أجهزة استخباراتية في 3 قارات تراقب 3 رحلات محددة «مشبوهة» من لندن وباريس والمكسيك إلى أميركا

TT

كشف مسؤولون امنيون ان حجز «شخص مدرج ضمن القائمة الاميركية الخاصة بالمشتبه في علاقتهم بالارهاب» للسفر من لندن الى واشنطن يوم الخميس الماضي كان وراء الغاء تلك الرحلة، في وقت قال فيه مسؤولون اميركيون ان اجهزة الاستخبارات في ثلاث قارات تركز تحرياتها حول 3 رحلات دولية محددة، واحدة من لندن الى واشطن والاخريان من باريس ومكسيكيو سيتي الى لوس انجليس، يشتبه في ان تنظيم «القاعدة» يخطط لخطف واحدة منها والهجوم بها داخل الولايات المتحدة. وكانت شركة الخطوط الجوية البريطانية «بريتيش ايروايز» قد الغت يومي الخميس والجمعة الرحلة رقم 223 بين مطار هيثرو بلندن ومطار دالس في واشنطن بعد تلقيها تحذيراً امنياً من الحكومة البريطانية، إلا انها سيرت تلك الرحلة امس. والغت «بريتيش ايروايز» ايضاً رحلتها التي كان مقرراً ان تقلع امس من لندن الى الرياض ورحلة العودة المقررة اليوم الاحد «لاسباب امنية» حسبما افادت الشركة التي قالت ايضاً انها ستدرس خلال عطلة نهاية الاسبوع ما اذا كانت ستلغي رحلة الاثنين. وقال مسؤولون استخباراتيون ان اكثر من 15 رحلة جوية تم الغاؤها او تأخيرها او تحويل مسارها او حراستها من قبل مقاتلات اميركية خلال الاسبوعين الماضيين. واضاف المسؤولون ان تلك الرحلات المعنية حددت بدقة بالغة مواعيدها وارقامها ومساراتها من خلال اعتراض اتصالات واستجواب معتقلين من «القاعدة» ومخبرين آخرين موثوقين.

ومن جانبها، كشفت هيئة الاذاعة البريطانية «بي. بي. سي» امس، نقلاً عن مصدر امني، ان رجلا تشتبه الولايات المتحدة بأنه ارهابي اراد ان يستقل الرحلة رقم 223 لـ«بريتش ايرويز» بين لندن وواشنطن الخميس الماضي التي الغيت «لأسباب امنية». واضاف المصدر ان هذا الشخص «المدرج ضمن اللائحة الاميركية للمشتبه في علاقاتهم بالارهاب» لم يعد في اليوم التالي (الجمعة) عندما الغيت الرحلة ذاتها للمرة الثانية. ونقلت الاذاعة عن مايكل مايسون المدير المساعد بمكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي) قوله ان اجهزة الاستخبارات الاميركية «اعترضت عددا من المكالمات الهاتفية المشفرة التي اكدت اهتماما خاصا تبديه شبكة «القاعدة» برحلة معينة». واوضحت الاذاعة نقلا عن برنامج بثته شبكة «ايه. بي. سي» الاميركية للتلفزيون ان «مؤامرة ارهابية تهدف الى خطف طائرة الرحلة رقم 223 وتدميرها في احد الاهداف الاميركية». ومن جهته، قال آلستر دارلينغ وزير النقل البريطاني للاذاعة ان الحكومة تلقت «معلومات محددة» ادت الى الغاء الرحلة رقم 223 .

ومن جانبها، قالت مساعدة وزير الامن الداخلي الاميركي اسا هاتشنسن الليلة قبل الماضية ان الولايات المتحدة ما كانت ستتخذ اجراءات امنية مشددة في الطيران المدني لو لم تحصل على «معلومات محددة» من اجهزة الاستخبارات في هذا الشأن. وكانت سبع رحلات دولية متوجهة الى الولايات المتحدة الغيت منذ اعلان رفع حالة التأهب الى «المرتفع جداً» المشار اليه باللون البرتقالي في 21 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، ثلاث منها من فرنسا ورحلتان من بريطانيا ورحلتان من المكسيك.

