ربع الحيوانات والنباتات في العالم مهدد بالانقراض بنهاية منتصف القرن الحالي بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري

بحث كوني شمل مناطق مختلفة على الكرة الأرضية يشير إلى احتمال انقراض نحو 1.25 مليون نوع من الحيوانات والنباتات

TT

في دراسة تعتبر الاولى من نوعها، توصل باحثون في مجال مواطن الكائنات وبيئاتها الطبيعية في عدة مناطق من بينها شمال بريطانيا، والمناطق المدارية شمال شرقي استراليا، وصحراء المكسيك، الى ان ازدياد نسبة ثاني اوكسيد الكربون والغازات الاخرى في الجو بالمعدلات المتوقعة حاليا، ستدفع نسبة 15 في المائة الى 37 في المائة من الحيوانات والنباتات الى الانقراض بنهاية منتصف القرن الحالي. وطالب الباحثون الذين أبدوا انزعاجا بالغا ازاء هذه النتائج، بـ«التطبيق السريع للتقنيات اللازمة للحد من نسبة انبعاث الغازات الناتجة عن النشاط البشري»، كما حذروا ايضا من ان معدل الانقراض ربما يزداد الى مستويات اعلى بسبب التداخل والتفاعل المشترك بين التغيرات المناخية الكونية وتدمير البيئات والمواطن الطبيعية للحيوانات والنباتات بسبب الزراعة وتغوّل، او سيادة، انواع من الكائنات على بيئات ومواطن لكائنات اخرى، فضلا عن عوامل اخرى.

ويقول كريس توماس، استاذ علوم البيئة بجامعة ليدز البريطانية، ان التقدير المتوسط يشير الى ان نسبة 24 في المائة من النباتات والحيوانات ستكون عرضة للانقراض بنهاية العام 2050. وأضاف ان عملية الانقراض المتوقعة لا تدخل ضمن عمليات الانقراض المحدودة التي تحدث عرضا، وإنما عملية يحتمل ان تقود الى انقراض ما لا يقل عن 1.25 مليون من الحيوانات والنباتات. وتعد هذه الدراسة الاولى التي يتوصل فيها الباحثون الى تحليل كوني يتضمن تقديرات محددة لآثار المتغيرات المناخية الكونية على البيئات والمواطن الطبيعية لبعض الحيوانات والنباتات. وكانت بحوث سابقة، اجري معظمها بواسطة نفس الباحثين، قد ركزت على مناطق اصغر حجما وأنواع كائنات اقل عددا. ويقود توماس فريق باحثين عالمي يتكون من 19 عضوا اجروا مسحا واسعا على تدهور اوضاع البيئات والمواطن الطبيعية لـ1103 أنواع من الحيوانات في خمس مناطق في اوبوبا وكوينزلاند باستراليا، وصحراء تشيهواهوان بالمكسيك، ومنطقة الامازون بالبرازيل وموقع بمنطقة الكاب في جنوب افريقيا. ومن المقرر ان تكون نتائج الدراسة قد نشرت امس في مجلة «نيتشر» العلمية. تضم المناطق الخمس المذكورة 20 في المائة من مساحة سطح الارض، كما تحتوي ايضا على عدد من البيئات الارضية. وأوضح توماس، الذي كان يتحدث في لقاء هاتفي مع مقر عمله بجامعة ليدز، ان النتائج ستكون اشمل واكثر فائدة اذا جرى توسيع مجال البحث، لكنه اكد في نفس الوقت عدم وجود سبب يدعو للاعتقاد في ان توسيع مجال البحث سيؤدي الى تغيير كبير في النتائج التي تم التوصل اليها مسبقا. وقال باحثون ان المجال الجغرافي الواسع ساعد في التغلب على عوامل خارجية ربما تؤثر على اقليم واحد فقط، فقد اشار الباحث لي هانا، الذي كان ضمن فريق البحث الذي عمل في جنوب افريقيا، ان فترة الجفاف الطويلة ربما تسببت في الموت التدريجي لبراعم النباتات في بعض المناطق وإحداث تغييرات في مناطق اخرى.

* جدال علمي

* وعلى الرغم من ان ارتفاع درجات حرارة الارض بات امرا لا جدال حوله، فإن الجدل حول اسباب وسرعة التغيير لا تزال مسألة مختلفا عليها، اذ لا تزال غالبية العلماء تعتقد في ان السبب وراء ارتفاع نسبة الحرارة الكونية يكمن في الآثار التراكمية الناتجة عن انبعاث ثاني اوكسيد الكربون والغازات الاخرى المتصلة بالنشاط البشري، مثل تلك المنبعثة من محطات الطاقة والصناعات الاخرى، اذ يتسبب كل من ثاني اوكسيد الكربون وهذه الغازات في حبس الحرارة في الغلاف الجوي. ومن جانبه، انتقد ويليام اوكيف، المسؤول في معهد «جورج مارشال» المتخصص في سياسات العلوم والبيئة، الدراسة الاخيرة التي توصلت الى النتائج المذكورة على اعتبار ان البحث تجاهل قدرة انواع الحيوانات والنباتات على التكيف مع درجات الحرارة الاعلى مستوى، وقال ايضا ان التكنولوجيا لن تتوصل الى تقليل نسبة انبعاث الغازات.

اما خبراء المناخ، فقد توصلوا الى نماذج افتراضية وصفوا من خلالها تغيرات درجات الحرارة التي حدثت في مناطق محددة خلال فترة 30000 عام. واستخدمت دراسة مجلة «نيتشر» توقعات الامم المتحدة التي اشارت الى احتمال ارتفاع متوسط درجات الحرارة الى معدل يتراوح بين 2.5 و10.4 درجة فهرنهايت. وكان فريق البحث قد حسب آثار تغيرات المناخ على انقراض بعض الانواع باستخدام ما اطلق عليه خبيرا البيئة ج. بوندز وروبرت بوشندورف في مقالة نشرت مع الدراسة «واحدا من قوانين البيئة الصارمة»، وهو ان تراجع وتقلص البيئات والمواطن الطبيعية للحيوانات والنباتات يعني تراجع دعم ومساندة هذه البيئات ازاء هذه الكائنات.

تناولت الدراسة مجموعة من الاحتمالات القائمة على اساس مقدرة كل نوع من الكائنات على الحركة الى بيئة طبيعية اخرى هربا من ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي. وتوصلت الى ان هذه الكائنات اذا باتت قادرة على الحركة او «الانتشار»، فإن نسبة 15 في المائة فقط منها ستنقرض بصورة نهائية بنهاية عام 2050. اما في حالة عدم قدرة هذه الكائنات على الانتشار، فإن معدل الانقراض ربما يرتفع الى 37 في المائة. وللتدليل على الواقع الراهن اشار توماس الى نوع من الفراشات في بريطانيا انتقل مسافة 160 ميلا شمالا خلال الفترة من عام 1982 حتى عام 1997 وهي تتغذى طوال هذه المسافة خلال مرحلة نموها على انواع من النباتات. وبالمقابل، يحتاج نوع الفراشات الزرقاء الى التحرك باتجاه مناطق شمال بريطانيا لكنه لا يستطيع ذلك بسبب حاجة هذا النوع الى مروج منخفضة، فضلا عن ان الفوارق بين كل موطن أو بيئة طبيعية والاخرى واسعة لا يستطيع هذا النوع من الفراشات، الذي يتميز بالاجنحة الضعيفة، من التغلب عليها ونتيجة لذلك باتت اعدادها في تراجع مستمر، حسبما اشار توماس.

*خدمة «واشنطن بوست»:

خاص بـ«الشرق الأوسط»