أحد القضاة المرشحين لمحاكمة الرئيس العراقي المخلوع: صدام سيظل بريئا حتى تثبت إدانته

القاضي وائل عبد اللطيف: المحكمة ستكون جنائية عراقية بالكامل والمحاكمة علنية لكي يتابعها الجميع

TT

سيتمكن الرئيس العراقي السابق صدام حسين من ارتداء ما يعجبه من ملابس، سواء كان بدلة اوروبية وربطة عنق أو زيا عربيا (دشداشة وكوفية وعقال) وهو يمثل في قفص الاتهام أمام المحكمة الخاصة التي ستحاكم أركان نظامه السابقين.

هذا ما اكده القاضي وائل عبد اللطيف، عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق، الذي اضاف أن محكمة الجنايات الخاصة التي ستحاكم صدام حسين واعضاء قيادته سوف تتألف من خمسة قضاة ومن هيئة للادعاء العام اضافة الى هيئة الدفاع (المحامين).

وقال القاضي وائل عبد اللطيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقر اقامته في مدينة البصرة، التي يشغل أيضا منصب محافظها، أمس ان القانون يقول ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وعلى هذا الاساس فان صدام حسين حتى الان وفي نظر القضاء بريء ما لم يمثل امام المحكمة الخاصة وتوجه التهم اليه واثباتها.

* ما هي طبيعة المحكمة الخاصة التي شكلها مجلس الحكم لمحاكمة صدام حسين واعضاء النظام السابق؟

ـ هذه المحكمة شرعت بقانون، لا يختلف كثيرا عن قانون المحاكم الجنائية، لكننا أكدنا في قانون هذه المحكمة على وجوب مثول المتهمين امام القضاة وسماع لوائح الاتهام وتعريفهم حقوقهم في الدفاع عن انفسهم، كما يجب ان يكون المتهم على اطلاع بالقوانين التي سيحاكم بموجبها، والمحكمة شكلت وفق قانون الاحوال الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل الذي يتناول سن انواع المحاكم وهو قانون اجرائي بحت.

* اذن هي محكمة خاصة؟

ـ هي محكمة جنائية خاصة وقد أخذ في تشكيلها آراء رجال قانون عرب وعراقيين ودوليين ورأي الامم المتحدة، كما جرت دراسة القوانين وهيكلية المحاكم المشابهة دوليا.

* لكن المحاكم الخاصة والثورية مثل محكمة الثورة وغيرها قد ألغيت بزوال النظام السابق، وتشكيل مثل هذه المحاكم لا يتناسب مع التوجه الديمقراطي للعراق؟

ـ هذه لا تشبه المحاكم الخاصة و(الثورية) التي كان يشكلها النظام السابق حيث لم يكن من حق المتهم الدفاع عن نفسه او استئناف الحكم، وكانت القرارات تتخذ قبل مثول الاشخاص امام المحكمة وتنفذ العقوبات بحقهم مباشرة، ثم ان الديمقراطية لا تعني ترك المجرمين طلقاء، صدام حسين واعضاء نظامه كانوا على رأس السلطة وهم يتحملون مسؤولية كافة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب ولم يحافظوا على حياة شعبهم وحقوقه.

* هل حدد القانون عدد القضاة؟

ـ نعم تم تحديد عدد القضاة بخمسة بدلا من ثلاثة كما هو معمول في المحاكم الجنائية العادية، ثم ان القانون لم يناقش موضوع المحكمة فقط بل القضاة وهيئة الادعاء العام وهيئة الدفاع، وبالتالي فان هذا القانون هو عبارة عن نظام قضائي متكامل، وقد تم تدريب القضاة وهيئة الادعاء العام والدفاع ليعملوا وفق صيغ حضارية كما هو معمول به في المحاكم المتطورة.

* هل سيكون القضاة عراقيين؟

ـ نعم جميع القضاة عراقيون، وكذلك هيئة الادعاء العام والدفاع. المحكمة ستكون عراقية وطنية لا يتدخل بها اي عنصر اجنبي وهذا كان شرطنا وقد تحقق.

* ما هي التهم التي ستوجه الى صدام حسين واعضاء قيادته؟

ـ الابادة الجماعية، تغيير الواقع البيئي، استخدام الاسلحة الكيماوية لقتل ابناء الشعب العراقي، سحب حقوق المواطنة (الجنسية) من العراقيين، شن الحروب على دول الجوار، اضاف إلى المسؤولية عن المقابر الجماعية.

* اين سيكون مقر المحكمة؟

ـ لاسباب امنية سيتم التكتم على موقعها حتى يعلن عنها.

* هل تم تعيين القضاة؟

ـ تم تعيين بعضهم.

* هل ستكون انت ضمن القضاة باعتبارك قاضيا وعضوا في مجلس الحكم؟

ـ ربما.

* ربما أم مؤكد؟

ـ اعتقد اني ساكون ضمن هيئة القضاة.

* وهل ستكون المحكمة علنية؟

ـ بالتأكيد ستكون علنية حتى يطلع الشعب العراقي والعالم على مجرياتها.

* متى سيحال صدام حسين واعضاء نظامه الى هذه المحكمة؟

ـ المتهمون موجودون حتى الان لدى قوات التحالف للتحقيق معهم حول اسلحة الدمار الشامل.

* ما هي آلية احالتهم الى المحكمة؟

ـ في البدء يجب احالة كل متهم منهم الى قاضي التحقيق وفق اتهامات معينة وبعد ان يحقق القاضي مع المتهم سيتوصل الى قناعة سواء تمت احالة المتهم الى المحكمة او اطلاق سراحه، فان اقتنع بالتهم يحال المتهم عند ذاك الى المحكمة التي ستحدد موعد المحاكمة ليتم تبليغ المتهم وهيئة الادعاء العام والدفاع بذلك.

