجح مسؤولون بوزارة الطيران المدني المصرية ان تكون الطائرة تحطمت بسبب خطأ فني، نافين فرضية التخريب او الاعتداء، الا انهم اشاروا إلى صعوبة تحديد السبب الرئيسي قبل اكتمال التحقيق. كذلك، قال وزير المواصلات الفرنسي جيل دو روبيان في مطار رواسي بباريس ان احتمال الحادث «مرجح الى حد بعيد» و«ليس ثمة ما يشير الى وجود سبب آخر» لتحطم الطائرة.

لكن رغم هذا التأكيد، فان النيابة العامة الفرنسية فتحت، بناء على طلب وزير العدل دومينيك بيربان، تحقيقاً لمعرفة ظروف الحادث. وكان وزير العدل بيربان قد طلب فتح تحقيق قضائي بتهمة القتل الخطأ في حادث تحطم الطائرة. وقال متحدث باسم الوزارة ان هذه الخطوة «ليست حكما مسبقا بأي شكل من الاشكال وانما تمثل اطارا قانونيا يمكن المحققين الفرنسيين والمصريين من العمل معا بمقتضاه».

وتملك شركة «فلاش ايرلاينز» الخاصة طائرتين من طراز بوينغ 737/300. والطائرة المنكوبة مملوكة أصلاً لشركة «انترناشيونال ليزفينس الأميركية» وقد استأجرتها الشركة المصرية منذ أول يونيو (حزيران) 2000 لمدة 5 سنوات. وكان اسم الشركة المصرية هو «هليوبوليس للطيران» قبل ان يجري تغييره قبل ست سنوات الى «فلاش ايرلاينز». وقال صاحب الشركة محمد عبد اللطيف نور إن الطائرة لم تتعرض إلى أي خلل أو أي عطل في الفترة الماضية وان أعمال الصيانة للطائرات تتم في موعدها وبصفة دورية بمعرفة مهندسي الشركة بمطار القاهرة، وتتم أعمال الصيانة السنوية لطائرات الشركة في النرويج.

وذكر مصدر مسؤول في المراقبة الجوية أن الجو كان عاديا،ً مستبعداً دوراً للطقس في الحادث.

وتوقعت مصادر مصرية حدوث تأخر في انتشال جثث الضحايا، مشيرة الى ان الطائرة سقطت في خليج نعمة حيث يصل عمق المياه إلى ألف متر ما يصعب عمليات الغطس. واوضحت المصادر انه بعد 9 ساعات من سقوط الطائرة لم يتم انتشال سوى أشلاء لأربع جثث لم تحدد هويتها.

ومن ناحيته قرر مجلس الشورى المصري امس فتح ملف حوادث الطائرات في مصر. وطالب محمد فريد خميس رئيس لجنة الانتاج الصناعي والطاقة في جلسة المجلس أمس بعقد اجتماع عاجل للجنته لبحث حوادث الطيران في مصر.

وفي باريس، انتقل رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران الى مطار شارل ديغول الذي كان سبقه إليه وزير النقل جيل دو روبيان ووزيرالدولة لشؤون النقل دومينيك بوسرو بهدف متابعة الحادث. وأعلن رافاران أن ما حصل «مأساة أصابت كل الأمة».

وطلب رافاران من الوزارات المعنية وتحديدا الخارجية والداخلية والنقل والسياحة أن «تتعبأ» من أجل توفير الدعم المادي والنفسي لعائلات الضحايا ومساعدة السلطات المصرية لجلاء ظروف الحادثة «في أسرع وقت».

وأصدرت الخارجية الفرنسية بيانا أعربت فيه عن «ذهول» السلطات الفرنسية للحادث. وأفادت الخارجية التي عمدت الى تشكيل خليتين من أجل تقديم المعلومات والمساعدة المادية والنفسية لعائلات الضحايا ان وفدا يتشكل من موظفين من الوزارة ومن خبراء تابعين لوزارة الداخلية رافق وزير الدولة للشؤون الخارجية الى مصر. وأكدت الخارجية أنها عمدت، «بناء على طلب السلطات المصرية» الى اتخاذ الإجراءات اللازمة «من أجل توفير كامل المساعدة التي تبدو ضرورية» لاستعادة هيكل الطائرة وانتشال جثث الضحايا والمشاركة في التحقيق للتعرف على أسباب الحادث.

وطلبت فرنسا من السلطات المصرية رسميا المشاركة في التحقيق وفي عمليات البحث والتعرف على هويات الضحايا. كما عرضت إرسال فريق من المحققين المتخصصين في الكوارث الجوية والتابعين لمكتب التحقيقات والحوادث فضلا عن فريق من الامن المدني. وعرضت الحكومة لمن يرغب من عائلات الضحايا نقله على نفقتها الى شرم الشيخ.

وكانت ثلاثة مكاتب فرنسية سياحية قد قامت باستئجار الطائرة المصرية الخاصة التابعة لشركة «فلاش ايرلاينز». وهذه المكاتب الفرنسية هي: فرام وجيت تورز وزيغ زاغ. وحسب موظف في شركة فرام، فإن غالبية الضحايا هم من المنطقة الباريسية وثمانون في المائة منهم حجزوا رحلاتهم لدى فرام نفسها. وتشكل مصر إحدى الوجهات السياحية الرئيسية للفرنسيين خصوصا في فصل الشتاء.

وقد توالت التعازي من كل انحاء العالم بعد وقوع الكارثة امس. ففي بيروت اعرب الرئيس اللبناني اميل لحود في برقية تعزية الى الرئيس شيراك عن «حزنه البالغ للمأساة التي ضربت فرنسا». وفي روما، اعرب الرئيس الايطالي كارلو ازيليو تشامبي لنظيره الفرنسي عن «ألمه العميق». وفي بروكسل، وجه رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي تعازيه الى الرئيسين الفرنسي والمصري. وفي برلين، اعرب المستشار غيرهارد شرودر عن «اسفه العميق» اثر تحطم الطائرة في برقيتي تعزية الى الرئيسين الفرنسي والمصري. وفي الرباط، اعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس عن تضامنه مع اسر الضحايا في برقيتي تعزية الى الرئيسين شيراك ومبارك. وقال العاهل المغربي في برقيته الى شيراك ان «افكارنا مع عائلات الضحايا». وكتب في برقيته الى مبارك انه «يعرب عن تضامنه مع عائلات الضحايا في هذا الظرف الاليم».