وقالت هاتشنسن: «في بعض الحالات كان من الضروري الغاء رحلة لاسباب امنية نظرا لمعلومات تلقيناها»، مؤكدة ان هذا الاجراء «نادر لأن تدابير اخرى اتخذت» لضمان سلامة النقل الجوي. واضافت ان الحكومة الاميركية لن تتخذ خطوات كهذه بالتنسيق مع حكومة اخرى «اذا لم تكن تعتقد بوجود معلومات استخباراتية محددة». وبعد ان اكدت ان القرار الاميركي في هذا الشأن «صائب»، قالت هاتشنسن ان «الارهابيين قد يسعون الى استخدام شخص مجهول لدى اجهزة الاستخبارات لخطف طائرة او تنفيذ اعتداءات مثل تلك التي وقعت في سبتمبر (ايلول) 2001». وتابعت: «من الممكن ان يسعى الارهابيون الى استخدام شخص لا ملف سابق له ولا تربطه بهم علاقة قديمة. قد نكون منعنا محاولة من هذا النوع وهذا ما قد لا نعرفه ابدا».

واكدت المسؤولة الاميركية في الوقت نفسه ان كل هذه الاجراءات الامنية بما فيها رفع حالة التأهب الوطني تتسم بأثر «ردعي» على المجموعات الارهابية. واوضحت ان الشركات الجوية «متعاونة جدا» مع السلطات.

وتحدث خبراء ايضا عن تهديدات ارهابية محددة جدا. وقال بول بيفر الخبير البريطاني في مسائل الدفاع والامن: «لدينا معلومات تتحدث عن خطة لخطف طائرة وتدميرها فوق واشنطن او صدمها بشيء ما»، مشددا على ان «واشنطن هدف مفضل للارهابيين». واضاف بيفر الذي كان يرأس تحرير مجلة «جينز ديفينس ويكلي» الدفاعية المتخصصة: «انه امر غير عادي ابدا. كل ما اعرفه هو ان هناك تهديدا حقيقيا ومحددا». ومن جهته، رأى الخبير في مركز دراسات الدفاع في معهد «كينغ تيموثي غاردن» ان «هناك بالتأكيد معلومات محددة تشير الى تهديد كبير الى درجة يستحق معها عناء التسبب في ازعاج حركة الطيران لتجنب اعتداء محتمل».

وفي باريس، قال قائد الدفاع الجوي الفرنسي الجنرال جان باتريك غافيار ان نحو 15 طائرة ميراج 2000 تراقب حاليا المجال الجوي الفرنسي في اطار التدابير الامنية بسبب التهديدات الارهابية المحتملة. واضاف: «منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) مع (تعزيز خطة) «فيجيبيرات» رفعنا مستوى دفاعاتنا الجوية. وتقوم نحو 15 طائرة ميراج من ست قواعد جوية مختلفة بمراقبة كامل الاراضي والتدخل بشكل سريع». وتابع قائلاً: «لدينا مروحية يمكن ارسالها الى مكان ما اذا دعت الحاجة وطائرة لتزويد الوقود في الجو وطائرة استطلاع اواكس في حال تأهب وهناك مائة اجهزة رادار مدنية وعسكرية. انها اهم ترتيبات للدفاع الجوي على المستوى الاوروبي بمستوى الترتيبات الاميركية». واوضح انه في 20 ديسمبر واستنادا الى مصادر في الاستخبارات الوزارية «زادت رحلاتنا وقمنا بثلاث الى اربع رحلات استطلاعية يوميا» لمواكبة رحلات مدنية «قادمة من اميركا الشمالية او متوجهة الى الولايات المتحدة». واكد انه يتم ابلاغ قائد كل رحلة بهذا الاجراء.