* تحدثت الاخبار عن تطوع محامين عرب للدفاع عن صدام حسين، هل تقدم اليكم اي منهم؟

ـ ما فائدة المحامين الان؟ ليست هناك اية قضية ولا متهم ولا لائحة اتهام ولا محكمة ولا موعد محدد للمحاكمة ولا اوراق تحقيق او قرار قاضي التحقيق، لمن يتقدم المحامي الان وعن اي متهم يترافع ووفق اية تهمة؟

* هل سيقف صدام حسين في قفص الاتهام؟

ـ بالطبع، اي متهم يمثل امام المحكمة يجب ان يقف في قفص الاتهام حتى يعرف حدوده وحدود المحكمة وبانه متهم.

* ماذا سيرتدي صدام حسين في المحكمة؟

ـ له الحق في ان يرتدي ما يعجبه سواء كانت بدلة اوروبية وربطة عنق او الزي العربي.

* وفي السجن ماذا سيرتدي؟

ـ سيرتدي ملابسه الاعتيادية.

* تعني انه لا يرتدي الملابس الخاصة بالسجن؟

ـ صدام حسين واعضاء النظام السابق ابرياء ما لم تثبت ادانتهم، ولهذا لهم الحق بارتداء ما يريدونه في السجن وفي المحكمة، وعندما يصدر قرار القضاة بسجنهم عند ذاك يرتدون الملابس الخاصة بالسجناء مثلهم مثل بقية السجناء.

* ما هو الوقت الذي ستستغرقه هذه المحاكمات؟

ـ هذه قضايا ليست سهلة وبالتالي فان هذه المحاكمات ستأخذ وقتها ومداها الزمني لان القضايا لا تتعلق بالعراق والعراقيين فحسب بل تهم العرب والعالم، وكذلك المحالون اليها هم ليسوا اشخاصا عاديين بل رئيس جمهورية سابق واعضاء نظام سابق، اتوقع أن تأخذ التحقيقات أشهرا عديدة، ومن ثم تبدأ المرافعات اما هيئة القضاة.

* هل تتوقع ان يحكم صدام حسين بالاعدام؟

ـ انا قاض وكنت رئيس محكمة جنايات، ومثل امامي الكثير من المتهمين والمجرمين في قضايا مختلفة، والقاضي اذا اعطى رأيه مسبقا فسوف يكون قاضيا فاشلا وبعيدا عن النزاهة التي يتطلبها القضاء، واذا قلت لك ان الاعدام سيكون مصير صدام حسين فسأكون قد حكمت عليه مسبقا ولا داعي لعقد المحكمة.

* لنغير صيغة السؤال، باعتبارك قاضيا وقرأت عن متهم يتحمل مسؤولية الجرائم التي ذكرتها سابقا، باعتقادك ماذا ستكون عقوبته؟

ـ ايضا لا استطيع الاجابة عن سؤال كهذا، لكنني اقول لك إن قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 يحدد 46 عقوبة بالاعدام.

* لكن عقوبة الاعدام ممنوعة حاليا في العراق؟

ـ بحكم قرارات الامم المتحدة 1383، 1500 و1511 يعتبر العراق محتلا من قبل دولة اخرى، والبلد بحكم ذلك مسلوب السيادة، ويعتبر السفير الاميركي بريمر هو الحاكم المدني وبحكم صلاحياته فقد علق عقوبة الاعدام ولم يلغها حتى تعود السيادة الى العراقيين. وقد ناقشنا في مجلس الحكم مطولا موضوع الغاء عقوبة الاعدام من القوانين العراقية او الابقاء عليها وتوصلنا الى نتيجة هي اننا دولة تتبع الشريعة الاسلامية، والاعدام وارد في الشريعة الاسلامية لهذا فإن هذه العقوبة لم تلغ وانما هي معلقة بناء على توصيات من الامم المتحدة.

* هل ستشارك الامم المتحدة في محاكمات صدام حسين وبقية اعضاء النظام السابق؟

ـ كوفي أنان اكد على عدم مشاركة الامم المتحدة في هذه المحاكمات اذا كانت ستحكم باعدام اي متهم، وكان شرطه الغاء عقوبة الاعدام مقابل مشاركتهم، وبما ان مجلس الحكم يرى بابقاء هذه العقوبة فان بريمر وعد بتطبيقها في حالة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

* كيف تنظر الى صدام حسين؟

ـ صدام حسين واعضاء نظامه ابرياء حتى تثبت ادانتهم.

* بالرغم مما عاناه الشعب العراقي من نظامهم؟

ـ انا أحد ضحايا نظام صدام حسين. فقد اعتقلت عام 1994 عاما كاملا في زنزانة انفرادية ضيقة وعذبت في سجون دائرة الامن العامة ومنعت من ممارسة مهنتي كقاض او محام او العمل في دوائر الدولة كما منعت من السفر لعدم تنفيذي قرارات المحاكم الخاصة ومحاكم الامن والمخابرات، ومع ذلك وكقاض يجب ان انظر الى اي قضية بعيدا عن اي موقف مسبق.

* هل زرتم انتم او اي من القضاة صدام حسين او أيا من اعضاء نظامه؟

ـ لا نزورهم كونهم معتقلين لدى قوات التحالف.

* ومتى سيتم تسليمهم اليكم؟

ـ سيتم تسليمهم الى الحكومة العراقية المقبلة لتحيلهم الى المحكمة.

* متى بدأت مهنتك كقاض؟

ـ تخرجت من كلية القانون عام 1973 ثم درست في المعهد القضائي وبدأت امارس مهنتي كقاض منذ عام 1980، عملت قاضيا في محاكم جنائيات البصرة والعمارة والكوت والناصرية والشطرة.