مصادر تؤكد أن شروط بوش لتحسين العلاقات مع إيران وراء قرار طهران رفض استقبال الوفد الأميركي

TT

اكد مسؤولون ايرانيون واميركيون ان الوفد الاميركي رفيع المستوى الذي طلب التوجه الى ايران للمساعدة في جهود اغاثة منكوبي زلزال بام، ورفضت طهران استقباله حاليا بسبب الاوضاع الداخلية، يمكن ان يتوجه مستقبلا الى البلاد عندما تكون الظروف اكثر مواءمة. غير ان المتحدث باسم الخارجية الاميركية ادم ايرلي قال للصحافيين متشككا في امكانية توجه الوفد لطهران مستقبلا، ان فكرة ارسال الوفد جاءت بسبب الاوضاع الانسانية في ايران بعد الزلزال، وبالتالي فان «ارساله مستقبلا عندما تكون الاوضاع افضل وتحت السيطرة موضع شكوك».

وقال ايرالي للصحافيين اول من امس بعد اعلان طهران رفضها استقبال الوفد «سمعنا ردا من الايرانيين بأنه في ظل الوضع الحالي في بام وكل ما يحدث هناك حاليا فسيكون من المفضل تعليق مثل هذه الزيارة مؤقتا. ولذلك فلن نواصل السعي لاتمامها في الوقت الحالي»، واضاف «لقد اردنا المساعدة، لكننا نحترم رغباتهم». من ناحيتها، اكدت السيناتورة الجمهورية اليزابيث دول انها ما زالت تأمل في ان توافق ايران في وقت قريب على استقبال الوفد الذي من المقرر ان تترأسه وقالت «ما زال لدى امل في قبول ايران استقبالنا لان الشعب الاميركي راغب جدا في المساعدة». وكشفت مصادر مطلعة ان الرفض الايراني لاستقبال الوفد الاميركي رفيع المستوى برئاسة دول جاء بسبب استياء التيار المحافظ في ايران بزعامة المرشد الروحي اية الله علي خامنئي من الشروط الثلاثة التي وضعها الرئيس الاميركي جورج بوش لتحسين العلاقات مع ايران. وذكرت ان اتخاذ التيار المتشدد قرارا برفض استقبال الوفد كان مرجحا لاسباب ايرانية داخلية، الا ان تصريحات بوش التي دعا فيها ايران الى الالتزام بتعهداتها النووية، وتسليم قادة «القاعدة» في اراضيها الى بلادهم واجراء المزيد من الاصلاحات الديمقراطية، عزز اتجاه الرفض. واضافت المصادر ان تلك المطالب، خاصة المتعلقة بالديمقراطية في ايران، ازعجت التيار المحافظ الذي رأى ذلك تدخلا مرفوضا في الشؤون الايرانية. وذكرت ان تصريحات بوش في ذلك الوقت بالذات جعلت الموضوعات الانسانية والسياسية تتداخل معا. واضافت المصادر ان خامنئي هو الذي اتخذ القرار الذي لم يدعمه انصار التيار المعتدل الذين كانوا يفضلون قبول الوفد الاميركي. وكانت الاذاعة الايرانية الرسمية التي يسيطر عليها انصار التيار المتشدد قد اتهمت الولايات المتحدة اول من امس بمحاولة بث الفرقة بين الايرانيين بارسالها تلك المساعدات الانسانية، وقالت الاذاعة بلهجة حادة ان الولايات المتحدة لا تعنيها المواضيع الانسانية، بل تسعى لتحقيق مصالحها. وشددت على ان الشعب الايراني متضامن مع حكومته وسيمنع واشنطن من تحقيق امالها. واضافت «مرة اخرى يؤكد بوش ان سياساته العدائية والتي تتدخل في الشؤون الايرانية لم تتغير ابدا». وكانت ايران قد اكدت في رفضها استقبال الوفد الاميركي ان الامر يعود للاوضاع الراهنة في البلاد وحالة الحداد العامة وانشغال المسؤولين الايرانيين بمتابعة الاوضاع الصعبة في بام، مشيرين الى ان الاجواء غير مهيئة حاليا لتلك الخطوة. وقد ارسلت ايران رفضها عبر سفيرها في الامم المتحدة الى الولايات المتحدة. و لم يؤثر الرفض الايراني على ارسال واشنطن المزيد من المساعدات، اذ ارسلت واشنطن اول من امس فريقا من 84 عضوا من الوكالة الاميركية للتنمية وطائرتين محملتين بالمساعدات.

وكان مراقبون قد اكدوا ان الولايات المتحدة سارت بسرعة كبيرة في علاقاتها مع ايران بعدما قررت في اسبوع واحد ارسال مساعدات انسانية الى بام وفريق طبي كبير، وتبع ذلك قرار هام يقضي برفع مؤقت وجزئي للعقوبات المفروضة على طهران منذ عام 1980 للاسراع بوتيرة ارسال مساعدات الى ضحايا الزلزال، ثم مبادرة ارسال وفد رفيع المستوى. وعلى الرغم من ان المسؤولين بالادارة الاميركية شددوا على ان الوفد الذي كان مقترحا ارساله هو لدواع انسانية ولتسليم دفعة جديدة من معونات الاغاثة، الا ان مراقبين قالوا ان الفكرة تؤكد اهتمام واشنطن بمد علاقات مع ايران مستغلة كارثة الزلزال. ويأتي ذلك فيما ذكرت المصادر ان الرئيس بوش فكر في ارسال اخته دورثي ضمن الوفد الاميركي الذي طلب زيارة ايران.

وعلى صعيد الوضع الانساني في بام، نقلت وكالة الانباء الايرانية عن احد قادة حرس الثورة قوله امس ان 35 الف شخص على الاقل قضوا في زلزال بام. كما قدر حسين فتاحي القائد المساعد في حرس الثورة في المنطقة عدد الجرحي بحوالي 17 الفا في الزلزال الذي ضرب المنطقة في 26 من الشهر الماضي. لكن عباس اسماعيلي، رئيس المجلس البلدي، قال ان عدد القتلى يتجاوز 50 الفا. من جهته قال متحدث باسم حاكم المنطقة ان هذا الرقم يبقى مجرد «تخمين» لا يمكن تأكيده قبل رفع كل الانقاض.

الى ذلك، ذكرت وكالة الانباء الايرانية ان هزة ارضية جديدة بقوة 5.3 درجة على مقياس ريختر ضربت مساء اول من امس في الساعة 21.51 بالتوقيت المحلي (18.21 تغ) منطقة بام. وقالت الوكالة انه لم يسجل ضحايا او اضرار. وكانت اجهزة رصد الزلازل الايرانية تحدثت الخميس الماضي عن 29 هزة ارتدادية.

من جهة ثانية، اعلنت الامم المتحدة والاتحاد الدولي للصليب الاحمر والهلال الاحمر انهما سيوجهان الاربعاء المقبل نداء مشتركا لتقديم مساعدات الى مدينة بام المنكوبة. وسيوجه النداء بمناسبة الزيارة التي سيقوم بها الى بام الرئيس الايراني محمد خاتمي ومساعد الامين العام للامم المتحدة يان ايغلاند ورئيس الاتحاد الدولي للصليب والهلال الاحمر جوان مانويل ديل تورو ووزير الخارجية الايراني كمال خرازي.